الإعتراض #١٢٢، في أي وقت من اليوم صُلِبَ يسوع؟

يقول المعترض بأنه يوجد تناقض بين مرقس ١٥: ٢٥ ويوحنا ١٩: ١٤-١٦. 

 مرقس ١٥: ٢٥”وَكَانَتِ السَّاعَةُ الثَّالِثَةُ فَصَلَبُوهُ.“

يوحنا ١٩: ١٤-١٦”وَكَانَ اسْتِعْدَادُ الْفِصْحِ، وَنَحْوُ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ. فَقَالَ لِلْيَهُودِ:«هُوَذَا مَلِكُكُمْ!». فَصَرَخُوا: «خُذْهُ! خُذْهُ! اصْلِبْهُ!» قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «أَأَصْلِبُ مَلِكَكُمْ؟» أَجَابَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ:«لَيْسَ لَنَا مَلِكٌ إِلاَّ قَيْصَرَ!». فَحِينَئِذٍ أَسْلَمَهُ إِلَيْهِمْ لِيُصْلَبَ. فَأَخَذُوا يَسُوعَ وَمَضَوْا بِهِ.“

ان هذا الإعتراض مبني على الفشل في القراءة الدقيقة للنصوص إضافة إلى مغالطة المفارقة التاريخية للمعنى. يجب علينا أن نلاحظ أمراً مهماً وهو أن الصلب لم يكن حدثاً لحظيّاً. إنما استغرق فترةً من الزمن قد تمتد إلى عِدَّة ساعات. إضافةً إلى ذلك، إن التسجيل الدقيق للوقت لم يكن أمراً ممكناً أو مطلوباً في تلك الحقبة، وبالتالي فإننا سوف نتوقع أن تكون الأرقام تقريبيّة. 

عند القراءة الدقيقة للنصوص يجب أن نلاحظ أنَّ الإنجيل بحسب ما دونه مرقس هو السرد الوحيد الذي يسجل الجزء من اليوم الذي فيه تمَّ صلب يسوع المسيح وهو الساعة الثالثة (مرقس ١٥: ٢٥). ويمكننا أن نستنتج من السرد الذي يقدمه مرقس بأنَّه كان يستخدم التوقيت اليهودي، وهذا سوف يتوافق مع الساعة التاسعة صباحاً. أما السرديات الواردة في الأناجيل الأُخرى فهي لا تُقدِّم تصريحاً عن الوقت الذي جرى فيه الصلب، إنما نجد تصريحاً يقول بأنَّه كان هنالك ظلمة من الساعة السادسة وحتى الساعة التاسعة (أي من الظهيرة وحتى الساعة الثالثة من بعد الظهر) وهي الفترة التي كان فيها يسوع المسيح مُعلَّقاً على خشبة الصليب. وهذا الأمر يتوافق مع ما دوَّنه مرقس. 

أما فيما يتعلق بيوحنا ١٩: ١٤-١٦ فإن المعترض لو قام بقراءة أمينة ودقيقة للنص لكان قد لاحظ بأن الآيات لا تذكر الوقت الذي حدث فيه الصلب على الإطلاق! إنما نجد أن يوحنا يشير إلى الوقت الذي قام فيه بيلاطس البنطي باستجواب يسوع. ويوحنا يدوِّن ذلك مستخدماً ”نحو الساعة السادسة“. وهنا نجد أن المعترض قام وبشكل خاطئ بالإفتراض بأنَّ يوحنا كان يستخدم التقويم اليهودي وهو الأمر الذي  سيحدد توقيت الأحداث بفترة منتصف النهار. إلا أن هذا ليس بأمرٍ وارد فالتسجيل الذي يقدمه مرقس يقول بأنَّ الصلب قد حدث ثبل ذلك بثلاثة ساعات. وبالتالي فإن الأمر الواضح هو أن يوحنا قد استخدم التوقيت الروماني وهو التوقيت الذي يتوافق مع ما نستخدمه في يومنا الراهن وبذلك فإن الساعة السادسة سوف تكون الساعة السادسة صباحاً. 

إن هذه القراءة متسقة تماماً مع  التسجيل الوارد في مرقس ١٥: ١ ”وَلِلْوَقْتِ فِي الصَّبَاحِ تَشَاوَرَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ وَالْكَتَبَةُ وَالْمَجْمَعُ كُلُّهُ، فَأَوْثَقُوا يَسُوعَ وَمَضَوْا بِهِ وَأَسْلَمُوهُ إِلَى بِيلاَطُسَ.“، حيث أن اقتياد يسوع المسيح إلى المحاكمة قد تمَّ حوالي الساعة السادسة صباحاً أي عند شروق الشمس تقريباً. ثمَّ بعد أن نطق بيلاطس بالحكم فإن الإنتقال إلى موقع الصلب أي ”الجلجثة“ سوف يستغرق بعض الوقت وهي فترة قد تمتد بسهولة إلى عدَّة ساعات، ذلك إن أخذنا بعين الإعتبار ما تعرَّض له يسوع المسيح وهو حاملٌ صليبه من إساءات وتعييرات قبيل أن يتمَّ صلبه حوالي الساعة التاسعة صباحاً. 

لا يوجد أي سبب للاعتقاد بوجود تناقض بين الآيات، إنما هذه السرديات تنقل لنا تفاصيل لحادثة واحدة إنما بالإعتماد على نوعين من قياس الوقت واحدٌ رومانيّ والآخر يهوديّ.


مغالطة المفارقة التاريخيّة للمعنى: وتحدث حين يقول الشخص باستدعاء معنى حديث للكلمة واستخدامه في قراءة النص في حين أنّ الكلمة لم تحمل ذلك المعنى في الوقت الذي كتبت به. فمثلاً قد يلجأ أحد الأشخاص إلى الإدّعاء بأنَّ الكتاب المقدس يدَّعي بوجود كائنات حية خارج الأرض، بسبب وجود العديد من التشريعات الكتابية التي تتضمن تعليمات تتعلق بال ”الغرباء“ (كما في سفر العدد ٩: ١٤، ١٥: ١٥). لكن المعنى المُراد من الكلمة هو غير الوطنيّين أي غير المقيمين في اسرائيل أو الأصلييّن، في حين أن تحوير المعنى ليشمل الغرباء بمعنى الكائنات الفضائية هو مغالطة (تحوير) للمعنى.