يقول الناقد أنه يوجد تناقض بين رسالة رومية ١: ٢٠ التي تقول أنَّ الأمر مُمكن، وبين سفر أيوب ١١: ٧ التي تقول بخلاف ذلك.
لأَنَّ أُمُورَهُ غَيْرَ الْمَنْظُورَةِ تُرىَ مُنْذُ خَلْقِ الْعَالَمِ مُدْرَكَةً بِالْمَصْنُوعَاتِ، قُدْرَتَهُ السَّرْمَدِيَّةَ وَلاَهُوتَهُ، حَتَّى إِنَّهُمْ بِلاَ عُذْرٍ.
رومية ١: ٢٠
أَإِلَى عُمْقِ اللهِ تَتَّصِلُ، أَمْ إِلَى نِهَايَةِ الْقَدِيرِ تَنْتَهِي؟
أيوب ١١: ٧
لقد فشل الناقد في القيام بقراءة هذه الآيات ضمن سياقها. إن الإجابة على التساؤل المطروح هي: لا. لا يُمكن أن يتم التعرف على الله وإدراكه دون الإعلان الإلهي (ذلك لأن البشر يعجزون عن معرفة أي شيء دوناً عن الإعلان الإلهي – انظر (الأمثال ١: ٧ كولوسي ٢: ٢-٣(.
مَخَافَةُ الرَّبِّ رَأْسُ الْمَعْرِفَةِ، أَمَّا الْجَاهِلُونَ فَيَحْتَقِرُونَ الْحِكْمَةَ وَالأَدَبَ.
الأمثال ١: ٧
لِكَيْ تَتَعَزَّى قُلُوبُهُمْ مُقْتَرِنَةً فِي الْمَحَبَّةِ لِكُلِّ غِنَى يَقِينِ الْفَهْمِ، لِمَعْرِفَةِ سِرِّ اللهِ الآبِ وَالْمَسِيحِ، الْمُذَّخَرِ فِيهِ جَمِيعُ كُنُوزِ الْحِكْمَةِ وَالْعِلْمِ
كولوسي ٢: ٢-٣
إن الآية الواردة في رسالة رومية ١: ٢٠ متوافقة بشكل كامل مع هذا التعليم وذلك بشرط أن تتم قرائتها ضمن السياق النصي التي ترد فيه وذلك انطلاقاً من الآية الثامنة عشر.
لأَنَّ غَضَبَ اللهِ مُعْلَنٌ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى جَمِيعِ فُجُورِ النَّاسِ وَإِثْمِهِمِ، الَّذِينَ يَحْجِزُونَ الْحَقَّ بِالإِثْمِ. إِذْ مَعْرِفَةُ اللهِ ظَاهِرَةٌ فِيهِمْ، لأَنَّ اللهَ أَظْهَرَهَا لَهُمْ،
رومية ١: ١٨-١٩
إن ما يرد في رسالة رومية ١: ١٨-١٩ هو تعليم يفيد بأنَّ الله قد أعلن عن ذاته لجميع البشر. وهذا هو السبب الذي يجعلنا عاجزين عن التَذَرُّع بالجهل أو الإدعاء بأن لا نمتلك المقدرة على معاينة عمل الخالق المُبدع حين ننظر إلى الخليقة (وهو ما يرد في رومية ١: ٢٠).
أما الآية الواردة في سفر أيوب ١١: ٧ فهي تنقل لنا بشكل دقيق لا لبس فيه أقوال صوفر النَّعماتِي الذي كان يتساءل بشكل بلاغيّ عمّا إذا من المُمكن للإنسان أن يستكشف أعماق الله؛ إلا أنَّ هذا السؤال غير مرتبط بالإعتراض المطروح الذي يختص بمعرفة الله بالإعتماد على المنطق المنفرد.
وفي الخلاصة، إن ما يرد هنا لا يتناقض مع ما سبق وتم تقديمه في رسالة رومية ١: ٢٠.