الإعتراض #١٢٣، هل خُلِقَ البشر قبل أم بعد الحيوانات؟

يقول المعترض بأن الكتاب المقدس يقول في سفر التكوين ١: ٢٥-٢٧ أن البشر قد خُلِقوا بعد الحيوانات، في حين أن سفر التكوين ٢: ١٨-١٩ تقول أنهم خُلِقوا قبلها.

 التكوين ١: ٢٥-٢٧ ”فَعَمِلَ اللهُ وُحُوشَ الأَرْضِ كَأَجْنَاسِهَا، وَالْبَهَائِمَ كَأَجْنَاسِهَا، وَجَمِيعَ دَبَّابَاتِ الأَرْضِ كَأَجْنَاسِهَا. وَرَأَى اللهُ ذلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ. وَقَالَ اللهُ: «نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا، فَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى الْبَهَائِمِ، وَعَلَى كُلِّ الأَرْضِ، وَعَلَى جَمِيعِ الدَّبَّابَاتِ الَّتِي تَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ». فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ.“

التكوين ٢: ١٨-١٩ ”وَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ: «لَيْسَ جَيِّدًا أَنْ يَكُونَ آدَمُ وَحْدَهُ، فَأَصْنَعَ لَهُ مُعِينًا نَظِيرَهُ». وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ مِنَ الأَرْضِ كُلَّ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ وَكُلَّ طُيُورِ السَّمَاءِ، فَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ لِيَرَى مَاذَا يَدْعُوهَا، وَكُلُّ مَا دَعَا بِهِ آدَمُ ذَاتَ نَفْسٍ حَيَّةٍ فَهُوَ اسْمُهَا.“

لقد فشل المعترض في القيام بقراءة الآيات بطريقة دقيقة.

فإن الآيات الواردة في الإصحاح الأول من سفر التكوين تشير إلى أنَّ الحيوانات قد خُلِقَت قبلَ الإنسان. أما الإصحاح الثاني من سفر التكوين فإنَّه لا يُقدِّم ترتيباً لأحداث الخلق، وبالتالي فإنَّه لا يوجد أي تناقض.

في بعض الترجمات العربية أو الإنكليزية نجد أن النص يعطي الإنطباع بأنَّ الحيوانات قد خُلِقَت بعد الأحداث التي ذُكرت في الآيات ١٥-١٨” وَأَخَذَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ وَوَضَعَهُ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ لِيَعْمَلَهَا وَيَحْفَظَهَا. وَأَوْصَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ قَائِلاً: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً، وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ».“ إلا أنَّ النص لا يقول بأن الأحداث قد وقعت في هذا الترتيب. فالأفعال في اللغة العبرية لا تعطي الزمن بذات الطريقة التي نجدها في اللغة الإنكليزية مثلاً أو العربية، وبالتالي فإن زمن الأحداث يجب أن يتم تحديده بناءً على السياق النصيّ. فإن أردنا أن نكتب ”جَبَلَ“ أو ”كان [قد سبق] فجَبَلَ“ فإن الفعل العبري يُكتَب بصيغة واحدة وهي ”יִּצֶר ياتسار“. وبالتالي فإننا إن قرأنا الآيات ضمن سياقها النصي فإننا سوف نعرف بأنَّ الله قد أحضر إلى آدمَ جميع الحيوانات التي كان قد سبق فجَبَلها (أي قبل أن يقوم بخلق آدم) وقد أحضرها الله إلى آدم بعد الأحداث التي سبق وصفها في الآيات ١٥-١٨ من الإصحاح الثاني.

إن السياق النصي للآيات يُظهر توافقها الكامل وانعدام التناقض فيما بينها. كما أننا نجد انعكاس هذا الأمر في عدد من الترجمات الإنكليزية للكتاب المقدس وكذلك في ترجمة كتاب الحياة في اللغة العربية حيث نقرأ الآية التاسعة عشر بالكشل التالي: ”وَكَانَ الرَّبُّ الإِلَهُ قَدْ جَبَلَ مِنَ التُّرَابِ كُلَّ وُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ وَطُيُورِ الْفَضَاءِ وَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ لِيَرَى بِأَيِّ أَسْمَاءٍ يَدْعُوهَا، فَصَارَ كُلُّ اسْمٍ أَطْلَقَهُ آدَمُ عَلَى كُلِّ مَخْلُوقٍ حَيٍّ اسْماً“.