الإعتراض ٢٤٦، ماهي ذبيحة رأس الشهر الصحيحة؟

Cover Image for: objection246

يُقول الناقد بوجود اختلاف في الإجراءات المرافقة للذبيحة التي يتم تقديمها في رؤوس الشهور بين سفر العدد ٢٨: ١١ وبين تلك التي يتم تقديمها في سفر حزقيال ٤٦: ٦.

وَفِي رُؤُوسِ شُهُورِكُمْ تُقَرِّبُونَ مُحْرَقَةً لِلرَّبِّ: ثَوْرَيْنِ ابْنَيْ بَقَرٍ، وَكَبْشًا وَاحِدًا، وَسَبْعَةَ خِرَافٍ حَوْلِيَّةٍ صَحِيحَةٍ العدد ٢٨: ١١

وَفِي يَوْمِ رَأْسِ الشَّهْرِ: ثَوْرٌ ابْنُ بَقَرٍ صَحِيحٌ وَسِتَّةُ حُمْلاَنٍ وَكَبْشٌ تَكُونُ صَحِيحَةً. حزقيال ٤٦: ٦

لقد فشل الناقد في التمييز بين الأزمنة المُختلفة. فكيف يُمكن للأمر أن يُعتبر تناقضاً إن كان الرب الإله قد أقرَّ بوجوب اتّباع طقوس احتفالية معينة في أزمنة مُختلفة؟ إن الأحداث التي يصفها سفر حزقيال قد وقعت بعد ثمانية قرون من تلك الأحداث التي ترد في سفر العدد.

إن الشرائع الطقسية التي وُضِعَت على يد موسى في فترة الخروج وفي الأيام الأولى لأمة اسرائيل - أي قبل إنشاء الهيكل - كانت مُلزمةً لتلك الحقبة (ومن ضمنها تلك الشرائع المختصة بذبيحة رأس الشهر والموصوفة في سفر العدد ٢٨: ١١). ولكن إن شاء الله أن يقوم بإقرار شريعة طقسية مُختلفة في حقبة ملوك اسرائيل بعد إنشاء الهيكل فإن هذا الأمر هو من ضمن سلطانه كونه الإله صاحب السلطان المُطلق (وهذا ما حدث بالنسبة للشرائع الطقسية المختصة برأس الشهر والواردة في سفر حزقيال ٤٦: ٦).

وفق العهد الجديد الذي خُتم بدم يسوع المسيح المسفوك طوعاً على خشبة الصليب، فإن الذباح الحيوانية لم تعد مطلوبة على الإطلاق وهذا ما يرد في كل من الرسالة إلى العبرانيين ١٠: ١١-١٢ وغلاطية ٤: ٩-١١.

١١ وَكُلُّ كَاهِنٍ يَقُومُ كُلَّ يَوْمٍ يَخْدِمُ وَيُقَدِّمُ مِرَارًا كَثِيرَةً تِلْكَ الذَّبَائِحَ عَيْنَهَا، الَّتِي لاَ تَسْتَطِيعُ الْبَتَّةَ أَنْ تَنْزِعَ الْخَطِيَّةَ. ١٢ وَأَمَّا هذَا فَبَعْدَمَا قَدَّمَ عَنِ الْخَطَايَا ذَبِيحَةً وَاحِدَةً، جَلَسَ إِلَى الأَبَدِ عَنْ يَمِينِ اللهِ، العبرانيين ١٠: ١١-١٢

٩ وَأَمَّا الآنَ إِذْ عَرَفْتُمُ اللهَ، بَلْ بِالْحَرِيِّ عُرِفْتُمْ مِنَ اللهِ، فَكَيْفَ تَرْجِعُونَ أَيْضًا إِلَى الأَرْكَانِ الضَّعِيفَةِ الْفَقِيرَةِ الَّتِي تُرِيدُونَ أَنْ تُسْتَعْبَدُوا لَهَا مِنْ جَدِيدٍ؟ ١٠ أَتَحْفَظُونَ أَيَّامًا وَشُهُورًا وَأَوْقَاتًا وَسِنِينَ؟ ١١ أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ أَكُونَ قَدْ تَعِبْتُ فِيكُمْ عَبَثًا! غلاطية ٤: ٩-١١

وبالتالي فإن الآيات التي قام الناقد بسردها تنقل شرائع طقسية أُعطيت في حُقبتين مُختلفتين اشتملتا على تغييرات كبيرة، وهذا الأمر لا يُقدِّمُ مُبَرِّراً للإعتقاد بوجود أيّ نوع من أنواع التناقض.


الأخطاء المنطقية المُستخدمة في هذا الإعتراض:

القراءة غير الدقيقة للنصوص هو خطأ شائع يحدث حين يقوم الناقد بقراءة النصوص بطريقة سطحية ودون بذل أي مجهود لمحاولة فهم النصوص ضمن سياقها النصّي والتاريخي والأدبي. وهي فشل في قراءة النصّ بطريقة تتوافق مع الأسلوب الأدبي الذي كُتب به. فالكتاب المقدس يحتوي على عدة أساليب مختلفة في الكتابة مثل: التاريخ (التكوين، الخروج، الملوك)، الشعر (المزامير، نشيد الأنشاد، الأمثال)، النبوءات (حزقيال، رؤيا يوحنا اللاهوتي)، الأمثال (أمثال المسيح في الأناجيل). ولا يمكن أن يتم تفسيرها جميعاً بأسلوب واحد. فالشعر بالعادة يحتوي على الصور الأدبية والتعبيرات المجازية، في حين أن السرد التأريخي يقرأ بطريقة حرفية. ومن عدم الأمانة للنص أن يتم تفسير النص المكتوب بطريقة شعرية على أنه سرد تأريخي أو تفسير السرد التأريخي على أنه شِعر. فعلى سبيل المثال، حين يتسائل كاتب المزمور عن سبب عم إجابة الله للصلاة؟ لماذا ينام الرّب؟، لا يجب أن يتم أخذ معنى ”النوم“ في هذه الحالة على أنّه نوم حرفي وإلا يعتبر هذا تفسيراً غير واعياً للنص ويفتقر للأمانة. ولكننا نجد البعض من الناقدين يستعملون هذا النوع من الأخطاء كما في #٤٠٠. سوف نجد العديد من الأخطاء التي تُرتَكَب من قِبَل الناقدين والتي يمكن وصفها بكل بساطة على أنَّها ”فشل في قراءة النص بتأنٍّ وانتباه.“ حيث أنَّه وعلى ما يبدو أن الناقد قد قرأ النص بشكل معزول وخارج سياقه، الأمر الذي قاده إلى الخروج بتفسير لا يمكن للقارئ الحذر أن يخرج به. فإنه سيكون من السُّخف القول بأنَّ ”الكتاب المُقدَّس يقول بأنَّه ليس إله من المزمور ١٤: ١“ ذلك أنَّ سياق الآية يقول بأنَّ ” قَالَ ٱلْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: «لَيْسَ إِلَهٌ».“ بالرغم من وضوح الأمر إلا أننا نجد عدداً من النُّقاد يسقطون في أخطا. إن بعض الأخطاء التي يرتكبها الناقدين لا يمكن أن يتمّ وصفها إلا بأنَّها ”خداع.“، وهي تلك الحالات التي لا يوجد أي نوع من التناقض الظاهري بين الآيات. وإنَّ أي شخص عقلاني سيلاحظ ذلك حتى من القراءة الأولى للنص، بالرغم من ذلك نجد أنّ هذا النوع من التناقضات المفترضة مُدرَج على لوائح تناقضات الكتاب المُقدَّس، التي يمكننا أن نقول عنها بأنها لوائح مُخادعة قام بوضعها النقّاد آملين في أنَّها سُتبهر من يطَّلع عليها فلا يقوم بمراجعتها. وللأسف هذا ما يحدث في كثير من الحالات.