الإعتراض ٢٧٥، هل كان الرجال (أو الملائكة) في وضعية الوقوف أم الجلوس داخل القبر؟

Cover Image for: objection275

يعتقد الناقد بوجود تناقض بين ما يرد في كل من مرقس ١٦: ٥ ويوحنا ٢٠: ١١-١٢ حيت يرد أنهم كانوا جالسين، في حين أن السرد الذي قدَّمه لوقا يقول أنهم كانوا في وضعية الوقوف في لوقا ٢٤: ٣-٤.

وَإِذْ دَخَلْنَ الْقَبْرَ، رَأَيْنَ فِي الْجِهَةِ الْيُمْنَى شَابّاً جَالِساً، لابِساً ثَوْباً أَبْيَضَ، فَتَمَلَّكَهُنَّ الْخَوْفُ. مرقس ١٦: ٥

أَمَّا مَرْيَمُ فَظَلَّتْ وَاقِفَةً فِي الْخَارِجِ تَبْكِي عِنْدَ الْقَبْرِ. وَفِيمَا هِيَ تَبْكِي، انْحَنَتْ إِلَى الْقَبْرِ. فَرَأَتْ مَلاكَيْنِ بِثِيَابٍ بِيضٍ، جَالِسَيْنِ حَيْثُ كَانَ جُثْمَانُ يَسُوعَ مَوْضُوعاً، وَاحِداً عِنْدَ الرَّأْسِ وَالآخَرَ عِنْدَ الْقَدَمَيْنِ. يوحنا ٢٠: ١١-١٢

وَلكِنْ لَمَّا دَخَلْنَ لَمْ يَجِدْنَ جُثْمَانَ الرَّبِّ يَسُوعَ. وَفِيمَا هُنَّ مُتَحَيِّرَاتٌ فِي ذلِكَ، إِذَا رَجُلانِ بِثِيَابٍ بَرَّاقَةٍ قَدْ وَقَفَا بِجَانِبِهِنَّ. لوقا ٢٤: ٣-٤

لقد فشل الناقد في التمييز بين الأزمنة المُختلفة للأحداث. إن الأحداث التي يصفها السرد الوارد في يوحنا ٢٠: ١١-١٢ كانت قد وقعت في وقت مُختلف عن الأحداث التي يرد وصفها في كل من مرقس ١٦: ٥ ولوقا ٢٤: ٣-٤. كانت مريم المجدلية قد وصلت إلى القبر قبل بقية النسوة، وفي ذلك الوقت كانت قد عاينت الحجر الذي دُحرِجَ ليغلق مَدخل القبر قد أُزيح عن باب القبر (يوحنا ٢٠: ١). بعد ذلك أتت من جديد إلى القبر ونَظَرَت لتعاين ملاكَين جالسين (يوحنا ٢٠: ١١-١٢). حين وصلت النسوة الباقيات رأين ملاكاً واحداً (على الأقل) يجلس على الجانب اليمين (مرقس ١٦: ٥). إن الوضعية التي اتخذها الملاك الثاني لم تكن قد تمت الإشارة إليها في السرد الإنجيليّ الذي دوَّنه مرقس. من المُحتمل أن يكون الملاك قد انتصب واقفاً للترحيب بالنسوة وهو الأمر الذي يُمكن أن يُستنبط من السرد الذي دوَّنه لوقا ٢٤: ٣-٤. على أيّة حال، إن الكلمة اليونانية التي تُتَرجَم ”واقف، مُنتصب“ والتي ترد في لوقا ٢٤: ٣-٤ لا تعني بالضرورة الوقوف بمعنى وضعية الجسد المُنتصبة على القدمين، إذ أنَّه من المُمكن أن تتم ترجمتها ”ظَهَرَ“ كما يرد في الترجمة العربية المشتركة، أو ”حَضَرَ“ كما يرد في الترجمة الكاثوليكية (اليسوعية).

فدَخَلْنَ، فما وَجَدْنَ جسَدَ الرّبّ يَسوعَ. وبَينَما هُنّ في حَيرَةٍ، ظهَرَ لَهُنّ رَجُلانِ علَيهِما ثِيابٌ بَرّاقَةٌ،  لوقا ٢٤: ٣-٤

فدَخَلنَ فلَم يَجِدنَ جُثْمانَ الرَّبِّ يسوع. وبَينَما هُنَّ في حَيرَةٍ مِن ذٰلك، إِذ حَضَرَهُنَّ رَجُلانِ علَيهِما ثِيابٌ بَرَّاقَة،  لوقا ٢٤: ٣-٤

إن القراءة الأمينة والدقيقة للنص الكتابي لا تتطلب الكثير من المجهود، إذ أن مقارنة بسيطة للترجمات العربية قد تكون كافية لإزالة أيّة التباس أو غموض.


الأخطاء المنطقية المُستخدمة في هذا الإعتراض:

القراءة غير الدقيقة للنصوص هو خطأ شائع يحدث حين يقوم الناقد بقراءة النصوص بطريقة سطحية ودون بذل أي مجهود لمحاولة فهم النصوص ضمن سياقها النصّي والتاريخي والأدبي. وهي فشل في قراءة النصّ بطريقة تتوافق مع الأسلوب الأدبي الذي كُتب به. فالكتاب المقدس يحتوي على عدة أساليب مختلفة في الكتابة مثل: التاريخ (التكوين، الخروج، الملوك)، الشعر (المزامير، نشيد الأنشاد، الأمثال)، النبوءات (حزقيال، رؤيا يوحنا اللاهوتي)، الأمثال (أمثال المسيح في الأناجيل). ولا يمكن أن يتم تفسيرها جميعاً بأسلوب واحد. فالشعر بالعادة يحتوي على الصور الأدبية والتعبيرات المجازية، في حين أن السرد التأريخي يقرأ بطريقة حرفية. ومن عدم الأمانة للنص أن يتم تفسير النص المكتوب بطريقة شعرية على أنه سرد تأريخي أو تفسير السرد التأريخي على أنه شِعر. فعلى سبيل المثال، حين يتسائل كاتب المزمور عن سبب عم إجابة الله للصلاة؟ لماذا ينام الرّب؟، لا يجب أن يتم أخذ معنى ”النوم“ في هذه الحالة على أنّه نوم حرفي وإلا يعتبر هذا تفسيراً غير واعياً للنص ويفتقر للأمانة. ولكننا نجد البعض من الناقدين يستعملون هذا النوع من الأخطاء كما في #٤٠٠. سوف نجد العديد من الأخطاء التي تُرتَكَب من قِبَل الناقدين والتي يمكن وصفها بكل بساطة على أنَّها ”فشل في قراءة النص بتأنٍّ وانتباه.“ حيث أنَّه وعلى ما يبدو أن الناقد قد قرأ النص بشكل معزول وخارج سياقه، الأمر الذي قاده إلى الخروج بتفسير لا يمكن للقارئ الحذر أن يخرج به. فإنه سيكون من السُّخف القول بأنَّ ”الكتاب المُقدَّس يقول بأنَّه ليس إله من المزمور ١٤: ١“ ذلك أنَّ سياق الآية يقول بأنَّ ” قَالَ ٱلْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: «لَيْسَ إِلَهٌ».“ بالرغم من وضوح الأمر إلا أننا نجد عدداً من النُّقاد يسقطون في أخطا. إن بعض الأخطاء التي يرتكبها الناقدين لا يمكن أن يتمّ وصفها إلا بأنَّها ”خداع.“، وهي تلك الحالات التي لا يوجد أي نوع من التناقض الظاهري بين الآيات. وإنَّ أي شخص عقلاني سيلاحظ ذلك حتى من القراءة الأولى للنص، بالرغم من ذلك نجد أنّ هذا النوع من التناقضات المفترضة مُدرَج على لوائح تناقضات الكتاب المُقدَّس، التي يمكننا أن نقول عنها بأنها لوائح مُخادعة قام بوضعها النقّاد آملين في أنَّها سُتبهر من يطَّلع عليها فلا يقوم بمراجعتها. وللأسف هذا ما يحدث في كثير من الحالات.