الإعتراض ١١٢، في أي يوم تم إحراق الهيكل؟

Cover Image for: objection112

الملوك الثاني ٢٥: ٨-٩  يقول في اليوم السابع من الشهر الخامس في حين أن أرمياء ٥٢: ١٢-١٣ يقول في اليوم العاشر من الشهر.

الملوك الثاني ٢٥: ٨-٩ ”وَفِي الشَّهْرِ الْخَامِسِ، فِي سَابِعِ الشَّهْرِ، وَهِيَ السَّنَةُ التَّاسِعَةَ عَشَرَةَ لِلْمَلِكِ نَبُوخَذْنَاصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ، جَاءَ نَبُوزَرَادَانُ رَئِيسُ الشُّرَطِ عَبْدُ مَلِكِ بَابِلَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَأَحْرَقَ بَيْتَ الرَّبِّ وَبَيْتَ الْمَلِكِ، وَكُلَّ بُيُوتِ أُورُشَلِيمَ، وَكُلَّ بُيُوتِ الْعُظَمَاءِ أَحْرَقَهَا بِالنَّارِ.“

ارمياء ٥٢: ١٢-١٣ ” وَفِي الشَّهْرِ الْخَامِسِ، فِي عَاشِرِ الشَّهْرِ، وَهِيَ السَّنَةُ التَّاسِعَةُ عَشَرَةَ لِلْمَلِكِ نَبُوخَذْرَاصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ، جَاءَ نَبُوزَرَادَانُ رَئِيسُ الشُّرَطِ، الَّذِي كَانَ يَقِفُ أَمَامَ مَلِكِ بَابِلَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَأَحْرَقَ بَيْتَ الرَّبِّ، وَبَيْتَ الْمَلِكِ، وَكُلَّ بُيُوتِ أُورُشَلِيمَ، وَكُلَّ بُيُوتِ الْعُظَمَاءِ، أَحْرَقَهَا بِالنَّارِ.“

لقد فشل المعترض في قراءة النص بدقة، إضافة إلى استخدامه نوعاً من المنطق المريب. فالآيات التي ذكرها المعترض لا تحدد اليوم الذي تم فيه إحراق الهيكل. إنما الآيات تتحدث عن اليوم الذي جاء فيه نَبُوزرَادَان إلى أورشليم. وبعد ذلك بوقتٍ قصير، أحرق نبوخذنصّر الهيكل، فربما يكون ذلك في اليوم عينه أو بعد ذلك. إلا أن الترجمة العربية والترجمات الأُخرى للآية الواردة في ملوك الثاني ٢٥: ٨ تشير إلى أن نبوزردان ”جاء إلى أورشليم.“ في اليوم السابع من الشهر، في حين أن إرمياء تشير إلى أنّ نبوزردان ”جاء إلى أورشليم“ في اليوم العاشر من الشهر. فهل هذا تناقض؟

يوجد اختلاف واضح في كلمات الآيتين المذكورتين في الأصل العبري للنص وهذا ما سيساعدنا على حل هذه المشكلة، وذلك كالتالي:

إن الفعل العبري الوارد في الآيتين والمترجم ”جاءِ בָּא پآ“ يتضمن عدة معاني ومن  بينها ”انطلق، وصل، جاء، ذهب“ حتى أن الكلمة العربية المستخدمة ”جاءً“ تشير إلى الإنطلاق في الرحلة والوصول إلى الهدف. وعليه فإن ذلك قد يشير إلى الوقت الذي انطلق فيه نبوزردان من ربلة أو إلى الوقت الذي وصل فيه إلى أورشليم. فإنه من الممكن أن يكون نبوزردان قد ”جاءً“ إلى أورشليم (أي أنَّه قد انطلق في رحلته تلك) في اليوم السابع و ”جاء“ أي وصل إلى أورشليم في العاشر منه. وعلى اعتبار أنَّ الرحلة من تقع مدينة ربلة إلى الجنوب الغربي من مدينة حمص السورية وتبعد عنها حوالي ٣٢ كم (قاموس سميث للكتاب المقدس) وهذا الموقع يوافق منطقة الهرمل اللبنانية وبالتالي فإن المسافة إلى أورشليم هي بحدود ٣٠٠ كم وهي المسافة التي يقطعها المسافر على ظهر الخيل في ثلاثة أيام ، ويبدو أنَّ هذا التفسير منطقياً إلى حدٍّ كبير جداً. ويوجد دعم آخر لهذا الطرح من خلال دراسة أرمياء ٥٢: ١٢، حيث أن حرف الجر المتصل بكلمة أورشليم (בִּירוּשָׁלִָֽם وتُقرأ بيروشاليم) و يعني ”في، بـ“ وهذا يشير إلى أنَّ نبوزردان قد دخل أو وصل إلى مدينة أورشليم في اليوم العاشر. لكن حرف الجر هذا غير موجود في النص في سفر الملوك الثاني ٢٥: ٨ وذلك لأن نبوزردان وببساطة قد انطلق في رحلته إلى أورشليم في اليوم السابع. وبالتالي فإنه لا يوجد أيّ تناقض إذ أنَّ معنى الفعل ”جاءِ בָּא پآ“ مختلف بين الآيتين.


الأخطاء المنطقية المُستخدمة في هذا الإعتراض:

القراءة غير الدقيقة للنصوص هو خطأ شائع يحدث حين يقوم الناقد بقراءة النصوص بطريقة سطحية ودون بذل أي مجهود لمحاولة فهم النصوص ضمن سياقها النصّي والتاريخي والأدبي. وهي فشل في قراءة النصّ بطريقة تتوافق مع الأسلوب الأدبي الذي كُتب به. فالكتاب المقدس يحتوي على عدة أساليب مختلفة في الكتابة مثل: التاريخ (التكوين، الخروج، الملوك)، الشعر (المزامير، نشيد الأنشاد، الأمثال)، النبوءات (حزقيال، رؤيا يوحنا اللاهوتي)، الأمثال (أمثال المسيح في الأناجيل). ولا يمكن أن يتم تفسيرها جميعاً بأسلوب واحد. فالشعر بالعادة يحتوي على الصور الأدبية والتعبيرات المجازية، في حين أن السرد التأريخي يقرأ بطريقة حرفية. ومن عدم الأمانة للنص أن يتم تفسير النص المكتوب بطريقة شعرية على أنه سرد تأريخي أو تفسير السرد التأريخي على أنه شِعر. فعلى سبيل المثال، حين يتسائل كاتب المزمور عن سبب عم إجابة الله للصلاة؟ لماذا ينام الرّب؟، لا يجب أن يتم أخذ معنى ”النوم“ في هذه الحالة على أنّه نوم حرفي وإلا يعتبر هذا تفسيراً غير واعياً للنص ويفتقر للأمانة. ولكننا نجد البعض من الناقدين يستعملون هذا النوع من الأخطاء كما في #٤٠٠. سوف نجد العديد من الأخطاء التي تُرتَكَب من قِبَل الناقدين والتي يمكن وصفها بكل بساطة على أنَّها ”فشل في قراءة النص بتأنٍّ وانتباه.“ حيث أنَّه وعلى ما يبدو أن الناقد قد قرأ النص بشكل معزول وخارج سياقه، الأمر الذي قاده إلى الخروج بتفسير لا يمكن للقارئ الحذر أن يخرج به. فإنه سيكون من السُّخف القول بأنَّ ”الكتاب المُقدَّس يقول بأنَّه ليس إله من المزمور ١٤: ١“ ذلك أنَّ سياق الآية يقول بأنَّ ” قَالَ ٱلْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: «لَيْسَ إِلَهٌ».“ بالرغم من وضوح الأمر إلا أننا نجد عدداً من النُّقاد يسقطون في أخطا. إن بعض الأخطاء التي يرتكبها الناقدين لا يمكن أن يتمّ وصفها إلا بأنَّها ”خداع.“، وهي تلك الحالات التي لا يوجد أي نوع من التناقض الظاهري بين الآيات. وإنَّ أي شخص عقلاني سيلاحظ ذلك حتى من القراءة الأولى للنص، بالرغم من ذلك نجد أنّ هذا النوع من التناقضات المفترضة مُدرَج على لوائح تناقضات الكتاب المُقدَّس، التي يمكننا أن نقول عنها بأنها لوائح مُخادعة قام بوضعها النقّاد آملين في أنَّها سُتبهر من يطَّلع عليها فلا يقوم بمراجعتها. وللأسف هذا ما يحدث في كثير من الحالات.

وهو يحدث حين يقوم الناقد بقفزات غير منطقية وغير مترابطة في الاستنتاجات التي يقدمها. فلنفترض أن الناقد قام بالإدّعاء بأنَّ التصريح بكون ”أجَاج قد أُعدِمَ “يتناقض مع الإدّعاء بأنَّ ”أجَاجَ لديه ذُرّية أي نَسل.“ هذا سيكون مثالاً عن المنطق المُخادِع، وذلك لعدم وجود أي مُبرّر منطقي لرفض كون أجاج قد وَلَدَ بنين ثم بعد ذلك وفي وقتٍ لاحقٍ قد أُعدِمَ. فذرّيتَهُ لن تتلاشى لمجرَّد أنَّه قد مات.