الإعتراض ٢٧٠، هل من الواجب عليك أن تخدم الله وحده؟

Cover Image for: objection270

بعتقد الناقد بوجود تناقض بين الآيات الواردة في متى ٤: ١٠، ٢٣: ١٠ التي تقدم إجابة بالإيجاب، وبين كل من أفسس ٦: ٥، كولوسي ٣: ١٨، ٢٠، ٢٢؛ رسالة تيموثاوس الأولى ٦: ١، تيطس ٢: ٩ وبطرس الأولى ٢: ١٨ التي تُشير إلى وجوب خدمة آخرين.

فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسْجُدُ، وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ!» متى ٤: ١٠

وَلا تَقْبَلُوا أَنْ يَدْعُوَكُمْ أَحَدٌ رُؤَسَاءَ، لأَنَّ رَئِيسَكُمْ وَاحِدٌ، وَهُوَ الْمَسِيحُ. متى ٢٣: ١٠

أَيُّهَا الْعَبِيدُ، أَطِيعُوا سَادَتَكُمُ الْبَشَرِيِّينَ بِخَوْفٍ وَارْتِعَادٍ، مِنْ قَلْبٍ صَادِقٍ، كَمَنْ يُطِيعُ الْمَسِيحَ، أفسس ٦: ٥

أَيَّتُهَا الزَّوْجَاتُ اخْضَعْنَ لأَزْوَاجِكُنَّ كَمَا يَلِيقُ (بِالْعِيشَةِ) فِي الرَّبِّ. … أَيُّهَا الأَوْلادُ، أَطِيعُوا وَالِدِيكُمْ فِي كُلِّ أَمْرٍ، لأَنَّ ذَلِكَ مَرْضِيٌّ فِي الرَّبِّ. … أَيُّهَا الْعَبِيدُ، أَطِيعُوا فِي كُلِّ أَمْرٍ سَادَتَكُمُ الْبَشَرِيِّينَ، فَلا تَعْمَلُوا بِجِدٍّ فَقَطْ حِينَ تَكُونُ عُيُونُهُمْ عَلَيْكُمْ، كَمَنْ يُحَاوِلُ إِرْضَاءَ النَّاسِ، بَلْ بِقَلْبٍ صَادِقٍ خَائِفِينَ الرَّبَّ. كولوسي ٣: ١٨، ٢٠، ٢٢

عَلَى جَمِيعِ مَنْ هُمْ تَحْتَ نِيرِ الْعُبُودِيَّةِ أَنْ يَعْتَبِرُوا سَادَتَهُمْ أَهْلاً لِكُلِّ إِكْرَامٍ، لِكَيْ لَا يَجْلِبُوا التَّجْدِيفَ عَلَى اسْمِ اللهِ وَعَلَى التَّعْلِيمِ. رسالة تيموثاوس الأولى ٦: ١

وَعَلِّمِ الْعَبِيدَ أَنْ يَكُونُوا خَاضِعِينَ لِسَادَتِهِمْ، مُرْضِينَ لَهُمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ؛ غَيْرَ مُعَانِدِينَ؛ تيطس ٢: ٩

أَيُّهَا الْخَدَمُ، اخْضَعُوا لِسَادَتِكُمْ بِاحْتِرَامٍ لائِقٍ. لَيْسَ لِلسَّادَةِ الصَّالِحِينَ الْمُتَرَفِّقِينَ فَقَطْ، بَلْ لِلظَّالِمِينَ الْقُسَاةِ أَيْضاً! بطرس الأولى ٢: ١٨

لقد فشل الناقد في القيام بإجراء قراءة أمينة ودقيقة للنص بالإضافة إلى وقوعه في مغالطة المواربة.

في متى ٤: ١٠، كان يسوع قد اقتبس من التثنية ٦: ١٣ والتي ترد ضمن سياق نصي واضح يُعلِّم بأنَّ الله وحده هو من يستحق العبادة والخدمة كإله، وبالتالي فإن ”خدمة“ أي شخص أو شيء آخر بوصفه إلهاً هو الأمر المُحرَّم، وليس خدمتهم بمعنى تقديم خدمات وأنواع أُخرى من المساعدة.

إن الرب الإله هو الوحيد الذي يمتلك السلطان ويستحق العبادة والإكرام والسجود، أي أنَّه الوحيد الذي يستحق أن يُخدَم وذلك بطريقة تعبدية. إلا أنَّ هذا الأمر لا يمنع وجود أشخاص يمتلكون نوعاً آخراً من السلطان ومن الواجب أن تتم إطاعتهم وخدمتهم بطريقة مختلفة عما يتم تقديمه للرب الإله.

حقيقة الأمر هي أن جميع السلطات الأرضية هي موضوعة من الله (رومية ١٣: ١)، ولذلك فنحن نخضع للقادة (العبرانيين ١٣: ١٧) جميع هذه السلطات هي مُؤسَّسة من الله وبالتالي فإنها تمتلك نوعاً من أنواع اسلطان الأرضي علينا (أفسس ٦: ٥؛ كولوسي ٣: ١٨-٢٣؛ رسالة تيموثاوس الأولى ٦: ١؛ تيطس ٢: ٩؛ بطرس الأولى ٢: ١٨)، وهذا لا يعني بأننا نقوم بعبادتها أو خدمتها كما تُخدَم الأوثان.

عَلَى كُلِّ نَفْسٍ أَنْ تَخْضَعَ لِلسُّلْطَاتِ الْحَاكِمَةِ. فَلا سُلْطَةَ إِلّا مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَالسُّلْطَاتُ الْقَائِمَةُ مُرَتَّبَةٌ مِنْ قِبَلِ اللهِ. رومية ١٣: ١

أَطِيعُوا مُرْشِدِيكُمْ، وَاخْضَعُوا لَهُمْ، لأَنَّهُمْ يَسْهَرُونَ عَلَى مَصْلَحَتِكُمُ الرُّوحِيَّةِ، كَمَا يَسْهَرُ الَّذِي يَحْمِلُ مَسْؤولِيَّةً سَوْفَ يُقَدِّمُ حِسَاباً عَنْ قِيَامِهِ بِها. وَعِنْدَئِذٍ، يُؤَدُّونَ مُهِمَّتَهُمْ بِفَرَحٍ دُونَ تَذَمُّرٍ. فَلَنْ يَكُونَ فِي تَذَمُّرِهِمْ نَفْعٌ لَكُمْ! العبرانيين ١٣: ١٧

إن الكتاب المقدس يُحرِّم عبادة الأوثان ولكنه يُشجع على الطاعة وعلى خدمة الآخرين بطريقة سليمة تُمَجِّدُ الله الذي هو صاحب السلطان المُطلَق.


الأخطاء المنطقية المُستخدمة في هذا الإعتراض:

القراءة غير الدقيقة للنصوص هو خطأ شائع يحدث حين يقوم الناقد بقراءة النصوص بطريقة سطحية ودون بذل أي مجهود لمحاولة فهم النصوص ضمن سياقها النصّي والتاريخي والأدبي. وهي فشل في قراءة النصّ بطريقة تتوافق مع الأسلوب الأدبي الذي كُتب به. فالكتاب المقدس يحتوي على عدة أساليب مختلفة في الكتابة مثل: التاريخ (التكوين، الخروج، الملوك)، الشعر (المزامير، نشيد الأنشاد، الأمثال)، النبوءات (حزقيال، رؤيا يوحنا اللاهوتي)، الأمثال (أمثال المسيح في الأناجيل). ولا يمكن أن يتم تفسيرها جميعاً بأسلوب واحد. فالشعر بالعادة يحتوي على الصور الأدبية والتعبيرات المجازية، في حين أن السرد التأريخي يقرأ بطريقة حرفية. ومن عدم الأمانة للنص أن يتم تفسير النص المكتوب بطريقة شعرية على أنه سرد تأريخي أو تفسير السرد التأريخي على أنه شِعر. فعلى سبيل المثال، حين يتسائل كاتب المزمور عن سبب عم إجابة الله للصلاة؟ لماذا ينام الرّب؟، لا يجب أن يتم أخذ معنى ”النوم“ في هذه الحالة على أنّه نوم حرفي وإلا يعتبر هذا تفسيراً غير واعياً للنص ويفتقر للأمانة. ولكننا نجد البعض من الناقدين يستعملون هذا النوع من الأخطاء كما في #٤٠٠. سوف نجد العديد من الأخطاء التي تُرتَكَب من قِبَل الناقدين والتي يمكن وصفها بكل بساطة على أنَّها ”فشل في قراءة النص بتأنٍّ وانتباه.“ حيث أنَّه وعلى ما يبدو أن الناقد قد قرأ النص بشكل معزول وخارج سياقه، الأمر الذي قاده إلى الخروج بتفسير لا يمكن للقارئ الحذر أن يخرج به. فإنه سيكون من السُّخف القول بأنَّ ”الكتاب المُقدَّس يقول بأنَّه ليس إله من المزمور ١٤: ١“ ذلك أنَّ سياق الآية يقول بأنَّ ” قَالَ ٱلْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: «لَيْسَ إِلَهٌ».“ بالرغم من وضوح الأمر إلا أننا نجد عدداً من النُّقاد يسقطون في أخطا. إن بعض الأخطاء التي يرتكبها الناقدين لا يمكن أن يتمّ وصفها إلا بأنَّها ”خداع.“، وهي تلك الحالات التي لا يوجد أي نوع من التناقض الظاهري بين الآيات. وإنَّ أي شخص عقلاني سيلاحظ ذلك حتى من القراءة الأولى للنص، بالرغم من ذلك نجد أنّ هذا النوع من التناقضات المفترضة مُدرَج على لوائح تناقضات الكتاب المُقدَّس، التي يمكننا أن نقول عنها بأنها لوائح مُخادعة قام بوضعها النقّاد آملين في أنَّها سُتبهر من يطَّلع عليها فلا يقوم بمراجعتها. وللأسف هذا ما يحدث في كثير من الحالات.

وتحدث حين يقوم الشخص بتغيير معنى كلمة معينة ضمن سياق جداله الذي يقدمه. على سبيل المثال: ”رسالة يعقوب ١: ٣ تُعلِّم بأنّ اللهَ غَيْرُ مُجَرَّبٍ، في حين أن الرسالة إلى العبرانيين ٤: ١٥ تعلم بأن يسوع المسيح (الإله) مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ“ أليس هذا تناقضاً؟. لكن كلمة ”جُرِّبَ“ قد حملت معنيَين مُختلفَين في الآيتين فهي قد تعني ”اختُبِرَ“ (وهو المعنى المستخدم في الرسالة إلى العبرانيين ) أو قد تعني ”أُغويَ“ (وهو المعنى المستخدم في رسالة يعقوب). وهو ليس بتناقض أن يتم التأكيد بأن يسوع كان تحت الإختبار إلا أنَّه لم يُغوى. اقرأ المزيد عن مغالطة المواربة