الإعتراض ٠٤٦، متى ابتدأ حكم سليمان؟

Cover Image for: objection046

الملوك الأول ٦: ١ تناقض أعمال الرسل ١٣: ١٧-١٨، ٢٠-٢٢ و أخبار الأيام الأول ٢٩: ٢٦-٢٧.

الملوك الأول ٦: ١ ”وَكَانَ فِي سَنَةِ الأَرْبَعِ مِئَةٍ وَالثَّمَانِينَ لِخُرُوجِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ لِمُلْكِ سُلَيْمَانَ عَلَى إِسْرَائِيلَ، فِي شَهْرِ زِيُو وَهُوَ الشَّهْرُ الثَّانِي، أَنَّهُ بَنَى الْبَيْتَ لِلرَّبِّ.“

أعمال ١٣: ١٧-١٨، ٢٠-٢٢ ”إِلهُ شَعْبِ إِسْرَائِيلَ هذَا اخْتَارَ آبَاءَنَا، وَرَفَعَ الشَّعْبَ فِي الْغُرْبَةِ فِي أَرْضِ مِصْرَ، وَبِذِرَاعٍ مُرْتَفِعَةٍ أَخْرَجَهُمْ مِنْهَا. وَنَحْوَ مُدَّةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، احْتَمَلَ عَوَائِدَهُمْ فِي الْبَرِّيَّةِ.“، ”وَبَعْدَ ذلِكَ فِي نَحْوِ أَرْبَعَمِئَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً أَعْطَاهُمْ قُضَاةً حَتَّى صَمُوئِيلَ النَّبِيِّ. وَمِنْ ثَمَّ طَلَبُوا مَلِكًا، فَأَعْطَاهُمُ اللهُ شَاوُلَ بْنَ قَيْسٍ، رَجُلاً مِنْ سِبْطِ بِنْيَامِينَ، أَرْبَعِينَ سَنَةً. ثُمَّ عَزَلَهُ وَأَقَامَ لَهُمْ دَاوُدَ مَلِكًا، الَّذِي شَهِدَ لَهُ أَيْضًا، إِذْ قَالَ: وَجَدْتُ دَاوُدَ بْنَ يَسَّى رَجُلاً حَسَبَ قَلْبِي، الَّذِي سَيَصْنَعُ كُلَّ مَشِيئَتِي.“

أخبار الأيام الأول ٢٩: ٢٦-٢٧ ”وَدَاوُدُ بْنُ يَسَّى مَلَكَ عَلَى كُلِّ إِسْرَائِيلَ. وَالزَّمَانُ الَّذِي مَلَكَ فِيهِ عَلَى إِسْرَائِيلَ أَرْبَعُونَ سَنَةً. مَلَكَ سَبْعَ سِنِينَ فِي حَبْرُونَ، وَمَلَكَ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ.

فشل في قراءة النص بدقّة وعدم تفقّد النص في لغته الأصلية. فمُلك سليمان قد ابتدأ بعد ٤٧٧ سنة من سنة من خروج اسرائيل من مصر، وذلك أن السنة الرابعة من حكم سليمان تتوافق مع السنة ٤٨٠ لسنة الخروج (الملوك الأول ٦: ١). أما أعمال الرسل ١٣: ١٩-٢٠ تذكر مدة ٤٥٠ سنة التي تتوافق مع حكم القضاة أو من زمن يشوع بن نون إلى زمن صموئيل النبي، كما نشاهد في الترجمة العربية وبعض الترجمات الأُخرى، في حين أن بعض الترجمات لا تذكر ماهيّة المدّة. لكن ان كان الحال كذلك فسيكون إضافة ٤٠ سنة من التيهان في البرية إلى ٤٥٠ سنة من حكم القضاة بالإضافة إلى ٤٠ سنة حكم شاول و٤٠ أُخرى حكم داود، سينتج لدينا ان تاريخ ابتداء ملك سليمان في السنة ٥٧٠ من الخروج. وعلى ما نعتقد أن هذه هي الطريقة التي احتسب بها المعترض وقرر وجود تناقض. لكنه لم يبذل أي مجهود في التدقيق باللغة اليونانية كونها اللغة الأصلية للنص أو حتى من خلال مقارنة الترجمات الأُخرى للكتاب المقدَّس، إذ أن الترجمة الحرفية للنص الأصلي تأتي ”وأباد سبع أُمَمٍ في أرض كنعان وأورَثَهم أرضها، واستغرق ذلك نحو ٤٥٠ سنة ثمَّ جعل لهم قضاة حتى عهد النبي صموئيل“ وبالتالي فإن الفترة المقصودة تشير إلى ٤٥٠ سنة من رؤساء الأسباط إلى أخذ أرض كنعان ولا علاقة لها بالقضاة وبالتالي فإن الفترة المقصودة لا تشير إلى الفترة التي يريدها المعترض.

  • الترجمة العربية من كتاب العهد الجديد، ترجمة بين السطور، للأب بولس القغالي. طبعة الأنطونية ٢٠٠٣ صفحة ٦٣٤. “

الأخطاء المنطقية المُستخدمة في هذا الإعتراض:

القراءة غير الدقيقة للنصوص هو خطأ شائع يحدث حين يقوم الناقد بقراءة النصوص بطريقة سطحية ودون بذل أي مجهود لمحاولة فهم النصوص ضمن سياقها النصّي والتاريخي والأدبي. وهي فشل في قراءة النصّ بطريقة تتوافق مع الأسلوب الأدبي الذي كُتب به. فالكتاب المقدس يحتوي على عدة أساليب مختلفة في الكتابة مثل: التاريخ (التكوين، الخروج، الملوك)، الشعر (المزامير، نشيد الأنشاد، الأمثال)، النبوءات (حزقيال، رؤيا يوحنا اللاهوتي)، الأمثال (أمثال المسيح في الأناجيل). ولا يمكن أن يتم تفسيرها جميعاً بأسلوب واحد. فالشعر بالعادة يحتوي على الصور الأدبية والتعبيرات المجازية، في حين أن السرد التأريخي يقرأ بطريقة حرفية. ومن عدم الأمانة للنص أن يتم تفسير النص المكتوب بطريقة شعرية على أنه سرد تأريخي أو تفسير السرد التأريخي على أنه شِعر. فعلى سبيل المثال، حين يتسائل كاتب المزمور عن سبب عم إجابة الله للصلاة؟ لماذا ينام الرّب؟، لا يجب أن يتم أخذ معنى ”النوم“ في هذه الحالة على أنّه نوم حرفي وإلا يعتبر هذا تفسيراً غير واعياً للنص ويفتقر للأمانة. ولكننا نجد البعض من الناقدين يستعملون هذا النوع من الأخطاء كما في #٤٠٠. سوف نجد العديد من الأخطاء التي تُرتَكَب من قِبَل الناقدين والتي يمكن وصفها بكل بساطة على أنَّها ”فشل في قراءة النص بتأنٍّ وانتباه.“ حيث أنَّه وعلى ما يبدو أن الناقد قد قرأ النص بشكل معزول وخارج سياقه، الأمر الذي قاده إلى الخروج بتفسير لا يمكن للقارئ الحذر أن يخرج به. فإنه سيكون من السُّخف القول بأنَّ ”الكتاب المُقدَّس يقول بأنَّه ليس إله من المزمور ١٤: ١“ ذلك أنَّ سياق الآية يقول بأنَّ ” قَالَ ٱلْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: «لَيْسَ إِلَهٌ».“ بالرغم من وضوح الأمر إلا أننا نجد عدداً من النُّقاد يسقطون في أخطا. إن بعض الأخطاء التي يرتكبها الناقدين لا يمكن أن يتمّ وصفها إلا بأنَّها ”خداع.“، وهي تلك الحالات التي لا يوجد أي نوع من التناقض الظاهري بين الآيات. وإنَّ أي شخص عقلاني سيلاحظ ذلك حتى من القراءة الأولى للنص، بالرغم من ذلك نجد أنّ هذا النوع من التناقضات المفترضة مُدرَج على لوائح تناقضات الكتاب المُقدَّس، التي يمكننا أن نقول عنها بأنها لوائح مُخادعة قام بوضعها النقّاد آملين في أنَّها سُتبهر من يطَّلع عليها فلا يقوم بمراجعتها. وللأسف هذا ما يحدث في كثير من الحالات.