الإعتراض#١٨٩، هل طلب يسوع من الله أن يُنجيه من الصلب؟

يقول الناقد أنَّ متى ٢٦: ٣٦، ٤٢؛ مرقس ١٤: ٣٥-٣٦ ولوقا ٢٢: ٤١-٤٢ تتناقض مع يوحنا ١٢: ٢٧.

 متى ٢٦: ٣٦ ”حِينَئِذٍ جَاءَ مَعَهُمْ يَسُوعُ إِلَى ضَيْعَةٍ يُقَالُ لَهَا جَثْسَيْمَانِي، فَقَالَ لِلتَّلاَمِيذِ:«اجْلِسُوا ههُنَا حَتَّى أَمْضِيَ وَأُصَلِّيَ هُنَاكَ».“
متى ٢٦: ٤٢ ”فَمَضَى أَيْضًا ثَانِيَةً وَصَلَّى قَائِلاً:«يَا أَبَتَاهُ، إِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ تَعْبُرَ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسُ إِلاَّ أَنْ أَشْرَبَهَا، فَلْتَكُنْ مَشِيئَتُكَ».“
مرقس ١٤: ٣٥-٣٦ ”ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى الأَرْضِ، وَكَانَ يُصَلِّي لِكَيْ تَعْبُرَ عَنْهُ السَّاعَةُ إِنْ أَمْكَنَ. وَقَالَ:«يَا أَبَا الآبُ، كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ لَكَ، فَأَجِزْ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسَ. وَلكِنْ لِيَكُنْ لاَ مَا أُرِيدُ أَنَا، بَلْ مَا تُرِيدُ أَنْتَ».“
لوقا ٢٢: ٤١-٤٢ ”وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى قَائِلاً:«يَا أَبَتَاهُ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسَ. وَلكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ».“
يوحنا ١٢: ٢٧ ”اَلآنَ نَفْسِي قَدِ اضْطَرَبَتْ. وَمَاذَا أَقُولُ؟ أَيُّهَا الآبُ نَجِّنِي مِنْ هذِهِ السَّاعَةِ؟. وَلكِنْ لأَجْلِ هذَا أَتَيْتُ إِلَى هذِهِ السَّاعَةِ“

لقد فشل المعترض في القيام بقراءة أمينة للنصوص. إن يسوع كان مستعداً للموت لإتمام مشيئة أبيه وهو ما يظهر في متى ٢٦: ٤٢. وقد سأل: ”إِنْ أَمْكَنَ“ وهذا يعني، إن كان هناك أي طريقة أُخرى لإتمام الخلاص، أي إن كان الآب يشاء بأن يتجاوز يسوع الصليب (مرقس ١٤: ٣٥-٣٦؛ لوقا ٢٢: ٤١). لكن على اعتبار ان الصليب هو السبيل الوحيد للخلاص، فإن يسوع المسيح كان على كامل الإستعداد لإتمام الفداء من خلال الصليب. إن يوحنا ١٢: ٢٧ تؤكد هذا الأمر.
في رسالة العبرانيين ٥: ٧ نقرأ بأن طلبات المسيح قد استجيب لها ”الَّذِي، فِي أَيَّامِ جَسَدِهِ، إِذْ قَدَّمَ بِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ طَلِبَاتٍ وَتَضَرُّعَاتٍ لِلْقَادِرِ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنَ الْمَوْتِ، وَسُمِعَ لَهُ مِنْ أَجْلِ تَقْوَاهُ،“ – فإنه من الواضح أن يسوع لم يكن يطلب بشكل غير مشروط وذلك لأنه قد صُلِب.
إن الخطأ في هذا الإعتراض هو بشكل أساسي يتعلق بطبيعة الطلب. فالطلب القطعي يختلف عن الطلب الشرطي. فالطلب الشرطي يأتي بصيغة ”إذا كان (أ) إذا (ب)“ في حين أن الطلب القطعي يأتي بصيغة ”(ب)“. ولكن إن كان الفرض في الطلب الشرطي أي (أ) غير صحيح، فإن الطلب (ب) لن يكون له قيمة إذ أنَّ الشرط اللازم لم يتحقق. وفي الإعتراض الذي نناقشه فإن الشرط (أ) هو ”إن كان الخلاص ممكناً دون أن يُصلَب المسيح وإن كان ذلك موافقاً لمشيئة الله“ والطلب (ب) هو ”أن ينجو من الصليب“. 
إن المسيح قد امتلك غاية من من الصلاة والطلب وفق هذه الصيغة. فعلى اعتبار أننا نعرف بأن الله الآب يكرم الإبن ويستجيب له، ونحن نعرف بأنَّه فعل ذلك (العبرانيين ٥: ٧). فإن صلاة المسيح تُثبت أنَّ الخلاص ليس ممكناً دون الصليب وهذا الأمر مركزي في اللاهوت الكتابي المسيحي.
في الكثير من الإعتراضات يتجاهل النقاد أساسيات التعاليم المسيحية وخاصة فيما يتعلق بالثالوث المقدس والطبيعتين اللاهوتية والناسوتية للمسيح. ويتناسون أن الكتاب المقدس ليس شذرات متفرقة بل كتلة واحدة تقدم رسالة خلاص واحدة جوهرها هو الدم البريء المسفوك طوعاً على خشبة الصليب والذي أُنبئ به منذ السقوط حين كلَّم الله الحية في عدن ووعد بالمُخلِّص الذي سيسحق رأسها.
إن المسيح أتى ليصلب، وهو الإله المتجسد الذي اتخذ طبيعتنا وشابهنا في كل شيء عدا الخطيئة إلا أنَّه ارتضى أن يُحسب لعنةً ليتمم الفداء لجميع الذين يؤمنون به.