الإعتراض ٢٤٥، ما هو الجديد؟

Cover Image for: objection245

يُقدم الناقد سفر الجامعة ١: ٩ ليقول بأنَّه لا يوجد أي شيء جديد. ومن ثمَّ يقول بأنَّه يوجد أشياء جديد مذكورة في إشعياء ٤٣: ١٩،إشعياء ٦٥: ١٧؛ ارمياء ٣١: ٢٢؛ كورنثوس الثانية ٥: ١٧؛ بطرس الثانية ٣: ١٣؛ والرؤيا ٢١: ١.

مَا كَانَ فَهُوَ مَا يَكُونُ، وَالَّذِي صُنِعَ فَهُوَ الَّذِي يُصْنَعُ، فَلَيْسَ تَحْتَ الشَّمْسِ جَدِيدٌ. الجامعة ١: ٩

هأَنَذَا صَانِعٌ أَمْرًا جَدِيدًا. الآنَ يَنْبُتُ. أَلاَ تَعْرِفُونَهُ؟ أَجْعَلُ فِي الْبَرِّيَّةِ طَرِيقًا، فِي الْقَفْرِ أَنْهَارًا. إشعياء ٤٣: ١٩

لأَنِّي هأَنَذَا خَالِقٌ سَمَاوَاتٍ جَدِيدَةً وَأَرْضًا جَدِيدَةً، فَلاَ تُذْكَرُ الأُولَى وَلاَ تَخْطُرُ عَلَى بَال. إشعياء ٦٥: ١٧

حَتَّى مَتَى تَطُوفِينَ أَيَّتُهَا الْبِنْتُ الْمُرْتَدَّةُ؟ لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ خَلَقَ شَيْئًا حَدِيثًا فِي الأَرْضِ. أُنْثَى تُحِيطُ بِرَجُل. إرميا ٣١: ٢٢

إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا. كورنثوس الثانية ٥: ١٧

وَلكِنَّنَا بِحَسَبِ وَعْدِهِ نَنْتَظِرُ سَمَاوَاتٍ جَدِيدَةً، وَأَرْضًا جَدِيدَةً، يَسْكُنُ فِيهَا الْبِرُّ. بطرس الثانية ٣: ١٣

ثُمَّ رَأَيْتُ سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضًا جَدِيدَةً، لأَنَّ السَّمَاءَ الأُولَى وَالأَرْضَ الأُولَى مَضَتَا، وَالْبَحْرُ لاَ يُوجَدُ فِي مَا بَعْدُ. رؤيا ٢١: ١

إن الفشل في القيام بقراءة أمينة ودقيقة للنص ضمن سياقه النصي هو ما أودى بالناقد إلى الخلوص إلى هذا النوع من الإعتراضات. إن سفر الجامعة ١: ٩ يُعبّر بطريقة شعرية عن الحقيقة التي تقول بأن العالم الطبيعي الحاضر قد يمتلك نوعاً من التماثل بحيث أنَّه لا توجد خليقة جديدة فيه. وهنا لا بد لنا من التأكيد على أن الله قد أنهى كلَّ عمل الخلق الذي عمله في اليوم السابع من أسبوع الخلق (التكوين ٢: ٢-٣)؛ وعلى الرغم من أنَّه يوجد حيوانات وبشر سيولدون، إلا أنَّهم من ذات الأنواع التي خُلِقَت في الأصل، وتَكوَّنت من ذات المواد التي أُعيد تكريرها من خلال النظام الطبيعي المخلوق. وبالتالي فإنَّه ما هو معاصر (أو ما كان مُعاصراً في أيام سليمان الملك) ليس جديد تحت الشمس - وهذه إشارة إلى العالم المادي والطبيعي.

إن الآيات التي قام الناقد بتقديمها، لا تتعامل مع العالم المادي المُعاصر. فإما أنها تتعامل مع العالم المادي المستقبلي، أو أنها تتعامل مع العالم الروحي. إن الأمر على درجة عالية من الوضوح في إشعياء ٤٣: ١٩ حيث تشير هذه الآية إلى أشياء جديدة سوف تحدث في مستقبل اشعياء: ”هأَنَذَا صَانِعٌ أَمْرًا جَدِيدًا.…“. وبالتالي فإن هذه الآية لا يُمكن أن تتناقض مع الحاضر الذي يتحدث عنه سليمان في سفر الجامعة ١: ٩. والحال هو كذلك مع إشعياء ٦٥: ١٧ التي تتحدث عن مستقبل اشعياء وليس عن الحاضر. أما عند النظر إلى الآية الواردة في سفر ارمياء ٣١: ٢٢ ضمن سياقها فإنه يوجد إشارات واضحة إلى أنها تتحدث عن أحداث مستقبلية (يظهر ذلك بشكل خاص في الآيتين ٦، ٣١ من ذات الإصحاح)، وهي أحداث ترتبط بعمل مستقبلي يقوم به الرب الإله.

عند النظر إلى رسالة بطرس الثانية ٣: ١٣ فإننا نجد أنها تقول: ”… نَنْتَظِرُ سَمَاوَاتٍ جَدِيدَةً، وَأَرْضًا جَدِيدَةً، …“ وقد ذُكِرَت هذه السموات والأرض في سفر الرؤيا ٢١: ١.

رسالة كورنثوس الثانية ٥: ١٧ تتحدث عن الحاضر، ولكن في البُعد الروحي للخليقة دوناً عن البعد الماديّ الذي ”تحت الشمس“. إن هذه الآية تتحدث عن الطبيعة الجديدة التي يحصل عليها المسيحي حين يؤمن وينال الخلاص؛ ولكن الأمر الواضح هو أن جسده المادي لا يُصبح جديداً في الوقت الحاضر. إن الأمر الواضح من هذه الآيات هو أن قراءتها ضمن سياقها النصي سوف يزيل أي ارتباك قد يتولّد عند القارئ، فلا يوجد أي شيء جديد في العالم المادي الحاضر، ولكنه يوجد خليقة جديدة ولكنها روحية، ونحن جميعنا نرنو بنظرنا عالياً منتظرين المجد العتيد أن يُستعلن واكتمال التجديد بالمجيء الثاني لفادينا ومُخلصنا يسوع المسيح.


الأخطاء المنطقية المُستخدمة في هذا الإعتراض:

القراءة غير الدقيقة للنصوص هو خطأ شائع يحدث حين يقوم الناقد بقراءة النصوص بطريقة سطحية ودون بذل أي مجهود لمحاولة فهم النصوص ضمن سياقها النصّي والتاريخي والأدبي. وهي فشل في قراءة النصّ بطريقة تتوافق مع الأسلوب الأدبي الذي كُتب به. فالكتاب المقدس يحتوي على عدة أساليب مختلفة في الكتابة مثل: التاريخ (التكوين، الخروج، الملوك)، الشعر (المزامير، نشيد الأنشاد، الأمثال)، النبوءات (حزقيال، رؤيا يوحنا اللاهوتي)، الأمثال (أمثال المسيح في الأناجيل). ولا يمكن أن يتم تفسيرها جميعاً بأسلوب واحد. فالشعر بالعادة يحتوي على الصور الأدبية والتعبيرات المجازية، في حين أن السرد التأريخي يقرأ بطريقة حرفية. ومن عدم الأمانة للنص أن يتم تفسير النص المكتوب بطريقة شعرية على أنه سرد تأريخي أو تفسير السرد التأريخي على أنه شِعر. فعلى سبيل المثال، حين يتسائل كاتب المزمور عن سبب عم إجابة الله للصلاة؟ لماذا ينام الرّب؟، لا يجب أن يتم أخذ معنى ”النوم“ في هذه الحالة على أنّه نوم حرفي وإلا يعتبر هذا تفسيراً غير واعياً للنص ويفتقر للأمانة. ولكننا نجد البعض من الناقدين يستعملون هذا النوع من الأخطاء كما في #٤٠٠. سوف نجد العديد من الأخطاء التي تُرتَكَب من قِبَل الناقدين والتي يمكن وصفها بكل بساطة على أنَّها ”فشل في قراءة النص بتأنٍّ وانتباه.“ حيث أنَّه وعلى ما يبدو أن الناقد قد قرأ النص بشكل معزول وخارج سياقه، الأمر الذي قاده إلى الخروج بتفسير لا يمكن للقارئ الحذر أن يخرج به. فإنه سيكون من السُّخف القول بأنَّ ”الكتاب المُقدَّس يقول بأنَّه ليس إله من المزمور ١٤: ١“ ذلك أنَّ سياق الآية يقول بأنَّ ” قَالَ ٱلْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: «لَيْسَ إِلَهٌ».“ بالرغم من وضوح الأمر إلا أننا نجد عدداً من النُّقاد يسقطون في أخطا. إن بعض الأخطاء التي يرتكبها الناقدين لا يمكن أن يتمّ وصفها إلا بأنَّها ”خداع.“، وهي تلك الحالات التي لا يوجد أي نوع من التناقض الظاهري بين الآيات. وإنَّ أي شخص عقلاني سيلاحظ ذلك حتى من القراءة الأولى للنص، بالرغم من ذلك نجد أنّ هذا النوع من التناقضات المفترضة مُدرَج على لوائح تناقضات الكتاب المُقدَّس، التي يمكننا أن نقول عنها بأنها لوائح مُخادعة قام بوضعها النقّاد آملين في أنَّها سُتبهر من يطَّلع عليها فلا يقوم بمراجعتها. وللأسف هذا ما يحدث في كثير من الحالات.