يعتقد الناقد بوجود تناقض بين سفر العدد ١٢: ٣ التي تقول بأنَّه كان حليماً ووديعاً وبين سفر العدد ٣١: ١٤-١٨ التي تقول بأنَّه لم يكن كذلك.
وَأَمَّا الرَّجُلُ مُوسَى فَكَانَ حَلِيمًا جِدًّا أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ الَّذِينَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ.
العدد ١٢: ٣
فَسَخَطَ مُوسَى عَلَى وُكَلاَءِ الْجَيْشِ، رُؤَسَاءِ الأُلُوفِ وَرُؤَسَاءِ الْمِئَاتِ الْقَادِمِينَ مِنْ جُنْدِ الْحَرْبِ. وَقَالَ لَهُمْ مُوسَى: «هَلْ أَبْقَيْتُمْ كُلَّ أُنْثَى حَيَّةً؟ إِنَّ هؤُلاَءِ كُنَّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، حَسَبَ كَلاَمِ بَلْعَامَ، سَبَبَ خِيَانَةٍ لِلرَّبِّ فِي أَمْرِ فَغُورَ، فَكَانَ الْوَبَأُ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. فَالآنَ اقْتُلُوا كُلَّ ذَكَرٍ مِنَ الأَطْفَالِ. وَكُلَّ امْرَأَةٍ عَرَفَتْ رَجُلاً بِمُضَاجَعَةِ ذَكَرٍ اقْتُلُوهَا. لكِنْ جَمِيعُ الأَطْفَالِ مِنَ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي لَمْ يَعْرِفْنَ مُضَاجَعَةَ ذَكَرٍ أَبْقُوهُنَّ لَكُمْ حَيَّاتٍ.
العدد ٣١: ١٤-١٨
لقد فشل الناقد في القيام بقراءة أمينة للنصوص التي قام بسردها، بالإضافة إلى استخدام نوع من المنطق المريب في الخلوص إلى استنتاجاته التي تفيد بوجود تناقض بين هذه الآيات. إن الإجابة هي نعم، إن موسى كان حليماً ووديعاً ( كما يرد في العدد ١٢: ٣). ولا يوجد أي نص من الكتاب المقدس يقول بخلاف ذلك. والأمر المؤكد هو أنَّ الآيات الواردة في سفر العدد ٣١: ١٤-١٨ لا تُنكر هذه الحقيقة. بل إن الآيات التي ورد ذكرها أخيراً تفيد بأنَّ موسى قد غضب بِحَقٍّ كنتيجة لخطيئة اسرائيل. إن الشخص الحليم والوديع هو الشخص الذي لا يتمتع بصفات مثل الغرور والكبرياء؛ وهذا الشخص قد يغضب نتيجةً لوجود مُبرّرات صالحة للغضب. إن يسوع قد عُرِفَ بأنَّه متواضع ووديع القلب، وقد أظهر غضباً صالحاً تجاه الخطيئة (كما يرد في متى ١١: ٢٩؛ مرقس ١١: ١٥).
اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ.
متى ١١: ٢٩
وَجَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ. وَلَمَّا دَخَلَ يَسُوعُ الْهَيْكَلَ ابْتَدَأَ يُخْرِجُ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِي الْهَيْكَلِ، وَقَلَّبَ مَوَائِدَ الصَّيَارِفَةِ وَكَرَاسِيَّ بَاعَةِ الْحَمَامِ.
مرقس ١١: ١٥
إن هذه الآيات لا تشير إلى وجود أي نوع من أنواع التناقض بخصوص سمات شخصية موسى التي تميّزت بالوداعة والإتضاع.