الإعتراض ١٥٤، من الذي أغوى داود ليقوم بإجراء تعدادٍ لاسرائيل؟

Cover Image for: objection154

يقول المعترض بوجود تناقض بين سفر صموئيل الثاني ٢٤: ١ التي تقول بأن الرب هو من أغوى داود، وبين أخبار الأيام الأول ٢١: ١ التي تقول بأن الشيطان هو من أغواه.

صموئيل الثاني ٢٤: ”وَعَادَ فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى إِسْرَائِيلَ، فَأَهَاجَ عَلَيْهِمْ دَاوُدَ قَائِلاً: «امْضِ وَأَحْصِ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا».“
أخبار الأيام الأول ٢١: ١ ”وَوَقَفَ الشَّيْطَانُ ضِدَّ إِسْرَائِيلَ، وَأَغْوَى دَاوُدَ لِيُحْصِيَ إِسْرَائِيلَ.“

إن هذا الإعتراض مبني على مغالطة التشعب إضافةً إلى الفشل في القيام بقراءة أمينة للنصوص. إن الرب الإله يستخدم مخلوقاته في إتمام مشيئة، كما فعل حين استخدم أشخاصاً معيّنين بذاتهم لكي يقوموا بنقل كلمته إلينا. فالأمر مشابه لتساؤلنا عمّن قام بكتابة كلمة الله، هل هو الله أم البشر؟ في الحقيقة إن الإجابة هي أن الإثنين معاً. وبذات الطريقة، من الذي أهاج داود لكي يقوم بإجراء تعداد للجيش؟ إن المشتكي (الشيطان) هو المُسبِّب المباشر في حين أن الله هو الذي يدير جميع الأشياء. إن هذا الأمر أكثر وضوحاً في اللغة الأصلية عند قراءة صمويل الثاني ٢٤: ١، التي تشير إلى أنَّ غضب الرب قد حمي على اسرائيل ”وأهاج عليهم داود“ حيث أنَّ الوسيلة التي تم الفعل من خلالها في الجملة مبنية للمجهول وهذا، أي أنّه يمكن أن نعيد صياغة العبارة ”أهاج الله عليهم داود باستخدام وسيلة ما“ إلا أنَّ هذا الارتباك يسقط عند قراءة أخبار الأيام الثاني ٢١: ١، حيث نعرف بأن المشتكي (الشيطان) هو هذه الوسيلة أو المسبب المباشر.

إن داود كان قد امتلك الحرية في كيفيّة استجابته. وهو قد اختار أن يُخطئ، وهو الأمر الذي كان الرب الإله قد عرفه، وبناءً على ذلك الخيار قام الرب الإله بمعاقبة داود واسرائيل على خطاياهم. وبالرغم من أن الرب الإله لم يجرب داود بشكل مباشر (حيث لا يوجد أية آية تقول بذلك بشكل صريح) فإن الله في حمو غضبه على خطايا داود واسرائيل، لم يمنع داود من أن يخطئ في استجابة لتجربة الشيطان له.

على ما يبدو أن المعترض يعتبر أن هذا الأمر تناقض، لكن السؤال هو لماذا؟ فالرب الإله يمنكه أن يستخدم أي واحد من مخلوقاته في إتمام مشيئته، كما فعل عند الصلب.


الأخطاء المنطقية المُستخدمة في هذا الإعتراض:

القراءة غير الدقيقة للنصوص هو خطأ شائع يحدث حين يقوم الناقد بقراءة النصوص بطريقة سطحية ودون بذل أي مجهود لمحاولة فهم النصوص ضمن سياقها النصّي والتاريخي والأدبي. وهي فشل في قراءة النصّ بطريقة تتوافق مع الأسلوب الأدبي الذي كُتب به. فالكتاب المقدس يحتوي على عدة أساليب مختلفة في الكتابة مثل: التاريخ (التكوين، الخروج، الملوك)، الشعر (المزامير، نشيد الأنشاد، الأمثال)، النبوءات (حزقيال، رؤيا يوحنا اللاهوتي)، الأمثال (أمثال المسيح في الأناجيل). ولا يمكن أن يتم تفسيرها جميعاً بأسلوب واحد. فالشعر بالعادة يحتوي على الصور الأدبية والتعبيرات المجازية، في حين أن السرد التأريخي يقرأ بطريقة حرفية. ومن عدم الأمانة للنص أن يتم تفسير النص المكتوب بطريقة شعرية على أنه سرد تأريخي أو تفسير السرد التأريخي على أنه شِعر. فعلى سبيل المثال، حين يتسائل كاتب المزمور عن سبب عم إجابة الله للصلاة؟ لماذا ينام الرّب؟، لا يجب أن يتم أخذ معنى ”النوم“ في هذه الحالة على أنّه نوم حرفي وإلا يعتبر هذا تفسيراً غير واعياً للنص ويفتقر للأمانة. ولكننا نجد البعض من الناقدين يستعملون هذا النوع من الأخطاء كما في #٤٠٠. سوف نجد العديد من الأخطاء التي تُرتَكَب من قِبَل الناقدين والتي يمكن وصفها بكل بساطة على أنَّها ”فشل في قراءة النص بتأنٍّ وانتباه.“ حيث أنَّه وعلى ما يبدو أن الناقد قد قرأ النص بشكل معزول وخارج سياقه، الأمر الذي قاده إلى الخروج بتفسير لا يمكن للقارئ الحذر أن يخرج به. فإنه سيكون من السُّخف القول بأنَّ ”الكتاب المُقدَّس يقول بأنَّه ليس إله من المزمور ١٤: ١“ ذلك أنَّ سياق الآية يقول بأنَّ ” قَالَ ٱلْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: «لَيْسَ إِلَهٌ».“ بالرغم من وضوح الأمر إلا أننا نجد عدداً من النُّقاد يسقطون في أخطا. إن بعض الأخطاء التي يرتكبها الناقدين لا يمكن أن يتمّ وصفها إلا بأنَّها ”خداع.“، وهي تلك الحالات التي لا يوجد أي نوع من التناقض الظاهري بين الآيات. وإنَّ أي شخص عقلاني سيلاحظ ذلك حتى من القراءة الأولى للنص، بالرغم من ذلك نجد أنّ هذا النوع من التناقضات المفترضة مُدرَج على لوائح تناقضات الكتاب المُقدَّس، التي يمكننا أن نقول عنها بأنها لوائح مُخادعة قام بوضعها النقّاد آملين في أنَّها سُتبهر من يطَّلع عليها فلا يقوم بمراجعتها. وللأسف هذا ما يحدث في كثير من الحالات.

وتعرف باسم مغالطة التقليص الخاطئ أو مغالطة إمّا أو. وتحدث هذه المغالطة حين يطالب الشخص بأن تكون الإجابة هي واحدة من بين إجابتين أو أكثر كان قد أعدها بشكل مسبق في حين أنَّ الحقيقة تكون في إجابة ثالثة لم يقم بتقديمها. كما في حالة ”إنَّ الإشارة الضوئية للمرور إما أن تكون حمراء أو خضراء“ فهي مغالطة تشعّب حيث أنّ الإشارة الضوئية قد تكون صفراء. ”إما أن يتبرر الإنسان بالأعمال أو بالإيمان“ وهذه مغالطة تشعّب أيضاً فالإنسان قد يتبرر بالإيمان أمام الله في حين أنَّه يتبرر بالأعمال أمام الناس.اقرأ المزيد عن مغالطة التشعّب