الإعتراض ١٧٤، هل أمر الرب الإسرائيليّين أن يقوموا بتقديم ذبائح ومُحرقَات؟

Cover Image for: objection174

سفر الخروج ٨: ٢٧، ١٠: ٢٥، ٢٠: ٢٤، ٢٩: ١٦-١٨ تقول نعم، في حين أن ارمياء ٧: ٢٢ تقول لا.

الخروج ٨: ٢٧ ”نَذْهَبُ سَفَرَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي الْبَرِّيَّةِ وَنَذْبَحُ لِلرَّبِّ إِلهِنَا كَمَا يَقُولُ لَنَا».“

الخروج ١٠: ٢٥ ”فَقَالَ مُوسَى: «أَنْتَ تُعْطِي أَيْضًا فِي أَيْدِينَا ذَبَائِحَ وَمُحْرَقَاتٍ لِنَصْنَعَهَا لِلرَّبِّ إِلهِنَا،“

الخروج ٢٠: ٢٤ ”مَذْبَحًا مِنْ تُرَابٍ تَصْنَعُ لِي وَتَذْبَحُ عَلَيْهِ مُحْرَقَاتِكَ وَذَبَائِحَ سَلاَمَتِكَ، غَنَمَكَ وَبَقَرَكَ. فِي كُلِّ الأَمَاكِنِ الَّتِي فِيهَا أَصْنَعُ لاسْمِي ذِكْرًا آتِي إِلَيْكَ وَأُبَارِكُكَ.“

الخروج ٢٩: ١٦-١٨ ”فَتَذْبَحُ الْكَبْشَ وَتَأْخُذُ دَمَهُ وَتَرُشُّهُ عَلَى الْمَذْبَحِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ. وَتَقْطَعُ الْكَبْشَ إِلَى قِطَعِهِ، وَتَغْسِلُ جَوْفَهُ وَأَكَارِعَهُ وَتَجْعَلُهَا عَلَى قِطَعِهِ وَعَلَى رَأْسِهِ، وَتُوقِدُ كُلَّ الْكَبْشِ عَلَى الْمَذْبَحِ. هُوَ مُحْرَقَةٌ لِلرَّبِّ. رَائِحَةُ سَرُورٍ، وَقُودٌ هُوَ لِلرَّبِّ.“

ارمياء ٧: ٢٢ ”لأَنِّي لَمْ أُكَلِّمْ آبَاءَكُمْ وَلاَ أَوْصَيْتُهُمْ يَوْمَ أَخْرَجْتُهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ جِهَةِ مُحْرَقَةٍ وَذَبِيحَةٍ.“

لقد فشل المعترض في قراءة النصوص بأمانة وضمن سياقها النصي والتاريخي. إن الرب الإله قد أمر الإسرائيليّين أن يقوموا بتقديم ذبائح ومحرقات عن خطاياهم كمثل لما هو عتيد أن يتمّمه في المسيح. والأمر الذي يرد في أرمياء ٧: ٢٢ لا يتناقض مع ما سبق، والسبب هو أن الرب الإله لم يأمر الإسرائيليّين أن يقدموا ذبائح ومحرقات في الأيام التي أحضرهم فيها من أرض مصر- أي أنَّ هذه الآية تتعامل مع الوقت الذي كان فيه الإسرائيليّون في البرية. في الحقيقة إننا لا نجد في فترة الخروج من مصر  منذ تقديم ذبيحة الفصح وحتى إعطاء الشريعة في سيناء أي إشارة إلى أمر من الرب للإسرائيلين ليقدموا ذبائح أو محرقات. إنما نجد أن أوامر الرب لهم كانت بأن يستمعوا لصوته وكلماته ليعملوا بها ويسيروا في طرقه بأمانة (ارمياء ٧: ٢٣؛ الخروج ١٥: ٢٦، ١٩: ٥-٦) - وهذه الأمور أكثر أهمية من المحرقات في نظر الرب الإله.

إن السياق النصي لارمياء ٧: ٢٢ يشير إلى أن الله يفضل الطاعة على المحرقات، وهذه السمة منتشرة في مواقع مختلفة من الوحي المقدس (صموئيل الأول ١٥: ٢٢؛ الأمثال ٢١: ٣؛ هوشع ٦: ٦؛ الجامعة ٥: ١). إن كان الناس سيطيعون الرب الإله بشكل كامل كما يطلب ويريد، فإنه لن يكون هنالك من حاجة للذبائح. إن الذبائح الحيوانية لم تكن أبداً أمراً يريده الرب الإله لنفسه، بل بالحري كان قد أعطى هذا الامر لشعبه نتيجة للخطيئة وفي إشارة إلى المسيح (العبرانيين ١٠: ٥-٩؛ المزمور ٥١: ١٦؛ اشعياء ١: ١١، ١٦-١٧).


الأخطاء المنطقية المُستخدمة في هذا الإعتراض:

القراءة غير الدقيقة للنصوص هو خطأ شائع يحدث حين يقوم الناقد بقراءة النصوص بطريقة سطحية ودون بذل أي مجهود لمحاولة فهم النصوص ضمن سياقها النصّي والتاريخي والأدبي. وهي فشل في قراءة النصّ بطريقة تتوافق مع الأسلوب الأدبي الذي كُتب به. فالكتاب المقدس يحتوي على عدة أساليب مختلفة في الكتابة مثل: التاريخ (التكوين، الخروج، الملوك)، الشعر (المزامير، نشيد الأنشاد، الأمثال)، النبوءات (حزقيال، رؤيا يوحنا اللاهوتي)، الأمثال (أمثال المسيح في الأناجيل). ولا يمكن أن يتم تفسيرها جميعاً بأسلوب واحد. فالشعر بالعادة يحتوي على الصور الأدبية والتعبيرات المجازية، في حين أن السرد التأريخي يقرأ بطريقة حرفية. ومن عدم الأمانة للنص أن يتم تفسير النص المكتوب بطريقة شعرية على أنه سرد تأريخي أو تفسير السرد التأريخي على أنه شِعر. فعلى سبيل المثال، حين يتسائل كاتب المزمور عن سبب عم إجابة الله للصلاة؟ لماذا ينام الرّب؟، لا يجب أن يتم أخذ معنى ”النوم“ في هذه الحالة على أنّه نوم حرفي وإلا يعتبر هذا تفسيراً غير واعياً للنص ويفتقر للأمانة. ولكننا نجد البعض من الناقدين يستعملون هذا النوع من الأخطاء كما في #٤٠٠. سوف نجد العديد من الأخطاء التي تُرتَكَب من قِبَل الناقدين والتي يمكن وصفها بكل بساطة على أنَّها ”فشل في قراءة النص بتأنٍّ وانتباه.“ حيث أنَّه وعلى ما يبدو أن الناقد قد قرأ النص بشكل معزول وخارج سياقه، الأمر الذي قاده إلى الخروج بتفسير لا يمكن للقارئ الحذر أن يخرج به. فإنه سيكون من السُّخف القول بأنَّ ”الكتاب المُقدَّس يقول بأنَّه ليس إله من المزمور ١٤: ١“ ذلك أنَّ سياق الآية يقول بأنَّ ” قَالَ ٱلْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: «لَيْسَ إِلَهٌ».“ بالرغم من وضوح الأمر إلا أننا نجد عدداً من النُّقاد يسقطون في أخطا. إن بعض الأخطاء التي يرتكبها الناقدين لا يمكن أن يتمّ وصفها إلا بأنَّها ”خداع.“، وهي تلك الحالات التي لا يوجد أي نوع من التناقض الظاهري بين الآيات. وإنَّ أي شخص عقلاني سيلاحظ ذلك حتى من القراءة الأولى للنص، بالرغم من ذلك نجد أنّ هذا النوع من التناقضات المفترضة مُدرَج على لوائح تناقضات الكتاب المُقدَّس، التي يمكننا أن نقول عنها بأنها لوائح مُخادعة قام بوضعها النقّاد آملين في أنَّها سُتبهر من يطَّلع عليها فلا يقوم بمراجعتها. وللأسف هذا ما يحدث في كثير من الحالات.