الإعتراض ٢١٤، من كان أعظم: يسوع أم سليمان أم يوحنا المعمدان؟

Cover Image for: objection214

هل كان سليمان كما يرد في الملوك الأول ٣: ١٢؛ أم يسوع كما يرد في متى ١٢: ٤٢؛ لوقا ١١: ٣١؛ كولوسي ٢: ٢-٣؛ أم يوحنا المعمدان كما يرد متى ١١: ١١.

الملوك الأول ٣: ١٢ ”هُوَذَا قَدْ فَعَلْتُ حَسَبَ كَلاَمِكَ. هُوَذَا أَعْطَيْتُكَ قَلْبًا حَكِيمًا وَمُمَيِّزًا حَتَّى إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِثْلُكَ قَبْلَكَ وَلاَ يَقُومُ بَعْدَكَ نَظِيرُكَ.“

متى ١٢: ٤٢ ”مَلِكَةُ التَّيْمَنِ سَتَقُومُ فِي الدِّينِ مَعَ هذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُ، لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ ههُنَا!“

لوقا ١١: ٣١ ”مَلِكَةُ التَّيْمَنِ سَتَقُومُ فِي الدِّينِ مَعَ رِجَالِ هذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُمْ، لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ ههُنَا!“

كولوسي ٢: ٢-٣ ”لِكَيْ تَتَعَزَّى قُلُوبُهُمْ مُقْتَرِنَةً فِي الْمَحَبَّةِ لِكُلِّ غِنَى يَقِينِ الْفَهْمِ، لِمَعْرِفَةِ سِرِّ اللهِ الآبِ وَالْمَسِيحِ، الْمُذَّخَرِ فِيهِ جَمِيعُ كُنُوزِ الْحِكْمَةِ وَالْعِلْمِ.“

متى ١١: ١١ ”اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ، وَلكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ.“

لقد فشل المعترض في التمييز بين المعاني المُختلفة بالإضافة إلى الفشل في القيام بقراءة النص بدقة.

يجب علينا في البداية أن نسأل عن المعنى المُراد من كلمة ”أعظم“. فهل المقصود منها أعظم من حيث الحكمة، أم أعظم من حيث القوة، أم أعظم من حيث  الشخصية الأخلاقية، أم أعظم من حيث الكلمة النبوية؟

يمكننا أن نقارن شخصين وليكونا توماس ويوحنا، فإن توماس يمكن أن يكون أعظم من يوحنا في لعبة كرة المضرب، في حين أن يوحنا يُمكن أن يكون أعظم من توماس بلعبة الشطرنج. إن هذا لن يُعتبر تناقضاً إذ أن معنى الكلمة مختلف بين المقارنتين وهذا ما يُدعى بالخلط بين الفئات (التصنيف).

لقد أعطى الرب الإله لسليمان حكمةً وتمييزاً تفوق أي إنسان سبقه أو سيأتي بعده (الملوك الأول ٣: ١١). وبالطبع إن هذا الأمر سيستثني الله نفسه من هذه المقارنة حيث أنَّه ليس إنساناً ولم يقم بعد سليمان. وبالتالي فإن يسوع بوصفه الإله المتجسد فإنَّ حكمته ليست محدودة وبالتالي فإنَّه أحكم من سليمان (كما يرد كولوسي ٢: ٢-٣؛ متى ١٢: ٤٢). لكن من المنطقي أن نستنتج أن سليمان كان أعظم من يوحنا المعمدان من حيث الحكمة.

إن يوحنا المعمدان كان أعظم نبي من بين أولئك المولودين بشكل طبيعي (متى ١١: ١١). إن عبارة ”المولودين من النساء“ هي عبارة مجازية تشير إلى الأشخاص الذين يولدون بطريقة طبيعية (على سبيل المثال ما يرد في أيوب ١٤: ١ ”اَلإِنْسَانُ مَوْلُودُ الْمَرْأَةِ، قَلِيلُ الأَيَّامِ وَشَبْعَانُ تَعَبًا.“).

إن هذا الأمر سوف يستثني يسوع المسيح لأن الحبل به كان مُعجزياً (وهو ما يرد في لوقا ١: ٣٤-٣٥). لكن هذا سيعني بكل تأكيد أن يوحنا المعمدان كان أعظم من أي نبي قبله - إن العظمة هنا تشير إلى الوظيفة النبوية وهو الأمر الذي تتم الإشارة إليه في الآية التاسعة وهو الأمر الذي فشل الناقد في ملاحظته ( لكِنْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ أَنَبِيًّا؟ نَعَمْ، أَقُولُ لَكُمْ، وَأَفْضَلَ مِنْ نَبِيٍّ. متى ١١: ٩). والأمر هو أشد وضوحاً عند قراءته في الآية الموازية في لوقا ٧: ٢٨ ”لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ لَيْسَ نَبِيٌّ أَعْظَمَ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ، وَلكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ اللهِ أَعْظَمُ مِنْهُ».“ إذاً فإن يوحنا من حيث الوظيفة النبوية كان أعظم من سليمان.  إلا أن يسوع هو يتفوق عليهم في الحكمة والشخصية والسلطان والوظيفة النبوية على حدّ سواء (مرقس ١: ٦-٧؛ لوقا ٣: ١٦؛ ١١: ٣١؛ متى ١٢: ٤٢).


الأخطاء المنطقية المُستخدمة في هذا الإعتراض:

القراءة غير الدقيقة للنصوص هو خطأ شائع يحدث حين يقوم الناقد بقراءة النصوص بطريقة سطحية ودون بذل أي مجهود لمحاولة فهم النصوص ضمن سياقها النصّي والتاريخي والأدبي. وهي فشل في قراءة النصّ بطريقة تتوافق مع الأسلوب الأدبي الذي كُتب به. فالكتاب المقدس يحتوي على عدة أساليب مختلفة في الكتابة مثل: التاريخ (التكوين، الخروج، الملوك)، الشعر (المزامير، نشيد الأنشاد، الأمثال)، النبوءات (حزقيال، رؤيا يوحنا اللاهوتي)، الأمثال (أمثال المسيح في الأناجيل). ولا يمكن أن يتم تفسيرها جميعاً بأسلوب واحد. فالشعر بالعادة يحتوي على الصور الأدبية والتعبيرات المجازية، في حين أن السرد التأريخي يقرأ بطريقة حرفية. ومن عدم الأمانة للنص أن يتم تفسير النص المكتوب بطريقة شعرية على أنه سرد تأريخي أو تفسير السرد التأريخي على أنه شِعر. فعلى سبيل المثال، حين يتسائل كاتب المزمور عن سبب عم إجابة الله للصلاة؟ لماذا ينام الرّب؟، لا يجب أن يتم أخذ معنى ”النوم“ في هذه الحالة على أنّه نوم حرفي وإلا يعتبر هذا تفسيراً غير واعياً للنص ويفتقر للأمانة. ولكننا نجد البعض من الناقدين يستعملون هذا النوع من الأخطاء كما في #٤٠٠. سوف نجد العديد من الأخطاء التي تُرتَكَب من قِبَل الناقدين والتي يمكن وصفها بكل بساطة على أنَّها ”فشل في قراءة النص بتأنٍّ وانتباه.“ حيث أنَّه وعلى ما يبدو أن الناقد قد قرأ النص بشكل معزول وخارج سياقه، الأمر الذي قاده إلى الخروج بتفسير لا يمكن للقارئ الحذر أن يخرج به. فإنه سيكون من السُّخف القول بأنَّ ”الكتاب المُقدَّس يقول بأنَّه ليس إله من المزمور ١٤: ١“ ذلك أنَّ سياق الآية يقول بأنَّ ” قَالَ ٱلْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: «لَيْسَ إِلَهٌ».“ بالرغم من وضوح الأمر إلا أننا نجد عدداً من النُّقاد يسقطون في أخطا. إن بعض الأخطاء التي يرتكبها الناقدين لا يمكن أن يتمّ وصفها إلا بأنَّها ”خداع.“، وهي تلك الحالات التي لا يوجد أي نوع من التناقض الظاهري بين الآيات. وإنَّ أي شخص عقلاني سيلاحظ ذلك حتى من القراءة الأولى للنص، بالرغم من ذلك نجد أنّ هذا النوع من التناقضات المفترضة مُدرَج على لوائح تناقضات الكتاب المُقدَّس، التي يمكننا أن نقول عنها بأنها لوائح مُخادعة قام بوضعها النقّاد آملين في أنَّها سُتبهر من يطَّلع عليها فلا يقوم بمراجعتها. وللأسف هذا ما يحدث في كثير من الحالات.