الإعتراض ٢٠١، كيف يجب أن يتم التعامل مع الأدوميّين؟

Cover Image for: objection201

يقول المعترض أنه يوجد تناقض بين التثنية ٢٣: ٧ التي تقول كأخوة، وبين الملوك الثاني ١٤: ٣، ٧؛ حزقيال ٢٥: ١٣؛ عوبديا ١، ٨-٩ التي تقول كأعداء.

التثنية ٢٣: ٧ ”لاَ تَكْرَهْ أَدُومِيًّا لأَنَّهُ أَخُوكَ. لاَ تَكْرَهْ مِصْرِيًّا لأَنَّكَ كُنْتَ نَزِيلاً فِي أَرْضِهِ.“

الملوك الثاني ١٤: ٣، ٧ ”وَعَمِلَ مَا هُوَ مُسْتَقِيمٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَلكِنْ لَيْسَ كَدَاوُدَ أَبِيهِ، عَمِلَ حَسَبَ كُلِّ مَا عَمِلَ يُوآشُ أَبُوهُ.“، ”هُوَ قَتَلَ مِنْ أَدُومَ فِي وَادِي الْمِلْحِ عَشَرَةَ آلاَفٍ، وَأَخَذَ سَالِعَ بِالْحَرْبِ، وَدَعَا اسْمَهَا يَقْتَئِيلَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ.“

حزقيال ٢٥: ١٣ ”لِذلِكَ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: وَأَمُدُّ يَدِي عَلَى أَدُومَ، وَأَقْطَعُ مِنْهَا الإِنْسَانَ وَالْحَيَوَانَ، وَأُصَيِّرُهَا خَرَابًا. مِنَ التَّيْمَنِ وَإِلَى دَدَانَ يَسْقُطُونَ بِالسَّيْفِ.“

عوبديا ١، ٨-٩ ”رُؤْيَا عُوبَدْيَا: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ عَنْ أَدُومَ: سَمِعْنَا خَبَرًا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ وَأُرْسِلَ رَسُولٌ بَيْنَ الأُمَمِ: «قُومُوا، وَلْنَقُمْ عَلَيْهَا لِلْحَرْبِ».“، ”أَلاَ أُبِيدُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، يَقُولُ الرَّبُّ، الْحُكَمَاءَ مِنْ أَدُومَ، وَالْفَهْمَ مِنْ جَبَلِ عِيسُو؟ فَيَرْتَاعُ أَبْطَالُكَ يَا تَيْمَانُ، لِكَيْ يَنْقَرِضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ جَبَلِ عِيسُو بِالْقَتْلِ.“

إن هذا الاعتراض مبني على الفشل في القيام بقراءة أمينة ودقيقة للنص في سياقه، إضافةً إلى ارتكاب مغالطة التعميم واسع النطاق. إن الإصحاح الثالث والعشرين من التثنية يتعامل مع قوانين الطهارة المرتبطة بالعهد القديم، وذلك من خلال سرد الشعوب التي يسمح لها بالدخول في جماعة الرب والمشاركة في الاحتفالات الطقسية. إنَّ الآية السابعة من هذا الإصحاح تشير إلى أن الأدوميّين كانوا من بين الشعوب التي يسمح لها في الدخول في شعب الرب، وذلك مع الأخذ بعين الإعتبار أن يكونوا من الجيل الثالث من الذين يتبعون الرب (التثنية ٢٣: ٨ ”الأَوْلاَدُ الَّذِينَ يُولَدُونَ لَهُمْ فِي الْجِيلِ الثَّالِثِ يَدْخُلُونَ مِنْهُمْ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ.“). إن هذه الآية لا تقدم تعليماً يختص بكيفية معاملة جميع أفراد بني أدوم. وبالتالي فإن جميع الآيات التي تم سردها من قبل المعترض لا تتعارض أو تتناقض مع هذا التعليم القائل بالسماح للجيل الثالث من أبناء الأدوميّين بالانضمام إلى جماعة الرب والمشاركة في الاحتفالات الطقسية.

كما أن الآيات التي تمَّ سردها من سفر الملوك الثاني ١٤: ٣، ٧ لا تقدم تعليماً عن كيفية وجوب التعامل مع الأدوميّين، بل بالحري إنها تنقل لنا كيف تعامل أَمَصْيَا بْنُ يُوآشَ مَلِكِ يَهُوذَا معهم - حيث أنه قتل الكثير من الأدوميّين. لا بد من التأكيد على أن الكتاب المقدس لا يتبنى أو يؤيّد جميع الأعمال التي ينقلها. وبالتالي فإنه من الخاطئ أن يتم الخلوص إلى استنتاج يقول بأن أحد الأشياء هو سليم لمجرد أن الكتاب المقدس يسجل وقوعه.

وفق ذات الطريقة، فإن حزقيال ٢٥: ١٣ لا تتحدث عن الكيفية التي يجب أن يتم التعامل وفقها مع الأدوميّين بشكل عام، بل هي تنقل لنا أن غضب الله قد حمي على بني أدوم (في ذلك الوقت) وكذلك تدمير الرب لأدوم. أما سفر عوبديا في الآيات ١، ٨-٩ فهي تصف أيضاً أن الرب يأتي بالنقمة على أدوم ويعاقب تلك الأمة العاصية بشدة. ولابد لنا من الإشارة إلى أن جميع الآيات التي قام المعترض بسردها في هذا الاعتراض لا تتعامل مع السؤال الذي قدمه عن الكيفية التي يجب وفقها أن يتم التعامل مع الأدوميّين.

لو أن المعترض قام بقراءة النصوص بأمانة ودقّة لفهم توافق إعلانات الله وتعرَّف على تفاصيل خطته الخلاصية للبشر.


الأخطاء المنطقية المُستخدمة في هذا الإعتراض:

القراءة غير الدقيقة للنصوص هو خطأ شائع يحدث حين يقوم الناقد بقراءة النصوص بطريقة سطحية ودون بذل أي مجهود لمحاولة فهم النصوص ضمن سياقها النصّي والتاريخي والأدبي. وهي فشل في قراءة النصّ بطريقة تتوافق مع الأسلوب الأدبي الذي كُتب به. فالكتاب المقدس يحتوي على عدة أساليب مختلفة في الكتابة مثل: التاريخ (التكوين، الخروج، الملوك)، الشعر (المزامير، نشيد الأنشاد، الأمثال)، النبوءات (حزقيال، رؤيا يوحنا اللاهوتي)، الأمثال (أمثال المسيح في الأناجيل). ولا يمكن أن يتم تفسيرها جميعاً بأسلوب واحد. فالشعر بالعادة يحتوي على الصور الأدبية والتعبيرات المجازية، في حين أن السرد التأريخي يقرأ بطريقة حرفية. ومن عدم الأمانة للنص أن يتم تفسير النص المكتوب بطريقة شعرية على أنه سرد تأريخي أو تفسير السرد التأريخي على أنه شِعر. فعلى سبيل المثال، حين يتسائل كاتب المزمور عن سبب عم إجابة الله للصلاة؟ لماذا ينام الرّب؟، لا يجب أن يتم أخذ معنى ”النوم“ في هذه الحالة على أنّه نوم حرفي وإلا يعتبر هذا تفسيراً غير واعياً للنص ويفتقر للأمانة. ولكننا نجد البعض من الناقدين يستعملون هذا النوع من الأخطاء كما في #٤٠٠. سوف نجد العديد من الأخطاء التي تُرتَكَب من قِبَل الناقدين والتي يمكن وصفها بكل بساطة على أنَّها ”فشل في قراءة النص بتأنٍّ وانتباه.“ حيث أنَّه وعلى ما يبدو أن الناقد قد قرأ النص بشكل معزول وخارج سياقه، الأمر الذي قاده إلى الخروج بتفسير لا يمكن للقارئ الحذر أن يخرج به. فإنه سيكون من السُّخف القول بأنَّ ”الكتاب المُقدَّس يقول بأنَّه ليس إله من المزمور ١٤: ١“ ذلك أنَّ سياق الآية يقول بأنَّ ” قَالَ ٱلْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: «لَيْسَ إِلَهٌ».“ بالرغم من وضوح الأمر إلا أننا نجد عدداً من النُّقاد يسقطون في أخطا. إن بعض الأخطاء التي يرتكبها الناقدين لا يمكن أن يتمّ وصفها إلا بأنَّها ”خداع.“، وهي تلك الحالات التي لا يوجد أي نوع من التناقض الظاهري بين الآيات. وإنَّ أي شخص عقلاني سيلاحظ ذلك حتى من القراءة الأولى للنص، بالرغم من ذلك نجد أنّ هذا النوع من التناقضات المفترضة مُدرَج على لوائح تناقضات الكتاب المُقدَّس، التي يمكننا أن نقول عنها بأنها لوائح مُخادعة قام بوضعها النقّاد آملين في أنَّها سُتبهر من يطَّلع عليها فلا يقوم بمراجعتها. وللأسف هذا ما يحدث في كثير من الحالات.

تحدث هذه المغالطة حين يتم تطبيق التعميم على الإستثناءات. إذ أن التصريحات العامة هي عامّة التطبيق ولكن ليس بشكل دائم. فهي صحيحة في حين يتم تطبيقها على معظم الأفراد في معظم الأحيان. إلا أنه يوجد استثناءات. مثلا ”رياضة الجري هي مفيدة لعضلة القلب. إن السيد (س) لديه مشكلة خاصة بالقلب، وبالتالي فإنه من المفترض أن يمارس الجري.“اقرأ المزيد عن مغالطة التعميم غير الدقيق / القطعي