يقول المعترض بان يوحنا ١٩: ١٤-١٦ تتناقض مع مرقس ١٤: ١٢، ١٥: ٢٥.
يوحنا ١٩: ١٤-١٦ ”وَكَانَ اسْتِعْدَادُ الْفِصْحِ، وَنَحْوُ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ. فَقَالَ لِلْيَهُودِ:«هُوَذَا مَلِكُكُمْ!». فَصَرَخُوا: «خُذْهُ! خُذْهُ! اصْلِبْهُ!» قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «أَأَصْلِبُ مَلِكَكُمْ؟» أَجَابَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ:«لَيْسَ لَنَا مَلِكٌ إِلاَّ قَيْصَرَ!». فَحِينَئِذٍ أَسْلَمَهُ إِلَيْهِمْ لِيُصْلَبَ. فَأَخَذُوا يَسُوعَ وَمَضَوْا بِهِ.“
مرقس ١٤: ١٢ ”وَفِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ مِنَ الْفَطِيرِ. حِينَ كَانُوا يَذْبَحُونَ الْفِصْحَ، قَالَ لَهُ تَلاَمِيذُهُ:«أَيْنَ تُرِيدُ أَنْ نَمْضِيَ وَنُعِدَّ لِتَأْكُلَ الْفِصْحَ؟»“
مرقس ١٥: ٢٥ ”وَكَانَتِ السَّاعَةُ الثَّالِثَةُ فَصَلَبُوهُ.“
لقد ارتكب المعترض مغالطة المفارقة التاريخية للمعنى، إضافةً إلى الفشل في القيام بقراءة دقيقة للآيات.
إن الإجابة ليست واحدةً من بين هاتين الإجابتين. فيسوع المسيح كان قد صُلِبَ في يوم الفصح وذلك بحسب الحساب اليهودي. وهنا يجب أن نتذكر بأن اليوم بحسب الحساب اليهودي يبدأ في المساء ويستمر حتى مساء اليوم التالي. واحتفال الفصح يقام في اليوم الرابع عشر من شهر نيسان (سفر العدد ٩: ٣، ٥)، وهذا يعني أن يسوع قد تناول عشاء الفصح مع تلاميذه في العلية مساء الخميس حيث قام بغسل أرجلهم بعد العشاء، وخرج إلى بستان جثيماني حيث أُلقي القبض عليه وفي صباح اليوم التالي أي الجمعة أُرسل إلى بيلاطس الذي أرسله ليصلب. وهذا حدث قبل غروب الشمس في يوم الجمعة أي أنه لا يزال في يوم الفصح. الذي يتبع بسبعة أيام الفطير التي لا يؤكل فيها خمير وهذا ما يرد في الخروج ١٢: ٦، ٨، ١٨
”6 وَيَكُونُ عِنْدَكُمْ تَحْتَ الْحِفْظِ إِلَى الْيَوْمِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ هذَا الشَّهْرِ. ثُمَّ يَذْبَحُهُ كُلُّ جُمْهُورِ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ فِي الْعَشِيَّةِ. 8 وَيَأْكُلُونَ اللَّحْمَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ مَشْوِيًّا بِالنَّارِ مَعَ فَطِيرٍ. عَلَى أَعْشَابٍ مُرَّةٍ يَأْكُلُونَهُ. 18 فِي الشَّهْرِ الأَوَّلِ، فِي الْيَوْمِ الرَّابعَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ، مَسَاءً، تَأْكُلُونَ فَطِيرًا إِلَى الْيَوْمِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مِنَ الشَّهْرِ مَسَاءً.“.
وبالتالي فإنه لا يمكن أن يكون المسيح قد تناول الفصح قبل عيد الفصح كما يحاول المعترض أو البعض من المفسرين أن يقولوا. وهذا السرد يتوافق مع ما ذكره مرقس ١٤: ١٢، ١٥: ٢٥.
إن الآيات الواردة في يوحنا ١٩: ١٤-١٦ تشير إلى أن المسيح قد صُلِبَ في ”استعداد الفصح“، وهنا نجد أن المعترض قد افترض بأن الفصح سوف يكون في اليوم التالي لذلك اليوم. إلا أن النص لا يقول ذلك. ولا يُحدِّد تاريخ الفصح. بل يتحدث عن استعداد الفصح والكلمة اليونانية المستخدمة لتشير إلى الإستعداد هي ”παρασκευή باراسكُويه“ وقد استخدمت ثلاث مرات في يوحنا وفي المرتين التان وردت فيهما عدا عن هذه الآية كانت تشير إلى السبت الذي يقع في أسبوع الفصح حيث أن الأسبوع الذي يلي يوم الفصح يحمل طابعاً مميزاً ويقدم فيه الكهنة الذبائح ، وهو يشمل ضمن ما يعرف باحتفال الفصح.
هذا الأمر يتضح أكثر من خلال قراءة الموضعين الذين وردت فيهما هذه الكلمة وهما (يوحنا ١٩: ٣١ ”ثُمَّ إِذْ كَانَ اسْتِعْدَادٌ، فَلِكَيْ لاَ تَبْقَى الأَجْسَادُ عَلَى الصَّلِيبِ فِي السَّبْتِ، لأَنَّ يَوْمَ ذلِكَ السَّبْتِ كَانَ عَظِيمًا، سَأَلَ الْيَهُودُ بِيلاَطُسَ أَنْ تُكْسَرَ سِيقَانُهُمْ وَيُرْفَعُوا.“) و (يوحنا ١٩: ٤٢ ”فَهُنَاكَ وَضَعَا يَسُوعَ لِسَبَبِ اسْتِعْدَادِ الْيَهُودِ، لأَنَّ الْقَبْرَ كَانَ قَرِيبًا.“)
إن هذا الأمر يظهر من خلال دراسة النص اليوناني بشكل أوضح ونجد انعكاس ذلك في عدد من الترجمات الإنكليزية للكتاب المقدس وفي الترجمة اليسوعية العربية. إلا أن المعترض لم يكلف نفسه عناء البحث ودراسة الآيات ضمن سياقها التاريخي إنما اعتمد على مخيلته في تحديد معنى النص بالشكل الذي يخدم ادعاءه بوجود تناقض.
٦- مغالطة المفارقة التاريخيّة للمعنى: وتحدث حين يقول الشخص باستدعاء معنى حديث للكلمة واستخدامه في قراءة النص في حين أنّ الكلمة لم تحمل ذلك المعنى في الوقت الذي كتبت به.