أهمية سفر التكوين

إن سفر التكوين ليس مجرّد مجموعة من القصص الأخلاقية أو الخرافات التي تتناول موضوع الأُصول. إنما هو سفر يضع الأساسات التي تستقر عليها بقية أسفار الكتاب المقدَّس. وسفر التكوين ضروري لفهم الله كخالقٍ، وقاضٍ، ومخلّصٍ لنا. وكل العقائد المسيحيّة الحيوية تجد جذورها في سجلات سفر التكوين. ويجب علينا أن نكون على حرص حين نتعامل مع أول سفر من الأسفار الإلهية كحرصنا  في التعامل مع سفر التثنية أو الملوك أو المزامير أو البشائر (الأناجيل).

إن أهمية سفر التكوين هو أنَّه سفرٌ موحى به من الله. فمؤلّف الكتاب المُقدَّس بأكمله قد ابتدأ إعلاناته في سفر التكوين وأنهاها في سفر الرؤيا. ويجب علينا ألا نستخف بالطابع المُقدَّس لسفر التكوين.

إن أهمية سفر التكوين هي في أنه يقدم سرداً تاريخياً حقيقياً. وكل من القواعد العبرية والمصطلحات وبناء الجمل والسياق الأدبي تحدد أنه تسجيل تاريخي. وليس من مكان لتفسير سفر التكوين على الأساس الرمزي الذي يصور إلهاً مرتبكاً. إذ أنَّ نص سفر التكوين لن يسمح بهذا النوع من التفاسير غير الدقيقة أو الفضفاضة، وكذا تفعل بقية الأسفار المقدَّسة.

إن أهمية سفر التكوين هي أنَّه سفرٌ ضروري للتعرف على الله. ولن تكون معرفتنا وافية عن الله إن لم ندرس سفر التكوين بعناية وحرص. فالله أراد أن يُعرِّف البشرية بأنَّه في البدء خلق السماوات والأرض. إن كل من تفرّد الحياة الإنسانية، علاقة الشركة مع الله، نموذج الزواج، دخول الخطيئة إلى العالم، نتائج الموت، ودينونة الله العادلة هي سمات من سفر التكوين توجه كل إنسان نحو معرفة الله، ومن خلال معرفتنا للخالق سنعرف المخلِّص.

إن أهمية سفر التكوين تظهر بشدة في عصرنا الراهن إذ أن حضارتنا تعمل على استبعاد الله من جميع أفكار وجوانب حياتنا البشرية. فالحكومات تُنكر الله. والمدارس تتجنب الحديث عنه. العلوم العلمانية تستهزئ بالذات الإلهية. كما أن الكثير الكثير من الكنائس تشوّه حقيقة كون الله هو الخالق من خلال البدع والهرطقات التي تدعو إلى إنكار الحقائق التاريخية المدوّنة في سفر التكوين. الخُدّام والكهنة والقساوسة يتجاهلون رسالة سفر التكوين متبنين مذاهب العلماء الليبراليّين الذين ينكرون أن آدم وحوّاء كانا شخصيتان تاريخيّتان، ويعتبرون أنَّ السقوط في الخطيئة كان رمزياً، وبأنَّ الطوفان الذي حدث في أيّام نوح كان مجرد دفقة من المياه وقعت في بلاد ما بين النهرين.

الآن هو الوقت لكي ينتفض أُناس الله ويقوموا بالعمل الشاق الموكل إليهم بتقديم الإجابات للمعترضين، مُتَبَنّين الرسالة الكاملة للوحي الإلهي، ابتداءاً من سفر التكوين، من أجل الدفاع السليم عن الكتاب المُقدَّس وإقناع الناس بكلّ وداعة وتواضع على أمل أن يخلصوا.