الإعتراض ٢٢٥، هل سيكون عدد اليهود كبيراً؟

Cover Image for: objection225

يقول الناقد بوجود تناقض بين التكوين ٢٦: ٤ التي تقول نعم، وبين التثنية ٤: ٢٧.

التكوين ٢٦: ٤ ”وَأُكَثِّرُ نَسْلَكَ كَنُجُومِ السَّمَاءِ، وَأُعْطِي نَسْلَكَ جَمِيعَ هذِهِ الْبِلاَدِ، وَتَتَبَارَكُ فِي نَسْلِكَ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ،“

التثنية ٤: ٢٧ ”وَيُبَدِّدُكُمُ الرَّبُّ فِي الشُّعُوبِ، فَتَبْقَوْنَ عَدَدًا قَلِيلاً بَيْنَ الأُمَمِ الَّتِي يَسُوقُكُمُ الرَّبُّ إِلَيْهَا.“

لقد فشل الناقد في القيام بقراءة أمينة للآيات في سياقها النصي، وهو ما تسبب بعد تمييزه للأزمنة المختلفة. إن نسل إبراهيم سيكون كنجوم السماء في العدد كما يرد في التكوين ٢٦: ٤، وهذا ما يؤكده التاريخ. أما ما يرد في سفر التثنية ٤: ٢٧ فهو عهد شرطيّ. فإننا إن قرأنا الآية ضمن سياقها النصي سنعرف أن موسى كان قد ابتدأ في الآية الثالثة والعشرون بتحذير شعب اسرائيل من السلوك المتمرّد على الوصية الإلهية، وهذا السلوك سيجلب عليهم عقوبات إلهية وسيبدِّد الرب الإله الكثيرين منهم بين شعوب الأرض ليُبقي البقيّة الباقية. ولكن هذا الوعد الشرطي لا يتناقض مع وعد الله لإبراهيم بأن نسله سيكون غير قابل للعد، وذلك بغض النظر عما إذا كان هذا النسل في مرحلة من المراحل قد انخفض في العدد، وحتى في حال قرَّر الله أن يبيد الأمة بأسرها فإن وعده سيكون قائماً لأنَّ نسل ابراهيم كان كثيراً إلى درجة يستحيل إحصاءه.

لابد لنا من الإشارة إلى أن الرؤية التي يتبناها النقاد للعالم قد تؤثر في نظرتهم وتحليلهم لهذه الآيات، ذلك لأن الكتاب المقدس يشير إلى أن الأشخاص لا يُفنون من الوجود بعد الموت، فإما أن يذهبوا إلى الجحيم أو إلى الفردوس. وبالتالي فإن نسل ابراهيم الذي يفوق الإحصاء لا يزال موجوداً، سواء كان ذلك في الحياة أو في الرقاد.


الأخطاء المنطقية المُستخدمة في هذا الإعتراض:

القراءة غير الدقيقة للنصوص هو خطأ شائع يحدث حين يقوم الناقد بقراءة النصوص بطريقة سطحية ودون بذل أي مجهود لمحاولة فهم النصوص ضمن سياقها النصّي والتاريخي والأدبي. وهي فشل في قراءة النصّ بطريقة تتوافق مع الأسلوب الأدبي الذي كُتب به. فالكتاب المقدس يحتوي على عدة أساليب مختلفة في الكتابة مثل: التاريخ (التكوين، الخروج، الملوك)، الشعر (المزامير، نشيد الأنشاد، الأمثال)، النبوءات (حزقيال، رؤيا يوحنا اللاهوتي)، الأمثال (أمثال المسيح في الأناجيل). ولا يمكن أن يتم تفسيرها جميعاً بأسلوب واحد. فالشعر بالعادة يحتوي على الصور الأدبية والتعبيرات المجازية، في حين أن السرد التأريخي يقرأ بطريقة حرفية. ومن عدم الأمانة للنص أن يتم تفسير النص المكتوب بطريقة شعرية على أنه سرد تأريخي أو تفسير السرد التأريخي على أنه شِعر. فعلى سبيل المثال، حين يتسائل كاتب المزمور عن سبب عم إجابة الله للصلاة؟ لماذا ينام الرّب؟، لا يجب أن يتم أخذ معنى ”النوم“ في هذه الحالة على أنّه نوم حرفي وإلا يعتبر هذا تفسيراً غير واعياً للنص ويفتقر للأمانة. ولكننا نجد البعض من الناقدين يستعملون هذا النوع من الأخطاء كما في #٤٠٠. سوف نجد العديد من الأخطاء التي تُرتَكَب من قِبَل الناقدين والتي يمكن وصفها بكل بساطة على أنَّها ”فشل في قراءة النص بتأنٍّ وانتباه.“ حيث أنَّه وعلى ما يبدو أن الناقد قد قرأ النص بشكل معزول وخارج سياقه، الأمر الذي قاده إلى الخروج بتفسير لا يمكن للقارئ الحذر أن يخرج به. فإنه سيكون من السُّخف القول بأنَّ ”الكتاب المُقدَّس يقول بأنَّه ليس إله من المزمور ١٤: ١“ ذلك أنَّ سياق الآية يقول بأنَّ ” قَالَ ٱلْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: «لَيْسَ إِلَهٌ».“ بالرغم من وضوح الأمر إلا أننا نجد عدداً من النُّقاد يسقطون في أخطا. إن بعض الأخطاء التي يرتكبها الناقدين لا يمكن أن يتمّ وصفها إلا بأنَّها ”خداع.“، وهي تلك الحالات التي لا يوجد أي نوع من التناقض الظاهري بين الآيات. وإنَّ أي شخص عقلاني سيلاحظ ذلك حتى من القراءة الأولى للنص، بالرغم من ذلك نجد أنّ هذا النوع من التناقضات المفترضة مُدرَج على لوائح تناقضات الكتاب المُقدَّس، التي يمكننا أن نقول عنها بأنها لوائح مُخادعة قام بوضعها النقّاد آملين في أنَّها سُتبهر من يطَّلع عليها فلا يقوم بمراجعتها. وللأسف هذا ما يحدث في كثير من الحالات.