يقول المعترض بوجود تناقض بين صموئيل الأول ١٦: ٢١-٢٣ وبين صموئيل الأول ١٧: ٥٥-٥٨.
صموئيل الأول ١٦: ٢١-٢٣ ”فَجَاءَ دَاوُدُ إِلَى شَاوُلَ وَوَقَفَ أَمَامَهُ، فَأَحَبَّهُ جِدًّا وَكَانَ لَهُ حَامِلَ سِلاَحٍ. فَأَرْسَلَ شَاوُلُ إِلَى يَسَّى يَقُولُ: «لِيَقِفْ دَاوُدُ أَمَامِي لأَنَّهُ وَجَدَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيَّ». وَكَانَ عِنْدَمَا جَاءَ الرُّوحُ مِنْ قِبَلِ اللهِ عَلَى شَاوُلَ أَنَّ دَاوُدَ أَخَذَ الْعُودَ وَضَرَبَ بِيَدِهِ، فَكَانَ يَرْتَاحُ شَاوُلُ وَيَطِيبُ وَيَذْهَبُ عَنْهُ الرُّوحُ الرَّدِيءُ.“
صموئيل الأول ١٧: ٥٥-٥٨ ”وَلَمَّا رَأَى شَاوُلُ دَاوُدَ خَارِجًا لِلِقَاءِ الْفِلِسْطِينِيِّ قَالَ لأَبْنَيْرَ رَئِيسِ الْجَيْشِ: «ابْنُ مَنْ هذَا الْغُلاَمُ يَا أَبْنَيْرُ؟» فَقَالَ أَبْنَيْرُ: «وَحَيَاتِكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ لَسْتُ أَعْلَمُ». فَقَالَ الْمَلِكُ: «اسْأَلِ ابْنُ مَنْ هذَا الْغُلاَمُ». وَلَمَّا رَجَعَ دَاوُدُ مِنْ قَتْلِ الْفِلِسْطِينِيِّ أَخَذَهُ أَبْنَيْرُ وَأَحْضَرَهُ أَمَامَ شَاوُلَ وَرَأْسُ الْفِلِسْطِينِيِّ بِيَدِهِ.“
لقد فشل المعترض في القيام بقراءة أمينة ودقيقة للنصوص المستخدمة، ذلك أنَّ الآيات لا تعطي تصريحا بتاريخ اللقاء الأول بين داود والملك شاول. فداود كان يضرب بالعود (القيثارة) وأصبح حامل سلاح له كما هو مذكور في صموئيل الأول ١٦: ١٤-٢٣. وبعد المعركة التي ضرب فيها داود جليات الجتي، نجد أن شاول يسأل : ”ابْنُ مَنْ هذَا الْغُلاَمُ؟“ (صموئيل الأول ١٧: ٥٥-٥٨). وهذا يعطي انطباعاً بأن شاول قد نسي أن داود هو ابن يسَّى، وهذا الأمر قد يكون صحيحاً. لكن السؤال هو كيف يمكن لهذا الأمر أن يعتبر تناقضاً بين الآيات؟
إن هذا الأمر قد يحدث مع أي شخص منا، حيث أنه ليس أمراً مستغرباً ألا يتم تذكر اسم شخص ما أو نسبه وخاضّة حين يتم الإلتقاء به خارج النطاق المعتاد. حيث أننا قد نلتقي بأحد الأساتذة أو الأشخاص الذين نعرفهم من المدرسة أو الجامعة في مكان عام مثل مركز التسوق على سبيل المثال. وسوف نجد صعوبة كبيرة في استرجاع الإسم وذلك لأن دماغنا يعمل من خلال الإرتباط حيث يتم الربط بين الأشخاص والأماكن وأشياء مشابهة.
إن داود كان قد حضر أمام شاول بصفته ضارباً للعود، أما أثناء المعركة مع جليات كان قد ظهر له بصفته شاباً يافعاً قد قتل ذلك العملاق الفلسطيني. وإنه لمن الطبيعي أن يتساءل شاول عمّا اذا كان هذا الشاب هو ذات الشاب الذي كان يعزف أمامه سابقاً. إن ردَّ فعل شاول ليس مستغرباً إنما هو رد الفعل المتوقع. وفي جميع الأحوال إن الآيات لا تعطي تصريحين متناقضين إنما تسجل لنا الأحداث كما وقعت، ولا يوجد أي تناقض فيما بينها.