الإعتراض ١٠٢، من هم الأسباط الإثني عشر لاسرائيل؟

Cover Image for: objection102

يقول المعترض بوجود تناقض بين كل من التكوين ٤٩، العدد ١، العدد ١٣، التثنية ٣٣، حزقيال ٤٨، و سفر الرؤيا ٧.

نظراً لأن المعترض قام بتقديم اصحاحات كاملة فإننا سوف نكتفي بذكر أسماء الأسباط بحسب ما وردت في كلّ  من الاصحاحات المذكورة:

التكوين٤٩: أوصى اسرائيل أبناءه قبل موته فذكر: رأوبين، شِمعون، لاوي، يهوذا، زَبُولون، يَسَّاكَر، دَان، جَاد، أَشير، نَفتالي، يُوسُف وبنيامين.

العدد١: بناءً على أمر الرب قام موسى باحصاء المتجردين للسلاح من ابن عشرين سنة فأحصى من رَأُوبَيْنَ، شِمْعُونَ، يَهُوذَا، يَسَّاكَرَ، زَبُولُونَ، ابني يُوسُفَ (أفرايم، مِنَسَّى)، بَنيامين، دان، أشير، جاد، نفتالي، وسبط لاوي لم يتمَّ عدُّ المتجردين للسلاح.

العدد١٣: كلَّم الرب موسى قائلاً له بأن يرسل رجالاً ليتجسَّسوا أرض كنعان، فأرسل من كل سبط رجل وذُكرت أسماء الأسباط كالتالي: رَأُوبَيْنَ، شِمْعُونَ، يَهُوذَا، يَسَّاكَرَ، أَفْرَايِمَ، بَنْيَامِينَ، زَبُولُونَ، يُوسُفَ (مَنَسَّى)، دَانَ، أَشِيرَ، نَفْتَالِي، جَادَ.

التثنية٣٣: يذكر هنا البركة التي بارك بها رجل الله موسى بني اسرائيل وذلك قبل موته، فذكر أسماء الأسباط على النحو التالي: رَأُوبَيْنُ، يَهُوذَا، لاوي، بَنْيَامِينَ، يُوسُفَ، زَبُولُونَ، جَاد، دَانَ، نَفْتَالِي، أَشِيرَ.

حزقيال٤٨: يذكر السفر توزيع الأراضي على الأسباط: دَانَ، أَشير، نفتالي، مَنَسَّى، أفرايم، رأُوبَين، يَهوذا، لاوي، بَنيامين، شِمعون، يَسَّاكَر، زَبُولُون، جَاد.

الرؤيا٧: يذكر يُوحنا المئة والأربع وأربعين ألفاً المختومين من الأسباط فيشير إلى اثنتي عشر ألف مختوم من كل سبط: يهوذا، رَأُوبين، جَاد، أشير، نَفتالي، مَنسَّى، شمعون، لاوي، يَسَّاكَر، زَبُولُون، يُوسُف، بَنيامين.

إن هذا الإعتراض مبني على الفشل في القيام بقراءة أمينة للنص وعدم التمييز بين الأزمنة المختلفة والمناسبات المختلفة التي تنقلها الاصحاحات المذكورة، بالإضافة إلى استخدام نوعٍ من المنطق المريب في تحليل البيانات للقفز إلى استنتاجات تفضي بوجود تناقضات.

بدايةً، لقد فشل المعترض في التمييز بين الأزمنة المختلفة، وهذا الأمر حيوي ومهم ذلك نتيجةً لحدوث تغيُّرات في الأسباط الإثني عشر عبر الزمن. بالرغم من أن كل سبط انحدر من أحد أبناء يعقوب الإثني عشر كما هو مذكور في التكوين ٤٩، إلا أنَّ سبط يوسف قد انقسم إلى سبطين كل منهما يحمل اسم ابنٍ من ابني يوسف أي أفرايم ومنسى. وبالتالي يمكننا أن نقول أنَّ الإثني عشر سبطاً قد أصبحوا عملياً ثلاثة عشر وهذا ما نقرأه في الاصحاح الأول سفر العدد.

ونلاحظ أن سبط لاوي قد أُغفِلَ ذِكره من الأسباط في بعض المواقع وذلك لأنه سبط الكهنة الذين لم يَتم إعطاءهم نصيباً من الأرض (التثنية ١٠: ٩؛ ١٨: ١). أي أنَّ الأسباط الذين وَرثوا أرض كنعان كانوا اثني عشر.

على اعتبار أنَّ كل من سبطي أفرايم ومنسى هما قد تفرَّعا عن سبط يُوسُف، فإنَّ أيَّا من السبطين يُمكن أن يُمَثِّل سبط يُوسف. وهذا الأمر واضح في سفر العدد ١: ٣٢ و ١٣: ١١.

وحين نقرأ سفر التثنية ٣٣: ١٣-١٧ نجد وبوضوح شديد أن سبط يوسف يتكون من سبطي أفرايم ومَنَسَّى.

بعد أخذ هذه المعلومات بعين الإعتبار، نستطيع أن نقول بأنَّه لا يوجد أيُّ نوعٍ من عدم الإتساق أو التناقض بين نصوص العهد القديم التي ذُكِرَتْ من قِبَل المُعتَرِض. فأسباط اسرائيل الإثني عشر هي: رَأُوبَيْن، شِمْعُون، جَاد، يَهوذا، يَسَّاكَر، زَبُولُون، أفرايم (من يوسف)، مَنَسَّى (من يوسف)، بَنيامِين، دَان، أشِّير، ونَفتالي. أما سبط لاوي فهو سبط الكهنة.

إن سفر التكوين في الاصحاح ٤٩ يسجل أسماء الأسباط الإثني عشر قبل أن يتفرع سبط يوسف إلى سبطين. في حين أن سفر العدد في الاصحاح الأول الذي ينقل لنا أسماء الأسباط في تاريخ لاحق، يذكر اسماء الأسباط بعد أن تفرع سبط يوسف إلى أفرايم ومنسَّى. وكذلك هو الأمر بالنسبة للاصحاح ٤٨ من سفر حزقيال.

أما بالنسبة لسفر العدد في الأصحاح ١٣ فإن اللائحة تنقل لنا أسماء الأسباط الذين توجَّب عليهم تجسُّس أرض كنعان تمهيداً لامتلاكها كما هو مذكور في الآية الثانية من الاصحاح. وبالتالي فإن هذه اللائحة لن تذكر سبط لاوي على اعتبار أنَّ اللاوين ليس لهم نصيب في الأرض.

أما فيما يتعلق بسفر التثنية ٣٣، فإنَّ اللائحة المذكورة في هذا الاصحاح ليست لائحة بأسماء الأسباط الإثني عشر كما يحاول المعترض أن يشير، إنما هذا الاصحاح يسجل لنا البركة التي بارك بها موسى عدداً من أسباط اسرائيل وهذا ما نجده في الآية الأولى من الاصحاح. ويجدر بنا أن نلاحظ أنه لا توجد أيَّة إشارة إلى أنَّ هذه اللائحة هي لائحة لأسماء جميع أسباط اسرائيل. فالله ومن خلال موسى بارك الأسباط في ما عدا سبط شِمعون، ولم يتم ذكر السبب بشكل صريح في الاصحاح، إلا أنَّه من الممكن أن يكون نتيجةً للخطايا التي ارتكبها السلف الأكبر أي شِمعون والمذكورة في التكوين ٣٤: ٢٥-٢٩، ٤٩: ٥-٧. وبجميع الأحوال فإن عدم ذكر سبط شِمعون ليس بتناقض، وذلك أنَّ الاصحاح كما سلف وأشرنا لا يُصرِّح بأنَّ هذه هي اللائحة الكاملة لأسماء الأسباط. بالتالي فإنَّ الآيات التي قُدِّمت من العهد القديم متوافقة بشكل كامل.

ماذا عن الاصحاح السابع من سفر الرؤيا؟

لقد فشل المعترض في تحديد طبيعة نص سفر الرؤيا حيث أنَّ هذا السفر هو سفر نبويّ وبالتالي فإنَّه يستخدم الصور الدرامية بدلاً من السرد الحرفي التاريخي. ونجد أنَّ يوحنا قد ذكر سبط يوسف بطريقة يشير من خلالها إلى سبط أفرايم مما يتوافق مع نصوص العهد القديم. إلا أنَّ الأمر الغريب هو عدم ذكر سبط دان. فما هو السبب وراء ذلك؟ بما أنَّ السفر يتعلق بنبوءات مستقبلية لا نستطيع أن نكون على ثقة تامَّة بالسبب وراء ذلك، إلا أنَّ من الممكن أن يكون أنَّ سبط دان قد سقطوا في عبادة الأوثان وصنعوا لهم تمثالاً يعبدوه، وهذا الأمر مذكور في سفر القضاة ١٨: ٣٠؛ الملوك الأول ١٢: ٢٨-٣٠. وبالتالي فإنه لم يتم ذكرهم كجزء من شعب الله.


الأخطاء المنطقية المُستخدمة في هذا الإعتراض:

القراءة غير الدقيقة للنصوص هو خطأ شائع يحدث حين يقوم الناقد بقراءة النصوص بطريقة سطحية ودون بذل أي مجهود لمحاولة فهم النصوص ضمن سياقها النصّي والتاريخي والأدبي. وهي فشل في قراءة النصّ بطريقة تتوافق مع الأسلوب الأدبي الذي كُتب به. فالكتاب المقدس يحتوي على عدة أساليب مختلفة في الكتابة مثل: التاريخ (التكوين، الخروج، الملوك)، الشعر (المزامير، نشيد الأنشاد، الأمثال)، النبوءات (حزقيال، رؤيا يوحنا اللاهوتي)، الأمثال (أمثال المسيح في الأناجيل). ولا يمكن أن يتم تفسيرها جميعاً بأسلوب واحد. فالشعر بالعادة يحتوي على الصور الأدبية والتعبيرات المجازية، في حين أن السرد التأريخي يقرأ بطريقة حرفية. ومن عدم الأمانة للنص أن يتم تفسير النص المكتوب بطريقة شعرية على أنه سرد تأريخي أو تفسير السرد التأريخي على أنه شِعر. فعلى سبيل المثال، حين يتسائل كاتب المزمور عن سبب عم إجابة الله للصلاة؟ لماذا ينام الرّب؟، لا يجب أن يتم أخذ معنى ”النوم“ في هذه الحالة على أنّه نوم حرفي وإلا يعتبر هذا تفسيراً غير واعياً للنص ويفتقر للأمانة. ولكننا نجد البعض من الناقدين يستعملون هذا النوع من الأخطاء كما في #٤٠٠. سوف نجد العديد من الأخطاء التي تُرتَكَب من قِبَل الناقدين والتي يمكن وصفها بكل بساطة على أنَّها ”فشل في قراءة النص بتأنٍّ وانتباه.“ حيث أنَّه وعلى ما يبدو أن الناقد قد قرأ النص بشكل معزول وخارج سياقه، الأمر الذي قاده إلى الخروج بتفسير لا يمكن للقارئ الحذر أن يخرج به. فإنه سيكون من السُّخف القول بأنَّ ”الكتاب المُقدَّس يقول بأنَّه ليس إله من المزمور ١٤: ١“ ذلك أنَّ سياق الآية يقول بأنَّ ” قَالَ ٱلْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: «لَيْسَ إِلَهٌ».“ بالرغم من وضوح الأمر إلا أننا نجد عدداً من النُّقاد يسقطون في أخطا. إن بعض الأخطاء التي يرتكبها الناقدين لا يمكن أن يتمّ وصفها إلا بأنَّها ”خداع.“، وهي تلك الحالات التي لا يوجد أي نوع من التناقض الظاهري بين الآيات. وإنَّ أي شخص عقلاني سيلاحظ ذلك حتى من القراءة الأولى للنص، بالرغم من ذلك نجد أنّ هذا النوع من التناقضات المفترضة مُدرَج على لوائح تناقضات الكتاب المُقدَّس، التي يمكننا أن نقول عنها بأنها لوائح مُخادعة قام بوضعها النقّاد آملين في أنَّها سُتبهر من يطَّلع عليها فلا يقوم بمراجعتها. وللأسف هذا ما يحدث في كثير من الحالات.

وهو يحدث حين يقوم الناقد بقفزات غير منطقية وغير مترابطة في الاستنتاجات التي يقدمها. فلنفترض أن الناقد قام بالإدّعاء بأنَّ التصريح بكون ”أجَاج قد أُعدِمَ “يتناقض مع الإدّعاء بأنَّ ”أجَاجَ لديه ذُرّية أي نَسل.“ هذا سيكون مثالاً عن المنطق المُخادِع، وذلك لعدم وجود أي مُبرّر منطقي لرفض كون أجاج قد وَلَدَ بنين ثم بعد ذلك وفي وقتٍ لاحقٍ قد أُعدِمَ. فذرّيتَهُ لن تتلاشى لمجرَّد أنَّه قد مات.