الإعتراض ٢٥٠، كيف يجب التعامل مع الوالِدَين؟

Cover Image for: objection250

يعتقد الناقد بوجود تناقض حيث نجد تصريحات بوجوب التعامل معهما باحترام وتقدير في كل من الخروج ٢٠: ١٢؛ التثنية ٥: ١٦؛ أفسس ٦: ٢؛ الأمثال ١: ٨، ٢٣: ٢٢؛ وملاخي ٤: ٦. إلا أنَّه يوجد تعليم مناقض في كل من متى ١٢: ٤٧-٤٨، ٢٣: ٩؛ مرقس ٣: ٣٢-٣٥ ولوقا ٥: ٥٩-٦٠، ١٤: ٢٦.

أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ لِكَيْ تَطُولَ أَيَّامُكَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ. الخروج ٢٠: ١٢

أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ كَمَا أَوْصَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ، لِكَيْ تَطُولَ أَيَّامُكَ، وَلِكَيْ يَكُونَ لَكَ خَيْرٌ علَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ. التثنية ٥: ١٦

«أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ»، الَّتِي هِيَ أَوَّلُ وَصِيَّةٍ بِوَعْدٍ، أفسس ٦: ٢

اِسْمَعْ يَا ابْنِي تَأْدِيبَ أَبِيكَ، وَلاَ تَرْفُضْ شَرِيعَةَ أُمِّكَ، الأمثال ١: ٨

اِسْمَعْ لأَبِيكَ الَّذِي وَلَدَكَ، وَلاَ تَحْتَقِرْ أُمَّكَ إِذَا شَاخَتْ. الأمثال ٢٣: ٢٢

فَيَرُدُّ قَلْبَ الآبَاءِ عَلَى الأَبْنَاءِ، وَقَلْبَ الأَبْنَاءِ عَلَى آبَائِهِمْ. لِئَلاَّ آتِيَ وَأَضْرِبَ الأَرْضَ بِلَعْنٍ». ملاخي ٤: ٦

٤٧ فَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ: «هُوَذَا أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ وَاقِفُونَ خَارِجًا طَالِبِينَ أَنْ يُكَلِّمُوكَ». ٤٨ فَأَجَابَ وَقَالَ لِلْقَائِلِ لَهُ:«مَنْ هِيَ أُمِّي وَمَنْ هُمْ إِخْوَتي؟» ٤٩ ثُمَّ مَدَّ يَدَهُ نَحْوَ تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ:«هَا أُمِّي وَإِخْوَتي. ٥٠ لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي». متى ١٢: ٤٧-٥٠

٣٢ وَكَانَ الْجَمْعُ جَالِسًا حَوْلَهُ، فَقَالُوا لَهُ:«هُوَذَا أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ خَارِجًا يَطْلُبُونَكَ». ٣٣ فَأَجَابَهُمْ قِائِلاً:«مَنْ أُمِّي وَإِخْوَتِي؟» ٣٤ ثُمَّ نَظَرَ حَوْلَهُ إِلَى الْجَالِسِينَ وَقَالَ:«هَا أُمِّي وَإِخْوَتِي، ٣٥ لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي». مرقس ٣: ٣٢-٣٥

وَلاَ تَدْعُوا لَكُمْ أَبًا عَلَى الأَرْضِ، لأَنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. متى ٢٣: ٩

٥٩ وَقَالَ لآخَرَ:«اتْبَعْنِي». فَقَالَ:«يَا سَيِّدُ، ائْذَنْ لِي أَنْ أَمْضِيَ أَوَّلاً وَأَدْفِنَ أَبِي». ٦٠ فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ:«دَعِ الْمَوْتَى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ، وَأَمَّا أَنْتَ فَاذْهَبْ وَنَادِ بِمَلَكُوتِ اللهِ». ٦١ وَقَالَ آخَرُ أَيْضًا: «أَتْبَعُكَ يَا سَيِّدُ، وَلكِنِ ائْذَنْ لِي أَوَّلاً أَنْ أُوَدِّعَ الَّذِينَ فِي بَيْتِي». ٦٢ فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ:«لَيْسَ أَحَدٌ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى الْمِحْرَاثِ وَيَنْظُرُ إِلَى الْوَرَاءِ يَصْلُحُ لِمَلَكُوتِ اللهِ». لوقا ٩: ٥٩-٦٢

«إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ، حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضًا، فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا. لوقا ١٤: ٢٦

إن هذا الإعتراض ناجم عن الفشل في القيام بقراءة أمينة للنصوص بالإضافة إلى نوع من التجاهل المتعمد للمعنى الواضح من الآيات. إن التعليم الصريح في الكتاب المقدس يقول بأنَّه يجب أن يتم احترام الوالدين وتقديرهما كما هو واضح من خلال الآيات التي تصرح بذلك والتي قام المعترض بسردها (الخروج ٢٠: ١٢؛ التثنية ٥: ١٦؛ أفسس ٦: ٢؛ الأمثال ١: ٨، ٢٣: ٢٢؛ وملاخي ٤: ٦) ولا يوجد أية آية أو نص في الكتاب المقدس يناقض هذا التعليم الواضح والصريح. إن يسوع كان يتعامل مع أمّه باحترام كامل في متى ١٢: ٤٧-٥٠ ومرقس ٣: ٣٢-٣٥ وذلك حين أشار إلى جميع أولئك الذين يضعون ثقتهم به على أساس أنهم من عائلته. لربما كان الناقد قد تنبه إلى الأمر لو أنَّه تابع في قراءة الآيات التي قام بتقديمها. بطريقة مماثلة، لا يوجد أي نوع من أنواع التقليل من الإحترام للآباء في إنكار يسوع لإمكانية امتلاك أي شخص لسلطة أبوية على ضمائرنا عدا عن الله وحده كما يرد في متى ٢٣: ٩.

في لوقا ٩: ٥٩-٦٢، يقوم يسوع بتقديم تعليم يقول بأنَّ ولائنا للإله الخالق يمتلك أولوية على ولائنا لعائلتنا (هذا الأمر كان ليظهر جلياً للناقد فيما لو أنَّه تابع بقراءة آيتين إضافيَّتين في السياق الذي اقتطع منه الآيات.) من الواضح أن إظهار الإحترام الفائق لله لا ينطوي أو يتطلب التقليل من احترام العائلة. لا بد من الإشارة إلى أنَّ انتقائية الناقد لهذه الآيات تُظهِر أنه غير مهتمٍّ بما يقوله الكتاب المقدس، إنما ينصبّ جُلُّ اهتمامه على إيجاد حُجج تُبَرِّر رفضه للإيمان بالكتاب المقدس.

لكن ماذا عن لوقا ١٤: ٢٦؟ هل يعني يسوع بكلامه هذا أنّه يجب علينا حقاً أن نُبغض أفراد عائلتنا؟ إن السياق النصي الذي يظهر بشكل خاص في الآيات ٢٧-٣٣، بالإضافة إلى التعليم القياسي الذي كان يسوع يُعلّمه يُظهر بوضوح أنَّ يسوع كان يستخدم صيغة المبالغة والمغالاة ليقدم محاكاة تُفسر المبدأ الواجب اتّباعه في إعطاء الله الأولوية المطلقة. أي أنَّه من الواجب علينا أن نُحب الله إلى درجة أن محبتنا نحو أفراد عائلتنا يُمكن أن تُوصف بالبغض فيما لو قورنت بمحبتنا لله. الأمر الواضح هو أنَّ يسوع لم يكن يُعلم بوجوب مبادرة أفراد عائلتنا بالبغض والكراهية؛ لقد كان يسوع يعلم بأنَّه من الواجب علينا أن نُحبَّ أقرباءنا بالجسد كما هو واضح في متى ١٥: ٤، ولكن يجب أن تكون محبتنا لله أكبر بكثير من أي شيء أو أيّ شخص آخر كما هو واضح من الآيات الواردة في متى ٢٢: ٣٦-٤٠.


الأخطاء المنطقية المُستخدمة في هذا الإعتراض:

القراءة غير الدقيقة للنصوص هو خطأ شائع يحدث حين يقوم الناقد بقراءة النصوص بطريقة سطحية ودون بذل أي مجهود لمحاولة فهم النصوص ضمن سياقها النصّي والتاريخي والأدبي. وهي فشل في قراءة النصّ بطريقة تتوافق مع الأسلوب الأدبي الذي كُتب به. فالكتاب المقدس يحتوي على عدة أساليب مختلفة في الكتابة مثل: التاريخ (التكوين، الخروج، الملوك)، الشعر (المزامير، نشيد الأنشاد، الأمثال)، النبوءات (حزقيال، رؤيا يوحنا اللاهوتي)، الأمثال (أمثال المسيح في الأناجيل). ولا يمكن أن يتم تفسيرها جميعاً بأسلوب واحد. فالشعر بالعادة يحتوي على الصور الأدبية والتعبيرات المجازية، في حين أن السرد التأريخي يقرأ بطريقة حرفية. ومن عدم الأمانة للنص أن يتم تفسير النص المكتوب بطريقة شعرية على أنه سرد تأريخي أو تفسير السرد التأريخي على أنه شِعر. فعلى سبيل المثال، حين يتسائل كاتب المزمور عن سبب عم إجابة الله للصلاة؟ لماذا ينام الرّب؟، لا يجب أن يتم أخذ معنى ”النوم“ في هذه الحالة على أنّه نوم حرفي وإلا يعتبر هذا تفسيراً غير واعياً للنص ويفتقر للأمانة. ولكننا نجد البعض من الناقدين يستعملون هذا النوع من الأخطاء كما في #٤٠٠. سوف نجد العديد من الأخطاء التي تُرتَكَب من قِبَل الناقدين والتي يمكن وصفها بكل بساطة على أنَّها ”فشل في قراءة النص بتأنٍّ وانتباه.“ حيث أنَّه وعلى ما يبدو أن الناقد قد قرأ النص بشكل معزول وخارج سياقه، الأمر الذي قاده إلى الخروج بتفسير لا يمكن للقارئ الحذر أن يخرج به. فإنه سيكون من السُّخف القول بأنَّ ”الكتاب المُقدَّس يقول بأنَّه ليس إله من المزمور ١٤: ١“ ذلك أنَّ سياق الآية يقول بأنَّ ” قَالَ ٱلْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: «لَيْسَ إِلَهٌ».“ بالرغم من وضوح الأمر إلا أننا نجد عدداً من النُّقاد يسقطون في أخطا. إن بعض الأخطاء التي يرتكبها الناقدين لا يمكن أن يتمّ وصفها إلا بأنَّها ”خداع.“، وهي تلك الحالات التي لا يوجد أي نوع من التناقض الظاهري بين الآيات. وإنَّ أي شخص عقلاني سيلاحظ ذلك حتى من القراءة الأولى للنص، بالرغم من ذلك نجد أنّ هذا النوع من التناقضات المفترضة مُدرَج على لوائح تناقضات الكتاب المُقدَّس، التي يمكننا أن نقول عنها بأنها لوائح مُخادعة قام بوضعها النقّاد آملين في أنَّها سُتبهر من يطَّلع عليها فلا يقوم بمراجعتها. وللأسف هذا ما يحدث في كثير من الحالات.