الإعتراض ١٧٩، هل ضرب الرب الإله جميع مواشي المِصريّين في الضربة السادسة؟

Cover Image for: objection179

الخروج ٩: ٣-٦ تقول نعم في حين أننا نجد في الخروج ٩: ١٩، ١٢: ٢٩ إشارة إلى وجود مواشي تابعة للمصرين وبالتالي فإنها لم تهلك جميعاً.

الخروج ٩: ٣-٦ ”فَهَا يَدُ الرَّبِّ تَكُونُ عَلَى مَوَاشِيكَ الَّتِي فِي الْحَقْلِ، عَلَى الْخَيْلِ وَالْحَمِيرِ وَالْجِمَالِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، وَبَأً ثَقِيلاً جِدًّا. وَيُمَيِّزُ الرَّبُّ بَيْنَ مَوَاشِي إِسْرَائِيلَ وَمَوَاشِي الْمِصْرِيِّينَ. فَلاَ يَمُوتُ مِنْ كُلِّ مَا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ شَيْءٌ». وَعَيَّنَ الرَّبُّ وَقْتًا قَائِلاً: «غَدًا يَفْعَلُ الرَّبُّ هذَا الأَمْرَ فِي الأَرْضِ». فَفَعَلَ الرَّبُّ هذَا الأَمْرَ فِي الْغَدِ. فَمَاتَتْ جَمِيعُ مَوَاشِي الْمِصْرِيِّينَ. وَأَمَّا مَوَاشِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَلَمْ يَمُتْ مِنْهَا وَاحِدٌ.“

الخروج ٩: ١٩ ”فَالآنَ أَرْسِلِ احْمِ مَوَاشِيَكَ وَكُلَّ مَا لَكَ فِي الْحَقْلِ. جَمِيعُ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ الَّذِينَ يُوجَدُونَ فِي الْحَقْلِ وَلاَ يُجْمَعُونَ إِلَى الْبُيُوتِ، يَنْزِلُ عَلَيْهِمِ الْبَرَدُ فَيَمُوتُونَ».“

الخروج ٩: ٢٩ ”فَحَدَثَ فِي نِصْفِ اللَّيْلِ أَنَّ الرَّبَّ ضَرَبَ كُلَّ بِكْرٍ فِي أَرْضِ مِصْرَ، مِنْ بِكْرِ فِرْعَوْنَ الْجَالِسِ عَلَى كُرْسِيِّهِ إِلَى بِكْرِ الأَسِيرِ الَّذِي فِي السِّجْنِ، وَكُلَّ بِكْرِ بَهِيمَةٍ.“

لقد فشل المعترض في القيام بقراءة أمينة للنصوص. إنَّ الضربة السادسة كانت على جميع مواشي المصريّين التي في الحقل وقد ماتت نتيجة لهذه الضربة (الخروج ٩: ٣). وبالتالي فإن كلمة ”كلُّ“ الواردة في الآية السادسة تشير إلى كلُّ قطعان الماشية التي وُجِدَت في الحقول في أرض مصر. وعلى ما يبدو أن المواشي التي لم تكن متواجدة في الحقول قد نجت من الضربة، وقد ظهرت من جديد في الضربة السابعة، إضافةً إلى أنَّه من الممكن أن يكون المصريون قد استحضروا قطعان ماشية في الفترة الفاصلة بين الضربتين (الخروج ٩: ١٩-٢٠، ٢٥). أما هذه المواشي التي نجت من الضربتين السادسة والسابعة بالإضافة لتلك التي تمَّ اقتناؤها في الفترة التي تلت الضربات، فإن كلَّ بكر منها قد هلكَ في الضربة العاشرة وهذا ما يرد في الخروج ١٢: ٢٩. فأين هو عدم الإتساق في هذا السرد؟


الأخطاء المنطقية المُستخدمة في هذا الإعتراض:

القراءة غير الدقيقة للنصوص هو خطأ شائع يحدث حين يقوم الناقد بقراءة النصوص بطريقة سطحية ودون بذل أي مجهود لمحاولة فهم النصوص ضمن سياقها النصّي والتاريخي والأدبي. وهي فشل في قراءة النصّ بطريقة تتوافق مع الأسلوب الأدبي الذي كُتب به. فالكتاب المقدس يحتوي على عدة أساليب مختلفة في الكتابة مثل: التاريخ (التكوين، الخروج، الملوك)، الشعر (المزامير، نشيد الأنشاد، الأمثال)، النبوءات (حزقيال، رؤيا يوحنا اللاهوتي)، الأمثال (أمثال المسيح في الأناجيل). ولا يمكن أن يتم تفسيرها جميعاً بأسلوب واحد. فالشعر بالعادة يحتوي على الصور الأدبية والتعبيرات المجازية، في حين أن السرد التأريخي يقرأ بطريقة حرفية. ومن عدم الأمانة للنص أن يتم تفسير النص المكتوب بطريقة شعرية على أنه سرد تأريخي أو تفسير السرد التأريخي على أنه شِعر. فعلى سبيل المثال، حين يتسائل كاتب المزمور عن سبب عم إجابة الله للصلاة؟ لماذا ينام الرّب؟، لا يجب أن يتم أخذ معنى ”النوم“ في هذه الحالة على أنّه نوم حرفي وإلا يعتبر هذا تفسيراً غير واعياً للنص ويفتقر للأمانة. ولكننا نجد البعض من الناقدين يستعملون هذا النوع من الأخطاء كما في #٤٠٠. سوف نجد العديد من الأخطاء التي تُرتَكَب من قِبَل الناقدين والتي يمكن وصفها بكل بساطة على أنَّها ”فشل في قراءة النص بتأنٍّ وانتباه.“ حيث أنَّه وعلى ما يبدو أن الناقد قد قرأ النص بشكل معزول وخارج سياقه، الأمر الذي قاده إلى الخروج بتفسير لا يمكن للقارئ الحذر أن يخرج به. فإنه سيكون من السُّخف القول بأنَّ ”الكتاب المُقدَّس يقول بأنَّه ليس إله من المزمور ١٤: ١“ ذلك أنَّ سياق الآية يقول بأنَّ ” قَالَ ٱلْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: «لَيْسَ إِلَهٌ».“ بالرغم من وضوح الأمر إلا أننا نجد عدداً من النُّقاد يسقطون في أخطا. إن بعض الأخطاء التي يرتكبها الناقدين لا يمكن أن يتمّ وصفها إلا بأنَّها ”خداع.“، وهي تلك الحالات التي لا يوجد أي نوع من التناقض الظاهري بين الآيات. وإنَّ أي شخص عقلاني سيلاحظ ذلك حتى من القراءة الأولى للنص، بالرغم من ذلك نجد أنّ هذا النوع من التناقضات المفترضة مُدرَج على لوائح تناقضات الكتاب المُقدَّس، التي يمكننا أن نقول عنها بأنها لوائح مُخادعة قام بوضعها النقّاد آملين في أنَّها سُتبهر من يطَّلع عليها فلا يقوم بمراجعتها. وللأسف هذا ما يحدث في كثير من الحالات.