الإعتراض #١٢٨، هل انطلق بولس الرسول من دمشق إلى أورشليم مباشرةً بعد تحوُّله؟
يقول المعترض أن أعمال الرسل ٩: ٢٦ تتناقض مع غلاطية ١: ١٦-١٧.
أعمال الرسل ٩: ٢٦”وَلَمَّا جَاءَ شَاوُلُ إِلَى أُورُشَلِيمَ حَاوَلَ أَنْ يَلْتَصِقَ بِالتَّلاَمِيذِ، وَكَانَ الْجَمِيعُ يَخَافُونَهُ غَيْرَ مُصَدِّقِينَ أَنَّهُ تِلْمِيذٌ.“
غلاطية١ : ١٦-١٧ ”أَنْ يُعْلِنَ ابْنَهُ فِيَّ لأُبَشِّرَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، لِلْوَقْتِ لَمْ أَسْتَشِرْ لَحْمًا وَدَمًا وَلاَ صَعِدْتُ إِلَى أُورُشَلِيمَ، إِلَى الرُّسُلِ الَّذِينَ قَبْلِي، بَلِ انْطَلَقْتُ إِلَى الْعَرَبِيَّةِ، ثُمَّ رَجَعْتُ أَيْضًا إِلَى دِمَشْقَ.“
إن هذا الإعتراض مبني على الفشل في القيام بقراءة دقيقة وأمينة للنصوص ضمن سياقها. إن الإجابة هي لا، بولس الرسول لم يتجه بشكل مباشر من دمشق إلى أورشليم بعد تحوُّله إلى الإيمان المسيحي الذي كان يضطهده قبلاً. ولا يوجد أي آية من الآيات التي ذكرها المعترض تقول بخلاف هذا الأمر. إن بولس قد بقي على الأقل عدَّة أيام في دمشق وذلك مذكور في أعمال الرسل ٩: ١٩ ”وَتَنَاوَلَ طَعَامًا فَتَقَوَّى. وَكَانَ شَاوُلُ مَعَ التَّلاَمِيذِ الَّذِينَ فِي دِمَشْقَ أَيَّامًا.“ أما حين نقرأ أعمال الرسل ٩: ٢٢-٢٣ فإننا نستطيع أن نميّز أنَّ شاول ”بولس“ قد قضى أياماً ليست بقليلة في دمشق قبل ذهابه إلى أورشليم ”وَأَمَّا شَاوُلُ فَكَانَ يَزْدَادُ قُوَّةً، وَيُحَيِّرُ الْيَهُودَ السَّاكِنِينَ فِي دِمَشْقَ مُحَقِّقًا «أَنَّ هذَا هُوَ الْمَسِيحُ». وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامٌ كَثِيرَةٌ تَشَاوَرَ الْيَهُودُ لِيَقْتُلُوهُ،“. كما أن الآيات الواردة في الرسالة إلى أهل غلاطية تتوافق بشكل كامل مع هذا السرد، حيث أنها تشير إلى أنَّ بولس قد اتجه إلى أورشليم بعد ثلاث سنوات من اعتناقه للإيمان ودفاعه عنه. إلا أنَّه تجدر الإشارة إلى أنَّ هذه الزيارة قد لا تكون الأولى، إذ أنَّه لا يوجد في النص ما يشير إلى كون هذه الزيارة هي أول زيارة إلى أورشليم، إنما هي أول زيارة بقصد اللقاء مع الرسل هذا ما نجده في غلاطية ١: ١٧-١٨ ”وَلاَ صَعِدْتُ إِلَى أُورُشَلِيمَ، إِلَى الرُّسُلِ الَّذِينَ قَبْلِي، بَلِ انْطَلَقْتُ إِلَى الْعَرَبِيَّةِ، ثُمَّ رَجَعْتُ أَيْضًا إِلَى دِمَشْقَ. ثُمَّ بَعْدَ ثَلاَثِ سِنِينَ صَعِدْتُ إِلَى أُورُشَلِيمَ لأَتَعَرَّفَ بِبُطْرُسَ، فَمَكَثْتُ عِنْدَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا.“. في المحصلة يمكننا القول أن المعترض قام بإضافة الأجزاء التي لم يذكرها النص بالإعتماد على مخيلته بطريقةٍ تتناسب مع ادعاءه بوجود تناقض.