الإعتراض ٠٨٥، من الذي خَلَفَ يهوياقيم على سُدَّة الحكم؟

Cover Image for: objection085

يقول المعترض بأنَّ سفر الملوك الثاني ٢٤: ٦ يقول بأنَّ يهوياكين قد تولى الحكم بعده، إلا أنَّ أرمياء ٣٦: ٣٠ تشير إلى أنَّه لم يوجد خلفُ ليهوياقيم.

الملوك الثاني ٢٤: ٦ ”ثُمَّ اضْطَجَعَ يَهُويَاقِيمُ مَعَ آبَائِهِ، وَمَلَكَ يَهُويَاكِينُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ.“

أرمياء ٣٦: ٣٠ ”لِذلِكَ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ عَنْ يَهُويَاقِيمَ مَلِكِ يَهُوذَا: لاَ يَكُونُ لَهُ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيِّ دَاوُدَ، وَتَكُونُ جُثَّتُهُ مَطْرُوحَةً لِلْحَرِّ نَهَارًا، وَلِلْبَرْدِ لَيْلاً.“

لقد فشل المعترض في القيام بقراءة دقيقة للنصوص التي قام بتقديمها، إذ أنَّ يهوياكين هو من خلف والده يهوياقيم كما هو مذكور في سفر الملوك الثاني ٢٤: ٦. أما ما يسجله أرمياء ٣٦: ٣٠ لا ينكر أو يناقض هذا الأمر، إنما ينقل لنا وعد الله بأنَّه سوف يأتي زمان لن يكون فيه ليهوياقيم أي نسلٍ ليجلس على كرسي داود. وهذا الأمر قد حصل. إذ أنَّ مُدَّة حُكم يهوياكين في أورشليم كانت قصيرةً جداً، حيث أنَّها امتدت لمدة ثلاثة أشهرٍ. وبعد ذلك فإن النسل الملوكي الذي ينحدر من يهوياقيم قد انتهى، فلم يوجد بعد ذلك أيٌّ من ذريته البيولوجيّة بين من جلسوا على عرش داود. ولا يوجد أي آية تناقض هذا السرد. فالآية الواردة في ارمياء ٣٦: ٣٠ لا تنكر وجود نسلٍ ليهوياقيم إنما تقول بأنَّه سوف يكون هنالك وقتٌ (وهو قريب) لا يكون فيه ليهوياقيم جالسٌ على كرسيّ داود. وذلك كان بمثابة تحديد لنهاية مُلكِ سلالته. وهذه النبوءة قد تحققت بعد ثلاثة أشهر وعشرة أيام من بدء حكم يهوياكين ابن يهوياقيم حين وقع حصار أورشليم واحتلالها من قبل ملك بابل، وانتهى بذلك حكم سلالة يهوياقيم إلى الأبد.


الأخطاء المنطقية المُستخدمة في هذا الإعتراض:

القراءة غير الدقيقة للنصوص هو خطأ شائع يحدث حين يقوم الناقد بقراءة النصوص بطريقة سطحية ودون بذل أي مجهود لمحاولة فهم النصوص ضمن سياقها النصّي والتاريخي والأدبي. وهي فشل في قراءة النصّ بطريقة تتوافق مع الأسلوب الأدبي الذي كُتب به. فالكتاب المقدس يحتوي على عدة أساليب مختلفة في الكتابة مثل: التاريخ (التكوين، الخروج، الملوك)، الشعر (المزامير، نشيد الأنشاد، الأمثال)، النبوءات (حزقيال، رؤيا يوحنا اللاهوتي)، الأمثال (أمثال المسيح في الأناجيل). ولا يمكن أن يتم تفسيرها جميعاً بأسلوب واحد. فالشعر بالعادة يحتوي على الصور الأدبية والتعبيرات المجازية، في حين أن السرد التأريخي يقرأ بطريقة حرفية. ومن عدم الأمانة للنص أن يتم تفسير النص المكتوب بطريقة شعرية على أنه سرد تأريخي أو تفسير السرد التأريخي على أنه شِعر. فعلى سبيل المثال، حين يتسائل كاتب المزمور عن سبب عم إجابة الله للصلاة؟ لماذا ينام الرّب؟، لا يجب أن يتم أخذ معنى ”النوم“ في هذه الحالة على أنّه نوم حرفي وإلا يعتبر هذا تفسيراً غير واعياً للنص ويفتقر للأمانة. ولكننا نجد البعض من الناقدين يستعملون هذا النوع من الأخطاء كما في #٤٠٠. سوف نجد العديد من الأخطاء التي تُرتَكَب من قِبَل الناقدين والتي يمكن وصفها بكل بساطة على أنَّها ”فشل في قراءة النص بتأنٍّ وانتباه.“ حيث أنَّه وعلى ما يبدو أن الناقد قد قرأ النص بشكل معزول وخارج سياقه، الأمر الذي قاده إلى الخروج بتفسير لا يمكن للقارئ الحذر أن يخرج به. فإنه سيكون من السُّخف القول بأنَّ ”الكتاب المُقدَّس يقول بأنَّه ليس إله من المزمور ١٤: ١“ ذلك أنَّ سياق الآية يقول بأنَّ ” قَالَ ٱلْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: «لَيْسَ إِلَهٌ».“ بالرغم من وضوح الأمر إلا أننا نجد عدداً من النُّقاد يسقطون في أخطا. إن بعض الأخطاء التي يرتكبها الناقدين لا يمكن أن يتمّ وصفها إلا بأنَّها ”خداع.“، وهي تلك الحالات التي لا يوجد أي نوع من التناقض الظاهري بين الآيات. وإنَّ أي شخص عقلاني سيلاحظ ذلك حتى من القراءة الأولى للنص، بالرغم من ذلك نجد أنّ هذا النوع من التناقضات المفترضة مُدرَج على لوائح تناقضات الكتاب المُقدَّس، التي يمكننا أن نقول عنها بأنها لوائح مُخادعة قام بوضعها النقّاد آملين في أنَّها سُتبهر من يطَّلع عليها فلا يقوم بمراجعتها. وللأسف هذا ما يحدث في كثير من الحالات.