الإعتراض ١٦٢، مما خُلِقَت الحيوانات؟

Cover Image for: objection162

يعتقد المعترض بوجود تناقض بين التكوين ١: ٢٠ والتكوين ٢: ١٩

التكوين ١: ٢٠ ”وَقَالَ اللهُ: «لِتَفِضِ الْمِيَاهُ زَحَّافَاتٍ ذَاتَ نَفْسٍ حَيَّةٍ، وَلْيَطِرْ طَيْرٌ فَوْقَ الأَرْضِ عَلَى وَجْهِ جَلَدِ السَّمَاءِ».“

التكوين ٢: ١٩ ”وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ مِنَ الأَرْضِ كُلَّ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ وَكُلَّ طُيُورِ السَّمَاءِ، فَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ لِيَرَى مَاذَا يَدْعُوهَا، وَكُلُّ مَا دَعَا بِهِ آدَمُ ذَاتَ نَفْسٍ حَيَّةٍ فَهُوَ اسْمُهَا.“

فشل المعترض في القيام بقراءة دقيقة إضافةً إلى اعتماد مغالطة الاحتجاج من الصمت. فالتكوين ١: ٢٠ لا تصرح عن المصدر أو المادة التي خلق منها الله المخلوقات البحرية والطيور. أما التكوين ٢: ١٩ فإنها تصرح بأن المخلوقات البرية والطيور قد خُلِقَت من التراب. وبالتالي فإن المعترض قد قام باستخدام الإحتجاج من الصمت حيث أنه افترض أن عدم ذكر المادة التي خلق منها الله المخلوقات في التكوين ١: ٢٠ سوف يسمح له بأن يفترض بوجود مادة مختلفة عن التراب المذكور في التكوين ٢: ١٩. هذا منطق مغلوط ومريب.


الأخطاء المنطقية المُستخدمة في هذا الإعتراض:

القراءة غير الدقيقة للنصوص هو خطأ شائع يحدث حين يقوم الناقد بقراءة النصوص بطريقة سطحية ودون بذل أي مجهود لمحاولة فهم النصوص ضمن سياقها النصّي والتاريخي والأدبي. وهي فشل في قراءة النصّ بطريقة تتوافق مع الأسلوب الأدبي الذي كُتب به. فالكتاب المقدس يحتوي على عدة أساليب مختلفة في الكتابة مثل: التاريخ (التكوين، الخروج، الملوك)، الشعر (المزامير، نشيد الأنشاد، الأمثال)، النبوءات (حزقيال، رؤيا يوحنا اللاهوتي)، الأمثال (أمثال المسيح في الأناجيل). ولا يمكن أن يتم تفسيرها جميعاً بأسلوب واحد. فالشعر بالعادة يحتوي على الصور الأدبية والتعبيرات المجازية، في حين أن السرد التأريخي يقرأ بطريقة حرفية. ومن عدم الأمانة للنص أن يتم تفسير النص المكتوب بطريقة شعرية على أنه سرد تأريخي أو تفسير السرد التأريخي على أنه شِعر. فعلى سبيل المثال، حين يتسائل كاتب المزمور عن سبب عم إجابة الله للصلاة؟ لماذا ينام الرّب؟، لا يجب أن يتم أخذ معنى ”النوم“ في هذه الحالة على أنّه نوم حرفي وإلا يعتبر هذا تفسيراً غير واعياً للنص ويفتقر للأمانة. ولكننا نجد البعض من الناقدين يستعملون هذا النوع من الأخطاء كما في #٤٠٠. سوف نجد العديد من الأخطاء التي تُرتَكَب من قِبَل الناقدين والتي يمكن وصفها بكل بساطة على أنَّها ”فشل في قراءة النص بتأنٍّ وانتباه.“ حيث أنَّه وعلى ما يبدو أن الناقد قد قرأ النص بشكل معزول وخارج سياقه، الأمر الذي قاده إلى الخروج بتفسير لا يمكن للقارئ الحذر أن يخرج به. فإنه سيكون من السُّخف القول بأنَّ ”الكتاب المُقدَّس يقول بأنَّه ليس إله من المزمور ١٤: ١“ ذلك أنَّ سياق الآية يقول بأنَّ ” قَالَ ٱلْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: «لَيْسَ إِلَهٌ».“ بالرغم من وضوح الأمر إلا أننا نجد عدداً من النُّقاد يسقطون في أخطا. إن بعض الأخطاء التي يرتكبها الناقدين لا يمكن أن يتمّ وصفها إلا بأنَّها ”خداع.“، وهي تلك الحالات التي لا يوجد أي نوع من التناقض الظاهري بين الآيات. وإنَّ أي شخص عقلاني سيلاحظ ذلك حتى من القراءة الأولى للنص، بالرغم من ذلك نجد أنّ هذا النوع من التناقضات المفترضة مُدرَج على لوائح تناقضات الكتاب المُقدَّس، التي يمكننا أن نقول عنها بأنها لوائح مُخادعة قام بوضعها النقّاد آملين في أنَّها سُتبهر من يطَّلع عليها فلا يقوم بمراجعتها. وللأسف هذا ما يحدث في كثير من الحالات.

هي الخطأ بالاعتقاد بأن عدم ذكر شيئ ما، يعني أنه لم يحدث. إن سٌخف هذا الأسلوب يمكن كشفه بسهولة عند التأمل في أن الكتاب المُقدَّس لم يصرِّح في أي موقع بأنَّ يوحنا المعمدان قد ”استخدم دورة المياه.“ لكن حقيقة كون هذا الأمر لم يُذكر لا يعني أنَّه لم يحدث أبداً! في بعض الأحيان سيقوم أحد كتاب الأناجيل بتسجيل تفصيل مُعيَّن في حين أنَّ كاتباً آخر يقوم بإغفال تسجيله. هذا ليس بتناقض! فالكتاب المختلفين يتخذون قرارات مختلفة فيما يتعلّق بما يقومون بتسجيله أو ما يقومون بالإغفال عنه. لكن حين يُغفِلون عن ذكر أمرٍ معين هذا لا يعني بأنَّه لم يحدث.