إن الرُسُلَ قد فهموا أيضاً أن سفر التكوين يقدّمُ سرداً للتاريخ الحقيقيّ للعالم. فالرسول بولس الذي قد كتبَ بالوَحيِ المقدس ما يَقرُبُ مِن نِصفِ أسفارِ العهد الجديد، كانَ قد أشارَ إلى آدم وحوَّاءَ على أنَّهُما شَخصيَّتَان حقيقيّتان (انظر رومية ٥: ١٢–١٤؛ ١كورنثوس ١٥: ٢١–٢٢؛ ٢ كورنثوس ١١: ٣) وقد قام بشرح العقائد المسيحيَّةَ بالإستناد إلى هذه الحقيقة (مثال. ١ تيموثاوس ٢: ١٢–١٥). و في الحقيقة نجد أن مجملَ التعليم اللاهوتي الذي يُستَخلَصُ من كتابات بولسَ الرسول سوف يَسقُطُ في حال لمْ يَكُنْ سفرُ التكوين قد قدَّم تاريخاً حقيقيّاً.
على سبيل المثال، لقد قارَنَ بولس بين المسيح وآدم في رسالة كونثوس الأولى ١٥: ٢١–٢٢. حيث أشار إلى المسيح على أنَّه ”آدم الأخير“ الذي أخذ موضعَ آدم الأوَّل على الصليب (١ كورنثوس ١٥: ٤٥–٤٧). فإن كان آدم الأول مجرد شخصيَّة خيالية، حينئذٍ لن يكون للمقارنة التي قام بها بولس أي معنىً.
بُطرسُ الرسولُ هو الآخرُ قد أخذَ سفرَ التكوينِ على أساسٍ حرفيّ. فقد كتبَ عن نوحَ والطوفانَ على أساسِ أنهُ التاريخ الحقيقيّ (١بطرس ٣: ٢٠؛ ٢بطرس ٢: ٥). ومن الواضح أيضاً أن يوحنا الرسول قد آمن بأنَّ سفرَ التكوينِ هو سفرٌ تاريخيٌّ، على اعتبارِ أنه كتبَ عن قايينَ وهابيل (١يوحنا ٣: ١٢). يهوذا الآخر أشار إلى الأشخاصِ والأماكنِ والأحداثِ التي ذُكِرَت في سفرِ التكوين: سدوم وعمورة (يهوذا ٧)، موسى (يهوذا ٩)، قايين (يهوذا ١١). يعقوب الرسول أيضاً أشار إلى ابراهيم على أنه شخص حقيقيّ (يعقوب ٢: ٢١). وفي رسالة العبرانيين نجد إشارات إلى عدد من الأشخاص المذكورين في سفر التكوين: قايين وهابيل (عبرانيين ١١: ٤)، أخنوخ (عبرانيين ١١: ٥)، نوح (عبرانيين (١١: ٧)، وابراهيم (عبرانيين ١١: ٨). فكل الأصحاح الحادي عشر لن يحملَ أيَّ معنىً فيما لو لم تكن هذه الأسماء لشخصياتٍ حقيقية. وسوف لن نجد في أي مكان في الكتاب المقدَّس إشارة إلى أن سفر التكوين يؤخذ على أساسٍ غير أساسِ أنَّه السفر التاريخي الذي يسرد الأحداث الحقيقية.