الإعتراض ٢٠٤، كيف يجب علينا التعامل مع أعدائنا؟

Cover Image for: objection204

يقول المعترض بوجود تناقض بين الخروج ٢٣: ٤ والأمثال ٢٥: ٢١ ومتى ٥: ٤٤ ولوقا ٦: ٣٥ التي تشير إلى أنه يجب التعامل مع أعدائنا بمحبة وتعاطف. وبين الآيات التي تقول بخلاف ذلك في المزمور ٣٥: ٦، ٨، ٥٥: ١٥، ٥٨: ٦-٧، ٦٩: ٢٢-٢٨، ٨٣: ٩-١٠، ٨٣: ١٥-١٧، ١٠٩: ٦-١٤؛ مراثي ارمياء ١: ٢١-٢٢، ٣: ٦٤-٦٦؛ وكورنثوس الأولى ١٦: ٢٢.

الخروج ٢٣: ٤ ”إِذَا صَادَفْتَ ثَوْرَ عَدُوِّكَ أَوْ حِمَارَهُ شَارِدًا، تَرُدُّهُ إِلَيْهِ.“

الأمثال ٢٥: ٢١ ”إِنْ جَاعَ عَدُوُّكَ فَأَطْعِمْهُ خُبْزًا، وَإِنْ عَطِشَ فَاسْقِهِ مَاءً“

متى ٥: ٤٤ ”وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ،“

لوقا ٦: ٣٥ ”بَلْ أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ، وَأَحْسِنُوا وَأَقْرِضُوا وَأَنْتُمْ لاَ تَرْجُونَ شَيْئًا، فَيَكُونَ أَجْرُكُمْ عَظِيمًا وَتَكُونُوا بَنِي الْعَلِيِّ، فَإِنَّهُ مُنْعِمٌ عَلَى غَيْرِ الشَّاكِرِينَ وَالأَشْرَارِ.“

المزمور ٣٥: ٦، ٨ ”لِيَكُنْ طَرِيقُهُمْ ظَلاَمًا وَزَلَقًا، وَمَلاَكُ الرَّبِّ طَارِدُهُمْ.“، ”لِتَأْتِهِ التَّهْلُكَةُ وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ، وَلْتَنْشَبْ بِهِ الشَّبَكَةُ الَّتِي أَخْفَاهَا، وَفِي التَّهْلُكَةِ نَفْسِهَا لِيَقَعْ.“

المزمور ٥٥: ١٥ ”لِيَبْغَتْهُمُ الْمَوْتُ. لِيَنْحَدِرُوا إِلَى الْهَاوِيَةِ أَحْيَاءً، لأَنَّ فِي مَسَاكِنِهِمْ، فِي وَسْطِهِمْ شُرُورًا.“

المزمور ٥٨: ٦-٧ ”اَللَّهُمَّ، كَسِّرْ أَسْنَانَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمِ. اهْشِمْ أَضْرَاسَ الأَشْبَالِ يَا رَبُّ. لِيَذُوبُوا كَالْمَاءِ، لِيَذْهَبُوا. إِذَا فَوَّقَ سِهَامَهُ فَلْتَنْبُ.“

المزمور ٦٩: ٢٢-٢٨ ”لِتَصِرْ مَائِدَتُهُمْ قُدَّامَهُمْ فَخًّا، وَلِلآمِنِينَ شَرَكًا. لِتُظْلِمْ عُيُونُهُمْ عَنِ الْبَصَرِ، وَقَلْقِلْ مُتُونَهُمْ دَائِمًا. صُبَّ عَلَيْهِمْ سَخَطَكَ، وَلْيُدْرِكْهُمْ حُمُوُّ غَضَبِكَ. لِتَصِرْ دَارُهُمْ خَرَابًا، وَفِي خِيَامِهِمْ لاَ يَكُنْ سَاكِنٌ.لأَنَّ الَّذِي ضَرَبْتَهُ أَنْتَ هُمْ طَرَدُوهُ، وَبِوَجَعِ الَّذِينَ جَرَحْتَهُمْ يَتَحَدَّثُونَ. اِجْعَلْ إِثْمًا عَلَى إِثْمِهِمْ، وَلاَ يَدْخُلُوا فِي بِرِّكَ. لِيُمْحَوْا مِنْ سِفْرِ الأَحْيَاءِ، وَمَعَ الصِّدِّيقِينَ لاَ يُكْتَبُوا.“

المزمور ٨٣: ٩-١٠ ”اِفْعَلْ بِهِمْ كَمَا بِمِدْيَانَ، كَمَا بِسِيسَرَا، كَمَا بِيَابِينَ فِي وَادِي قِيشُونَ. بَادُوا فِي عَيْنِ دُورٍ. صَارُوا دِمَنًا لِلأَرْضِ.“

المزمور ١٠٩: ٦-١٤ ”فَأَقِمْ أَنْتَ عَلَيْهِ شِرِّيرًا، وَلْيَقِفْ شَيْطَانٌ عَنْ يَمِينِهِ. إِذَا حُوكِمَ فَلْيَخْرُجْ مُذْنِبًا، وَصَلاَتُهُ فَلْتَكُنْ خَطِيَّةً. لِتَكُنْ أَيَّامُهُ قَلِيلَةً، وَوَظِيفَتُهُ لِيَأْخُذْهَا آخَرُ. لِيَكُنْ بَنُوهُ أَيْتَامًا وَامْرَأَتُهُ أَرْمَلَةً. لِيَتِهْ بَنُوهُ تَيَهَانًا وَيَسْتَعْطُوا، وَيَلْتَمِسُوا خُبْزًا مِنْ خِرَبِهِمْ. لِيَصْطَدِ الْمُرَابِي كُلَّ مَا لَهُ، وَلْيَنْهَبِ الْغُرَبَاءُ تَعَبَهُ. لاَ يَكُنْ لَهُ بَاسِطٌ رَحْمَةً، وَلاَ يَكُنْ مُتَرَأِفٌ عَلَى يَتَامَاهُ. لِتَنْقَرِضْ ذُرِّيَّتُهُ. فِي الْجِيلِ الْقَادِمِ لِيُمْحَ اسْمُهُمْ. لِيُذْكَرْ إِثْمُ آبَائِهِ لَدَى الرَّبِّ، وَلاَ تُمْحَ خَطِيَّةُ أُمِّهِ.“

المراثي ١: ٢١-٢٢ ”سَمِعُوا أَنِّي تَنَهَّدْتُ. لاَ مُعَزِّيَ لِي. كُلُّ أَعْدَائِي سَمِعُوا بِبَلِيَّتِي. فَرِحُوا لأَنَّكَ فَعَلْتَ. تَأْتِي بِالْيَوْمِ الَّذِي نَادَيْتَ بِهِ فَيَصِيرُونَ مِثْلِي. لِيَأْتِ كُلُّ شَرِّهِمْ أَمَامَكَ. وَافْعَلْ بِهِمْ كَمَا فَعَلْتَ بِي مِنْ أَجْلِ كُلِّ ذُنُوبِي، لأَنَّ تَنَهُّدَاتِي كَثِيرَةٌ وَقَلْبِي مَغْشِيٌّ عَلَيْهِ».“

المراثي ٣: ٦٤-٦٦ ”رُدَّ لَهُمْ جَزَاءً يَا رَبُّ حَسَبَ عَمَلِ أَيَادِيهِمْ. أَعْطِهِمْ غِشَاوَةَ قَلْبٍ، لَعْنَتَكَ لَهُمْ. اِتْبَعْ بِالْغَضَبِ وَأَهْلِكْهُمْ مِنْ تَحْتِ سَمَاوَاتِ الرَّبِّ.“

كورنثوس الأولى ١٦: ٢٢ ”إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُحِبُّ الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ فَلْيَكُنْ أَنَاثِيمَا! مَارَانْ أَثَا.“.

لقد وقع المعترض في مغالطة التشعب (التقليص الخاطئ) إضافةً إلى الفشل في قراءة النصوص بطريقة أمينة وضمن سياقها النصي والتاريخي. إن الإجابة على تساؤل المعترض عن كيفية وجوب تعاملنا مع أعدائنا هي: يجب التعامل معهم وفق تعليم الكتاب المقدس.  لكن إن كان يريد المعترض تفاصيل إضافية فإنه من الواجب عليه أن يقوم بطرح تساؤلات عن كيفية وجوب التعامل مع الأعداء في الظروف والشروط المختلفة وضمن السياقات المختلفة. فالأمر الواضح هو أنه يوجد اختلاف في الطريقة التي يجب علينا أن نتعامل فيها مع أعدائنا في وقت الحرب أو السلم، في ساحة المعركة أم في أرض الحياد. كما أنه يوجد اختلاف في الطريقة التي يجب علينا أن نتعامل وفقها مع العدو الذي لا يشكل تهديداً علينا وبين العدو الذي يتوعد ويتحرك باتجاه إيذائنا أو قتلنا. فالكتاب المقدس يعلمنا بأنَّ تصرفنا مع أعدائنا يعتمد وبشكل كامل على الظروف، وذلك بخلاف الإعتقاد الساذج الذي يحاول الناقد أن يقدمه في هذا الإعتراض.

في الوقت الذي لا يوجد فيه تهديد مباشر، أي في وقت السلم، يجب علينا أن نتعامل مع أعدائنا بطريقة عادلة وبشكل مسالم مع إظهار الرحمة لهم كما يرد في (الخروج ٢٣: ٤؛ الأمثال  ٢٥: ٢١؛ متى ٥: ٤٤؛ لوقا ٦: ٣٥). أما في حال وجود معركة عادلة دائرة مع العدو، فإنه من المناسب أن نطلب النُصرة ونصلي من أجل كسرة أعدائنا في ظل تلك الظروف كما يرد في (المزمور ٣٥: ٦، ٨، ٥٥: ١٥، ٦٩: ٢٢-٢٨، ٨٣: ٩-١٠، ٨٣: ١٥-١٧). إضافةً إلى ذلك، فإنه من المسموح للناس أن يقوموا بالدفاع عن أنفسهم باستخدام أسلحة قاتلة ضد الأعداء الذين يتربصون بهم محاولين قتلهم (الخروج ٢٢: ٢-٣ ”إِنْ وُجِدَ السَّارِقُ وَهُوَ يَنْقُبُ، فَضُرِبَ وَمَاتَ، فَلَيْسَ لَهُ دَمٌ. وَلكِنْ إِنْ أَشْرَقَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، فَلَهُ دَمٌ. إِنَّهُ يُعَوِّضُ. إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ يُبَعْ بِسَرِقَتِهِ.“؛ رومية ١٣: ٤ ”لأَنَّهُ خَادِمُ اللهِ لِلصَّلاَحِ! وَلكِنْ إِنْ فَعَلْتَ الشَّرَّ فَخَفْ، لأَنَّهُ لاَ يَحْمِلُ السَّيْفَ عَبَثًا، إِذْ هُوَ خَادِمُ اللهِ، مُنْتَقِمٌ لِلْغَضَبِ مِنَ الَّذِي يَفْعَلُ الشَّرَّ.“). كما أنَّ الصلاة من أجل إحقاق العدالة في مثل تلك الحالات هي أمر مُحق (المزمور ٥٨: ٦-٧، ١٠٩: ٦-١٤؛ المراثي ١: ٢١-٢٢، ٣: ٦٤-٦٦). وفي جميع الأحوال إن هذه الآيات لا تتعارض أو تتناقض بعضها مع بعض وذلك لأنها لا تقدم تعليمات أو توجيهات متناقضة للتعامل مع ذات الظرف.

تجدر الملاحظة أنَّ كورنثوس الأولى ١٦: ٢٢ لا تناقش مع موضوع التعامل مع الأعداء. بل بالحري تتحدث عن قطع علاقة الشركة مع الأشخاص الذين يُظهرون وبشكل مستمر أنهم لا يُحبِّون الربّ. وهذه التعليمات هي لصالح الإنسان بُغية إصلاحه وتأديبه (كورنثوس الأولى ٥: ٥) وبالتالي فإن هذا الفعل هو فِعل محبة كما هو حال تأديب الرب لأبناءه (العبرانيين ١٢: ٥؛ كورنثوس الأولى ١١: ٣٢).


الأخطاء المنطقية المُستخدمة في هذا الإعتراض:

القراءة غير الدقيقة للنصوص هو خطأ شائع يحدث حين يقوم الناقد بقراءة النصوص بطريقة سطحية ودون بذل أي مجهود لمحاولة فهم النصوص ضمن سياقها النصّي والتاريخي والأدبي. وهي فشل في قراءة النصّ بطريقة تتوافق مع الأسلوب الأدبي الذي كُتب به. فالكتاب المقدس يحتوي على عدة أساليب مختلفة في الكتابة مثل: التاريخ (التكوين، الخروج، الملوك)، الشعر (المزامير، نشيد الأنشاد، الأمثال)، النبوءات (حزقيال، رؤيا يوحنا اللاهوتي)، الأمثال (أمثال المسيح في الأناجيل). ولا يمكن أن يتم تفسيرها جميعاً بأسلوب واحد. فالشعر بالعادة يحتوي على الصور الأدبية والتعبيرات المجازية، في حين أن السرد التأريخي يقرأ بطريقة حرفية. ومن عدم الأمانة للنص أن يتم تفسير النص المكتوب بطريقة شعرية على أنه سرد تأريخي أو تفسير السرد التأريخي على أنه شِعر. فعلى سبيل المثال، حين يتسائل كاتب المزمور عن سبب عم إجابة الله للصلاة؟ لماذا ينام الرّب؟، لا يجب أن يتم أخذ معنى ”النوم“ في هذه الحالة على أنّه نوم حرفي وإلا يعتبر هذا تفسيراً غير واعياً للنص ويفتقر للأمانة. ولكننا نجد البعض من الناقدين يستعملون هذا النوع من الأخطاء كما في #٤٠٠. سوف نجد العديد من الأخطاء التي تُرتَكَب من قِبَل الناقدين والتي يمكن وصفها بكل بساطة على أنَّها ”فشل في قراءة النص بتأنٍّ وانتباه.“ حيث أنَّه وعلى ما يبدو أن الناقد قد قرأ النص بشكل معزول وخارج سياقه، الأمر الذي قاده إلى الخروج بتفسير لا يمكن للقارئ الحذر أن يخرج به. فإنه سيكون من السُّخف القول بأنَّ ”الكتاب المُقدَّس يقول بأنَّه ليس إله من المزمور ١٤: ١“ ذلك أنَّ سياق الآية يقول بأنَّ ” قَالَ ٱلْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: «لَيْسَ إِلَهٌ».“ بالرغم من وضوح الأمر إلا أننا نجد عدداً من النُّقاد يسقطون في أخطا. إن بعض الأخطاء التي يرتكبها الناقدين لا يمكن أن يتمّ وصفها إلا بأنَّها ”خداع.“، وهي تلك الحالات التي لا يوجد أي نوع من التناقض الظاهري بين الآيات. وإنَّ أي شخص عقلاني سيلاحظ ذلك حتى من القراءة الأولى للنص، بالرغم من ذلك نجد أنّ هذا النوع من التناقضات المفترضة مُدرَج على لوائح تناقضات الكتاب المُقدَّس، التي يمكننا أن نقول عنها بأنها لوائح مُخادعة قام بوضعها النقّاد آملين في أنَّها سُتبهر من يطَّلع عليها فلا يقوم بمراجعتها. وللأسف هذا ما يحدث في كثير من الحالات.

وتعرف باسم مغالطة التقليص الخاطئ أو مغالطة إمّا أو. وتحدث هذه المغالطة حين يطالب الشخص بأن تكون الإجابة هي واحدة من بين إجابتين أو أكثر كان قد أعدها بشكل مسبق في حين أنَّ الحقيقة تكون في إجابة ثالثة لم يقم بتقديمها. كما في حالة ”إنَّ الإشارة الضوئية للمرور إما أن تكون حمراء أو خضراء“ فهي مغالطة تشعّب حيث أنّ الإشارة الضوئية قد تكون صفراء. ”إما أن يتبرر الإنسان بالأعمال أو بالإيمان“ وهذه مغالطة تشعّب أيضاً فالإنسان قد يتبرر بالإيمان أمام الله في حين أنَّه يتبرر بالأعمال أمام الناس.اقرأ المزيد عن مغالطة التشعّب