الإعتراض ١٦٧، هل يوم الربّ قريب؟

Cover Image for: objection167

يقول المعترض بوجود تناقض بين ما يرد في الرسالة الأولى إلى أهل تسالونيكي ٤: ١٥-١٧، ٥: ٢٣ وبين الرسالة الثانية إلى أهل تسالونيكي ٢: ٢-٣

تسالونيكي الأولى ٤: ١٥-١٧ ”فَإِنَّنَا نَقُولُ لَكُمْ هذَا بِكَلِمَةِ الرَّبِّ: إِنَّنَا نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ إِلَى مَجِيءِ الرَّبِّ، لاَ نَسْبِقُ الرَّاقِدِينَ. لأَنَّ الرَّبّ نَفْسَهُ بِهُتَافٍ، بِصَوْتِ رَئِيسِ مَلاَئِكَةٍ وَبُوقِ اللهِ، سَوْفَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَمْوَاتُ فِي الْمَسِيحِ سَيَقُومُونَ أَوَّلاً. ثُمَّ نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ سَنُخْطَفُ جَمِيعًا مَعَهُمْ فِي السُّحُبِ لِمُلاَقَاةِ الرَّبِّ فِي الْهَوَاءِ، وَهكَذَا نَكُونُ كُلَّ حِينٍ مَعَ الرَّبِّ.“

تسالونيكي الأولى ٥: ٢٣ ”وَإِلهُ السَّلاَمِ نَفْسُهُ يُقَدِّسُكُمْ بِالتَّمَامِ. وَلْتُحْفَظْ رُوحُكُمْ وَنَفْسُكُمْ وَجَسَدُكُمْ كَامِلَةً بِلاَ لَوْمٍ عِنْدَ مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ.“

تسالونيكي الثانية ٢: ٢-٣ ”أَنْ لاَ تَتَزَعْزَعُوا سَرِيعًا عَنْ ذِهْنِكُمْ، وَلاَ تَرْتَاعُوا، لاَ بِرُوحٍ وَلاَ بِكَلِمَةٍ وَلاَ بِرِسَالَةٍ كَأَنَّهَا مِنَّا: أَيْ أَنَّ يَوْمَ الْمَسِيحِ قَدْ حَضَرَ. لاَ يَخْدَعَنَّكُمْ أَحَدٌ عَلَى طَرِيقَةٍ مَا، لأَنَّهُ لاَ يَأْتِي إِنْ لَمْ يَأْتِ الارْتِدَادُ أَوَّلاً، وَيُسْتَعْلَنْ إِنْسَانُ الْخَطِيَّةِ، ابْنُ الْهَلاَكِ،“

إن هذا الإعتراض يعتمد على مغالطة التشعب بالإضافة إلى الفشل في القيام بقراءة أمينة للنصوص.

إن ما يرد في الآيات التي سردها المعترض من رسالة تسالونيكي الأولى لا تذكر ”يوم الرب“ وهذا يظهر مستوى الدراسة التي قام بها المعترض.

أما بالنسبة للرسالة الثانية إلى أهل تسالونيكي، فإن الآيات التي تم سردها تذكر بالفعل ”يوم الرب“ إلا أن الآية لا تتحدث عن تاريخ مجيء يوم الرب. بل بالحري تتعامل مع الخطأ الذي يرتكبه هؤلاء الذين يعتقدون بأنَّ يوم الرب قد حضر للتو، في حين أنه ليس كذلك.

حقيقة الأمر، إنّ هذا الإدعاء مغلوط انطلاقاً من الفرضيات المنطقية التي اعتمدها المعترض، إن ”يوم الرب“ لا يشير فقط إلى المجيء الثاني لربنا ومخلصنا يسوع المسيح – بالرغم من أنَّه ضمن سياقات محدَّدة يشير إلى ذلك. إنما يوم الرب يشير إلى جميع المرات التي تدخَّل فيها الرب الإله وأظهر سلطانه في التاريخ وخاصّةً فيما يتعلق بالدينونة كما يرد في كل من (اشعياء ١٣: ٦، ٩؛ حزقيال ١٣: ٥, ٣٠: ٣؛ يوئيل ١: ١٥، ٢: ١، ١١، ٣١، ٣: ١٤؛ اموس ٥: ١٨، ٢٠؛ عوبيديا ١: ١٥؛ صفنيا ١: ٧-٨؛ تسالونيكي الأولى ٥: ٢ ورسالة بطرس الثانية ٣: ١٠).

وبالتالي فإن يوم الرب قريب بالفعل وهو في كلّ حدث يتدخل فيه الرب الإله سواء كان ذلك بشكل ماديّ أو بشكل روحي.


الأخطاء المنطقية المُستخدمة في هذا الإعتراض:

القراءة غير الدقيقة للنصوص هو خطأ شائع يحدث حين يقوم الناقد بقراءة النصوص بطريقة سطحية ودون بذل أي مجهود لمحاولة فهم النصوص ضمن سياقها النصّي والتاريخي والأدبي. وهي فشل في قراءة النصّ بطريقة تتوافق مع الأسلوب الأدبي الذي كُتب به. فالكتاب المقدس يحتوي على عدة أساليب مختلفة في الكتابة مثل: التاريخ (التكوين، الخروج، الملوك)، الشعر (المزامير، نشيد الأنشاد، الأمثال)، النبوءات (حزقيال، رؤيا يوحنا اللاهوتي)، الأمثال (أمثال المسيح في الأناجيل). ولا يمكن أن يتم تفسيرها جميعاً بأسلوب واحد. فالشعر بالعادة يحتوي على الصور الأدبية والتعبيرات المجازية، في حين أن السرد التأريخي يقرأ بطريقة حرفية. ومن عدم الأمانة للنص أن يتم تفسير النص المكتوب بطريقة شعرية على أنه سرد تأريخي أو تفسير السرد التأريخي على أنه شِعر. فعلى سبيل المثال، حين يتسائل كاتب المزمور عن سبب عم إجابة الله للصلاة؟ لماذا ينام الرّب؟، لا يجب أن يتم أخذ معنى ”النوم“ في هذه الحالة على أنّه نوم حرفي وإلا يعتبر هذا تفسيراً غير واعياً للنص ويفتقر للأمانة. ولكننا نجد البعض من الناقدين يستعملون هذا النوع من الأخطاء كما في #٤٠٠. سوف نجد العديد من الأخطاء التي تُرتَكَب من قِبَل الناقدين والتي يمكن وصفها بكل بساطة على أنَّها ”فشل في قراءة النص بتأنٍّ وانتباه.“ حيث أنَّه وعلى ما يبدو أن الناقد قد قرأ النص بشكل معزول وخارج سياقه، الأمر الذي قاده إلى الخروج بتفسير لا يمكن للقارئ الحذر أن يخرج به. فإنه سيكون من السُّخف القول بأنَّ ”الكتاب المُقدَّس يقول بأنَّه ليس إله من المزمور ١٤: ١“ ذلك أنَّ سياق الآية يقول بأنَّ ” قَالَ ٱلْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: «لَيْسَ إِلَهٌ».“ بالرغم من وضوح الأمر إلا أننا نجد عدداً من النُّقاد يسقطون في أخطا. إن بعض الأخطاء التي يرتكبها الناقدين لا يمكن أن يتمّ وصفها إلا بأنَّها ”خداع.“، وهي تلك الحالات التي لا يوجد أي نوع من التناقض الظاهري بين الآيات. وإنَّ أي شخص عقلاني سيلاحظ ذلك حتى من القراءة الأولى للنص، بالرغم من ذلك نجد أنّ هذا النوع من التناقضات المفترضة مُدرَج على لوائح تناقضات الكتاب المُقدَّس، التي يمكننا أن نقول عنها بأنها لوائح مُخادعة قام بوضعها النقّاد آملين في أنَّها سُتبهر من يطَّلع عليها فلا يقوم بمراجعتها. وللأسف هذا ما يحدث في كثير من الحالات.

وتعرف باسم مغالطة التقليص الخاطئ أو مغالطة إمّا أو. وتحدث هذه المغالطة حين يطالب الشخص بأن تكون الإجابة هي واحدة من بين إجابتين أو أكثر كان قد أعدها بشكل مسبق في حين أنَّ الحقيقة تكون في إجابة ثالثة لم يقم بتقديمها. كما في حالة ”إنَّ الإشارة الضوئية للمرور إما أن تكون حمراء أو خضراء“ فهي مغالطة تشعّب حيث أنّ الإشارة الضوئية قد تكون صفراء. ”إما أن يتبرر الإنسان بالأعمال أو بالإيمان“ وهذه مغالطة تشعّب أيضاً فالإنسان قد يتبرر بالإيمان أمام الله في حين أنَّه يتبرر بالأعمال أمام الناس.اقرأ المزيد عن مغالطة التشعّب