الإعتراض ٠٠٩، متى مات بَعْشَا؟

Cover Image for: objection009

سفر الملوك الأول ١٦: ٦-٨ يقول في السنة ٢٦ لمُلك آسَا في حين أن سفر الأخبار الثاني ١٦: ١ يقول إنه مات في السنة ٣٦.

١ ملوك ١٦: ٦-٨ ”وَاضْطَجَعَ بَعْشَا مَعَ آبَائِهِ وَدُفِنَ فِي تِرْصَةَ، وَمَلَكَ أَيْلَةُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ. وَأَيْضًا عَنْ يَدِ يَاهُو بْنِ حَنَانِي النَّبِيِّ كَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ عَلَى بَعْشَا وَعَلَى بَيْتِهِ، وَعَلَى كُلِّ الشَّرِّ الَّذِي عَمِلَهُ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ بِإِغَاظَتِهِ إِيَّاهُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ، وَكَوْنِهِ كَبَيْتِ يَرُبْعَامَ، وَلأَجْلِ قَتْلِهِ إِيَّاهُ. وَفِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ وَالْعِشْرِينَ لآسَا مَلِكِ يَهُوذَا، مَلَكَ أَيْلَةُ بْنُ بَعْشَا عَلَى إِسْرَائِيلَ فِي تِرْصَةَ سَنَتَيْنِ.“

٢ أخبار ١٦: ١ ”فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ وَالثَّلاَثِينَ لِمُلْكِ آسَا صَعِدَ بَعْشَا مَلِكُ إِسْرَائِيلَ عَلَى يَهُوذَا، وَبَنَى الرَّامَةَ لِكَيْلاَ يَدَعَ أَحَدًا يَخْرُجُ أَوْ يَدْخُلُ إِلَى آسَا مَلِكِ يَهُوذَا.“

ارتكب المعترض مغالطة النطاق الدلالي لمعنى الكلمة . إن بَعْشَا مات خلال السنة السادسة والعشرين لمُلكْ آسا على يهوذا (١ ملوك ١٦: ٦-٨، ١٥: ٣٣ ”فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ لآسَا مَلِكِ يَهُوذَا، مَلَكَ بَعْشَا بْنُ أَخِيَّا عَلَى جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ فِي تِرْصَةَ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً.“) وبالتالي فإن ترجمة ٢ أخبار ١٦: ١ تظهر على أنها غير متوافقة لأن النص يشير إلى أن بعشا قد صعد للحرب مع آسا في السنة السادسة والثلاثين لحُكمِه. وهذا ليس ممكنا كونه وقع بعد عشر سنين من وفاة بَعْشَا. إلا أن الكلمة العبرية ”מַלְכוּת“ والتي تُقرأ مَلَكوت تَحمل معاني متقاربة جداً ومنها ”مملكة“. وبالتالي فإن الترجمة السليمة لهذه الآية ستكون ”في السنة السادسة والثلاثين لمملكة يهوذا، صعد بَعْشَا ملك اسرائيل على آسا…“ حيث أن مملكة يهوذا كانت قد تأسست قبل عشرين سنة من حُكم آسا عليها (١ ملوك ١٤: ٢١ ”وَأَمَّا رَحُبْعَامُ بْنُ سُلَيْمَانَ فَمَلَكَ فِي يَهُوذَا. وَكَانَ رَحُبْعَامُ ابْنَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ سَبْعَ عَشَرَةَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ،“ ١ ملوك ١٥: ١-٢ ”مَلَكَ أَبِيَامُ عَلَى يَهُوذَا. مَلَكَ ثَلاَثَ سِنِينٍ فِي أُورُشَلِيمَ“). وبالتالي فإن بَعْشَا قد صعد للحرب قي السنة السادسة عشر لمُلك آسا والتي توافق السادسة والثلاثين لمملكة يهوذا. ثم بعد عشرة سنين مات بَعْشَا. وهكذا يكون النص متناسقاً تماماً دون أي تناقض.

بالإضافة إلى ذلك يوجد أيضاً احتمال الفشل في تحليل النقل النَّصي، فقد أشار كل من johann friedrich و franz delitzsch إلى أنه من الممكن أن يكون قد تم نسخ الرقم ١٦ بالخطأ على أنَّه ٣٦ كنتيجة لخطأ أحَّد النُّساخ اللاويّين. وبهذا الحساب يكون بَعْشَا قد صعد للحرب في السنة السادسة عشر لمُلك آسا وهو الأمر الذي يتوافق بشكل كامل مع ١ملوك ١٦: ٦-٨.


الأخطاء المنطقية المُستخدمة في هذا الإعتراض:

تحدث هذه المغالطة حين يقوم القارئ بتحديد جميع المعاني التي قد تحملها الكلمة ثم بعد ذلك يقوم باختيار المعنى الذي يتناسب مع التفسير الذي يتبنّاه، عوضاً عن السماح لسياق النص أن يقوم بتحديد معناها، علماً أن سياق النص هو ما يقوم بتحديد المعنى وليس تفضيلات القارئ.

إن الفشل في اجراء تحليل للنقل النصي هو ما يعرف (بالنقد النصي) وهو علم تمييز النص الأصلي للنص المُقدَّس حيث أنه يوجد يوجد بعض الإختلافات فيما بين المخطوطات الأثرية للكتاب المقدس، وهذه الإحتلافات محدودة من حيث الكم ومن حيث النوعية. والمسيحيين يدَّعون بأن النص الأصلي للكتاب المقدس معصوم عن الخطأ كون الكُتَّاب كانوا مُساقين بالروح القُدُس وبالتالي لا يوجد فيه أية أخطاء أو تناقضات. نحن نعرف بأن عملية نسخ نص الكتاب المقدس عبر العصور ليست مثالية بشكل مطلق، ويوجد بعض الأخطاء النسخية التي تتسبب بوجود اختلافات طفيفة في بعض المخطوطات القديمة. ان هذه الإختلافات هي صغيرة جداً لكنها موجودة. في بعض الأحيان يلجأ الناقدون إلى الإشارة إلى هذه الأخطاء النسخية في المخطوطات المختلفة ويدَّعون بأن هذا يتناقض مع نص آخر حيث لم يتم ارتكاب خطأ مشابه في النسخ. ولكن هذا لا يعتبر تناقض حقيقي في النص الأصلي للكتاب المُقدَّس. وحتى يتم قبول هذا الادعاء على أنَّه تناقض حقيقي يتوجب على الناقد أن يُظهِر أن هنالك دليل حقيقي على أن هذا ليس مجرد خطأ في نسخ نص المخطوطة الأصلية وبأنَّه يتناقض مع النص الأصلي. وهذا النوع من الأخطاء في النسخ ليس أمراً شائعاً كما يتم الترويج له.