الإعتراض ٠٧٨، من كان والد هَيْمَانُ؟

Cover Image for: objection078

الملوك الأول ٤: ٣١ تقول بأن كان ”مَاحُولَ“، ولكن أخبار الأيام الأول ٢: ٦ تقول بأنَّه كان ”زَارَحَ“، وأخبار الأيام الأول ٦: ٣٣، ١٥: ١٧ تقول ”يُوئِيلَ“

الملوك الأول ٤: ٣١ ”وَكَانَ أَحْكَمَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ، مِنْ إِيثَانَ الأَزْرَاحِيِّ وَهَيْمَانَ وَكَلْكُولَ وَدَرْدَعَ بَنِي مَاحُولَ. وَكَانَ صِيتُهُ فِي جَمِيعِ الأُمَمِ حَوَالَيْهِ.“

أخبار الأيام الأول ٦: ٢ ”وَبَنُو زَارَحَ: زِمْرِي وَأَيْثَانُ وَهَيْمَانُ وَكَلْكُولُ وَدَارَعُ. الْجَمِيعُ خَمْسَةٌ.“

أخبار الأيام الأول ٦: ٣٣ ”وَهؤُلاَءِ هُمُ الْقَائِمُونَ مَعَ بَنِيهِمْ. مِنْ بَنِي الْقَهَاتِيِّينَ: هَيْمَانُ الْمُغَنِّي ابْنُ يُوئِيلَ بْنِ صَمُوئِيلَ“

أخبار الأيام الأول ١٥: ١٧ ”فَأَوْقَفَ اللاَّوِيُّونَ هَيْمَانَ بْنَ يُوئِيلَ، وَمِنْ إِخْوَتِهِ آسَافَ بْنَ بَرَخْيَا، وَمِنْ بَنِي مَرَارِي إِخْوَتِهِمْ إِيثَانَ بْنَ قُوشِيَّا،“

لقد فشل المعترض في القيام بقراءة دقيقة للنص إضافة إلى استخدام نوع من المنطق المخادع.

فإن زَارَح كان والد هَيمَان كما هو مذكور في سفر أخبار الأيام الأول ٢: ٦. وعلى ما يبدو أنه الشخص عينه المذكور في سفر الملوك الأول ٤: ٣١، حيث يتم ذكره مع أخوته (كَلْكُولُ وَدَارَعُ) على أنهم ”بَنِي مَاحُولَ“. وهنا قام المعترض بافتراض أن والد هَيْمَان هو مَاحُول؛ إن هذا أمر معقول وليس من تناقض في حال كان ذلك صحيحاً إذ أنَّه في كثير من الأحيان يحمل بعض الأشخاص أكثر من اسم كما رأينا في مواقع مختلفة، أي أن زَارَح قد يكون له اسم آخر وهو ”مَاحُولَ“. لكن الأمر الأكثر احتماليّة هو أن مَاحُولَ ليسَ إسماً علماً لشخص حيث أن الكلمة العبرية ”מָחוֹל والتي تُقرأ مَاحُول أو مَاخُوُل“ وتعني ”الرَّقص أو يرقص“ وفي تلك الحالة قد يكون كَلْكُولُ وَدَارَعُ قد دُعيا بطريقة مجازية ”أبناء الرقص أو الأبناء الرّاقصين“ بطريقة مشابهة لوصف ”بنات الغِناء“ في سفر الجامعة ١٢: ٤.

أما بالنسبة لأخبار الأيام الأول ٦: ٣٣ فإن الآية تذكر هَيمَان آخر وكان اسم والده يُوئيل. ومن الواضح أنه يختلف عن هيمان ابن زَارَح حيث أن كلّ منهما قد عاش في حقبة زمنية مختلفة عن الآخر. هيمان ابن زارَح هو حفيد يهوذا، وبالتالي فإنه عاش قبل زمن الملك داود (أخبار الأيام الأول ٢: ٣-٦) ”بَنُو يَهُوذَا: عَيْرُ وَأُونَانُ وَشَيْلَةُ. وُلِدَ الثَّلاَثَةُ مِنْ بِنْتِ شُوعَ الْكَنْعَانِيَّةِ. وَكَانَ عَيْرُ بِكْرُ يَهُوذَا شِرِّيرًا فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ فَأَمَاتَهُ. وَثَامَارُ كَنَّتُهُ وَلَدَتْ لَهُ فَارَصَ وَزَارَحَ. كُلُّ بَنِي يَهُوذَا خَمْسَةٌ. اِبْنَا فَارَصَ: حَصْرُونُ وَحَامُولُ. وَبَنُو زَارَحَ: زِمْرِي وَأَيْثَانُ وَهَيْمَانُ وَكَلْكُولُ وَدَارَعُ. الْجَمِيعُ خَمْسَةٌ.“ أما هيمان ابن يوئيل فكان حفيد صموئيل (أخبار الأيام الأول ٦: ٣٣)، وبالتالي فإنه قد عاصر الملك داود.


الأخطاء المنطقية المُستخدمة في هذا الإعتراض:

القراءة غير الدقيقة للنصوص هو خطأ شائع يحدث حين يقوم الناقد بقراءة النصوص بطريقة سطحية ودون بذل أي مجهود لمحاولة فهم النصوص ضمن سياقها النصّي والتاريخي والأدبي. وهي فشل في قراءة النصّ بطريقة تتوافق مع الأسلوب الأدبي الذي كُتب به. فالكتاب المقدس يحتوي على عدة أساليب مختلفة في الكتابة مثل: التاريخ (التكوين، الخروج، الملوك)، الشعر (المزامير، نشيد الأنشاد، الأمثال)، النبوءات (حزقيال، رؤيا يوحنا اللاهوتي)، الأمثال (أمثال المسيح في الأناجيل). ولا يمكن أن يتم تفسيرها جميعاً بأسلوب واحد. فالشعر بالعادة يحتوي على الصور الأدبية والتعبيرات المجازية، في حين أن السرد التأريخي يقرأ بطريقة حرفية. ومن عدم الأمانة للنص أن يتم تفسير النص المكتوب بطريقة شعرية على أنه سرد تأريخي أو تفسير السرد التأريخي على أنه شِعر. فعلى سبيل المثال، حين يتسائل كاتب المزمور عن سبب عم إجابة الله للصلاة؟ لماذا ينام الرّب؟، لا يجب أن يتم أخذ معنى ”النوم“ في هذه الحالة على أنّه نوم حرفي وإلا يعتبر هذا تفسيراً غير واعياً للنص ويفتقر للأمانة. ولكننا نجد البعض من الناقدين يستعملون هذا النوع من الأخطاء كما في #٤٠٠. سوف نجد العديد من الأخطاء التي تُرتَكَب من قِبَل الناقدين والتي يمكن وصفها بكل بساطة على أنَّها ”فشل في قراءة النص بتأنٍّ وانتباه.“ حيث أنَّه وعلى ما يبدو أن الناقد قد قرأ النص بشكل معزول وخارج سياقه، الأمر الذي قاده إلى الخروج بتفسير لا يمكن للقارئ الحذر أن يخرج به. فإنه سيكون من السُّخف القول بأنَّ ”الكتاب المُقدَّس يقول بأنَّه ليس إله من المزمور ١٤: ١“ ذلك أنَّ سياق الآية يقول بأنَّ ” قَالَ ٱلْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: «لَيْسَ إِلَهٌ».“ بالرغم من وضوح الأمر إلا أننا نجد عدداً من النُّقاد يسقطون في أخطا. إن بعض الأخطاء التي يرتكبها الناقدين لا يمكن أن يتمّ وصفها إلا بأنَّها ”خداع.“، وهي تلك الحالات التي لا يوجد أي نوع من التناقض الظاهري بين الآيات. وإنَّ أي شخص عقلاني سيلاحظ ذلك حتى من القراءة الأولى للنص، بالرغم من ذلك نجد أنّ هذا النوع من التناقضات المفترضة مُدرَج على لوائح تناقضات الكتاب المُقدَّس، التي يمكننا أن نقول عنها بأنها لوائح مُخادعة قام بوضعها النقّاد آملين في أنَّها سُتبهر من يطَّلع عليها فلا يقوم بمراجعتها. وللأسف هذا ما يحدث في كثير من الحالات.

وهو يحدث حين يقوم الناقد بقفزات غير منطقية وغير مترابطة في الاستنتاجات التي يقدمها. فلنفترض أن الناقد قام بالإدّعاء بأنَّ التصريح بكون ”أجَاج قد أُعدِمَ “يتناقض مع الإدّعاء بأنَّ ”أجَاجَ لديه ذُرّية أي نَسل.“ هذا سيكون مثالاً عن المنطق المُخادِع، وذلك لعدم وجود أي مُبرّر منطقي لرفض كون أجاج قد وَلَدَ بنين ثم بعد ذلك وفي وقتٍ لاحقٍ قد أُعدِمَ. فذرّيتَهُ لن تتلاشى لمجرَّد أنَّه قد مات.