الإعتراض ٢٧٦، ماذا كانت الوصية السادسة من وصايا يسوع؟

Cover Image for: objection276

يعتقد الناقد بوجود تناقض بين كل من متى ١٩: ١٧-١٩ ومرقس ١٠: ١٩ ولوقا ١٨: ٢٠.

فَأَجَابَهُ: «لِمَاذَا تَسْأَلُنِي عَنِ الصَّالِحِ؟ وَاحِدٌ هُوَ الصَّالِحُ. وَلكِنْ، إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ، فَاعْمَلْ بِالْوَصَايَا». فَسَأَلَ: «أَيَّةِ وَصَايَا؟» أَجَابَهُ يَسُوعُ: «لا تَقْتُلْ؛ لَا تَزْنِ؛ لَا تَسْرِقْ؛ لَا تَشْهَدْ بِالزُّورِ؛ أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ؛ وَأَحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ.» متى ١٩: ١٧-١٩

أَنْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَا: لَا تَقْتُلْ؛ لَا تَزْنِ؛ لَا تَسْرِقْ؛ لَا تَشْهَدْ بِالزُّورِ؛ لَا تَظْلِمْ؛ أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ!» مرقس ١٠: ١٩

أَنْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَا: لَا تَزْنِ؛ لَا تَقْتُلْ؛ لَا تَسْرِقْ؛ لَا تَشْهَدْ بِالزُّورِ؛ أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ!» لوقا ١٨: ٢٠

لقد وقع الناقد في مغالطة الاحتجاج من الصمت، حيث أنَّ اعتراضه هذا مبني على اعتقاده بأن عدم تسجيل الكتاب المقدس لحدثٍ ما، هو دليل كافٍ لعدم حدوثه الحدث عينه.  إلا أن الكتاب المقدس بذاته يدحض هذا الإدعاء بشكل صريح في يوحنا ٢١: ٢٥.

وَهُنَاكَ أُمُورٌ أُخْرَى كَثِيرَةٌ عَمِلَهَا يَسُوعُ، أَظُنُّ أَنَّهَا لَوْ دُوِّنَتْ وَاحِدَةً فَوَاحِدَةً، لَمَا كَانَ الْعَالَمُ كُلُّهُ يَسَعُ مَا دُوِّنَ مِنْ كُتُبٍ! يوحنا ٢١: ٢٥

إن كُل سرد من السرديات الإنجيلية قد يتضمن بعضاً مما قاله يسوع أو فعله دوناً عن بعضه الآخر، حيث نجد أن كُلَّ كاتب من كُتاب هذه السرديات قد قام باتخاذ قرارات تختلف عن تلك التي قام باتخاذها الكُتَّاب الآخرون فيما يتعلق بالتفاصيل التي تمَّ تسجيلها في السرديات التي قاموا بتدوينها تحت إرشاد وقيادة الروح القدس.

تسرد لنا الآيات التي قام الناقد بتقديمها بعضاً من الوصايا التي قام يسوع باقتباسها في حديثه مع الشاب الغنيّ، الذي نجده في كل من متى ١٩: ١٧-١٩، ومرقس ١٠: ١٩، والبعض منها قد تمَّ تسجيله في لوقا ١٨: ٢٠. إلا أنَّ هذه الآيات ليست متناقضةً بعضها مع بعض، حيث أن الواحدة منها لا تؤكد على ما أنكرته الأُخرى. وعلى اعتبار أن هذه الوصايا هي وصايا جزئية وليست لائحة كاملة بالوصايا العشر فإنه من غير المُمكن أن نكون قادرين على معرفة أي واحدة من الوصايا كانت قد احتلَّت الترتيب السادس في الاقتباس الذي استعمله يسوع ضمن ردِّه على تساؤل الشاب الغني. إن الكُتّاب لم يكونوا تحت أي لزام يفرض عليهم أن يقوموا بتسجيل الأحداث أو الإقتباسات وفق ترتيب زمني مُعيَّن. أي أن الإعتراض الذي قام الناقد بتقديمه لا يمتلك أي أساس عقلاني متين.


الأخطاء المنطقية المُستخدمة في هذا الإعتراض:

هي الخطأ بالاعتقاد بأن عدم ذكر شيئ ما، يعني أنه لم يحدث. إن سٌخف هذا الأسلوب يمكن كشفه بسهولة عند التأمل في أن الكتاب المُقدَّس لم يصرِّح في أي موقع بأنَّ يوحنا المعمدان قد ”استخدم دورة المياه.“ لكن حقيقة كون هذا الأمر لم يُذكر لا يعني أنَّه لم يحدث أبداً! في بعض الأحيان سيقوم أحد كتاب الأناجيل بتسجيل تفصيل مُعيَّن في حين أنَّ كاتباً آخر يقوم بإغفال تسجيله. هذا ليس بتناقض! فالكتاب المختلفين يتخذون قرارات مختلفة فيما يتعلّق بما يقومون بتسجيله أو ما يقومون بالإغفال عنه. لكن حين يُغفِلون عن ذكر أمرٍ معين هذا لا يعني بأنَّه لم يحدث.