الإعتراض ١٧١، كم كان عمر بنيامين حين ارتحل سبطه إلى مصر؟

Cover Image for: objection171

سفر التكوين ٤٤: ٢٠، ٢٢ تشيران إلى أنَّه كان صغيراً، لكن التكوين ٤٦: ٨، ٢١ تشيران إلى أنَّه كان كبيراً بما فيه الكفاية ليكون له أبناء.

التكوين ٤٤: ٢٠، ٢٢ ”فَقُلْنَا لِسَيِّدِي: لَنَا أَبٌ شَيْخٌ، وَابْنُ شَيْخُوخَةٍ صَغِيرٌ، مَاتَ أَخُوهُ وَبَقِيَ هُوَ وَحْدَهُ لأُمِّهِ، وَأَبُوهُ يُحِبُّهُ.“ ، ”فَقُلْنَا لِسَيِّدِي: لاَ يَقْدِرُ الْغُلاَمُ أَنْ يَتْرُكَ أَبَاهُ، وَإِنْ تَرَكَ أَبَاهُ يَمُوتُ.“

التكوين ٤٦: ٨ ”وَهذِهِ أَسْمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ جَاءُوا إِلَى مِصْرَ: يَعْقُوبُ وَبَنُوهُ. بِكْرُ يَعْقُوبَ رَأُوبَيْنُ.“

التكوين ٤٦: ٢١ ”وَبَنُو بَنْيَامِينَ: بَالَعُ وَبَاكَرُ وَأَشْبِيلُ وَجِيرَا وَنَعْمَانُ وَإِيحِي وَرُوشُ وَمُفِّيمُ وَحُفِّيمُ وَأَرْدُ.“

إن هذا الإعتراض مبني على الفشل في القراءة الأمينة للنصوص. إن الآيات التي ترد سفر التكوين ٤٤: ٢٠-٢٢ لا تقدم معلومات عن عمر بنيامين. ونجد أن الآية ٢٠ منه تشير إلى أن بنيامين كان صغيراً وذلك باستخدام اللفظ العبري קָטָן [كاتان] وهذا اللفظ قد يشير إلى حداثة السن أو إلى ضآلة القامة وصغر الحجم أو إلى كونه الأصغر وذلك أنَّ بنيامين كان أصغر أُخوته.
لكن هذه الآيات لا تعطي معلومات عن عمر بنيامين.
والأمر سيّان في سفر التكوين ٤٦: ٨-٢١، حيث لا نجد معلومات عن عمر بنيامين. ونجد أن الآية الحادية والعشرون تقدم لنا لائحة بأسماء أبناء بنيامين. إلا أنَّ النص لا يقدم لنا معلومات عما إذا كان أيّ من هؤلاء قد وُلدَ في الوقت الذي انتقلت فيه عائلة يعقوب إلى مصر، مع العلم أنَّه لا يوجد أيّ إشارة في الآيات إلى أنَّ هذا الأمر غير وارد.
إن المعلومات المتوفرة من خلال النصوص التي قام المعترض بتقديمها لا تعطي أي نوع من الإنطباع بوجود تناقض. إنما هي تقدم سرداً تاريخياً عن الأحداث التي رافقت انتقال اسرائيل إلى مصر.


الأخطاء المنطقية المُستخدمة في هذا الإعتراض:

القراءة غير الدقيقة للنصوص هو خطأ شائع يحدث حين يقوم الناقد بقراءة النصوص بطريقة سطحية ودون بذل أي مجهود لمحاولة فهم النصوص ضمن سياقها النصّي والتاريخي والأدبي. وهي فشل في قراءة النصّ بطريقة تتوافق مع الأسلوب الأدبي الذي كُتب به. فالكتاب المقدس يحتوي على عدة أساليب مختلفة في الكتابة مثل: التاريخ (التكوين، الخروج، الملوك)، الشعر (المزامير، نشيد الأنشاد، الأمثال)، النبوءات (حزقيال، رؤيا يوحنا اللاهوتي)، الأمثال (أمثال المسيح في الأناجيل). ولا يمكن أن يتم تفسيرها جميعاً بأسلوب واحد. فالشعر بالعادة يحتوي على الصور الأدبية والتعبيرات المجازية، في حين أن السرد التأريخي يقرأ بطريقة حرفية. ومن عدم الأمانة للنص أن يتم تفسير النص المكتوب بطريقة شعرية على أنه سرد تأريخي أو تفسير السرد التأريخي على أنه شِعر. فعلى سبيل المثال، حين يتسائل كاتب المزمور عن سبب عم إجابة الله للصلاة؟ لماذا ينام الرّب؟، لا يجب أن يتم أخذ معنى ”النوم“ في هذه الحالة على أنّه نوم حرفي وإلا يعتبر هذا تفسيراً غير واعياً للنص ويفتقر للأمانة. ولكننا نجد البعض من الناقدين يستعملون هذا النوع من الأخطاء كما في #٤٠٠. سوف نجد العديد من الأخطاء التي تُرتَكَب من قِبَل الناقدين والتي يمكن وصفها بكل بساطة على أنَّها ”فشل في قراءة النص بتأنٍّ وانتباه.“ حيث أنَّه وعلى ما يبدو أن الناقد قد قرأ النص بشكل معزول وخارج سياقه، الأمر الذي قاده إلى الخروج بتفسير لا يمكن للقارئ الحذر أن يخرج به. فإنه سيكون من السُّخف القول بأنَّ ”الكتاب المُقدَّس يقول بأنَّه ليس إله من المزمور ١٤: ١“ ذلك أنَّ سياق الآية يقول بأنَّ ” قَالَ ٱلْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: «لَيْسَ إِلَهٌ».“ بالرغم من وضوح الأمر إلا أننا نجد عدداً من النُّقاد يسقطون في أخطا. إن بعض الأخطاء التي يرتكبها الناقدين لا يمكن أن يتمّ وصفها إلا بأنَّها ”خداع.“، وهي تلك الحالات التي لا يوجد أي نوع من التناقض الظاهري بين الآيات. وإنَّ أي شخص عقلاني سيلاحظ ذلك حتى من القراءة الأولى للنص، بالرغم من ذلك نجد أنّ هذا النوع من التناقضات المفترضة مُدرَج على لوائح تناقضات الكتاب المُقدَّس، التي يمكننا أن نقول عنها بأنها لوائح مُخادعة قام بوضعها النقّاد آملين في أنَّها سُتبهر من يطَّلع عليها فلا يقوم بمراجعتها. وللأسف هذا ما يحدث في كثير من الحالات.