سانتا كلوز (بابا نويل)

سانتا كلوز (بابا نويل)

كاتب المقال:
Cover Image for: santa

مُقدمة المُترجم

الرجاء أن تقوموا بتقييم المعلومات التي سيتم تقديمها بعيداً عن التقاليد العائلية أو الإجتماعية أو رأي الغالبية من الأشخاص أو المشاعر الشخصية. وبالحري أن تقوموا بالتقييم بناءً على معايير الكتاب المقدس التي يجب أن تكون المعيار الأعلى لحياتنا وإيماننا. وذلك عملاً بصلاة مخلصنا في يوحنا ١٧:

يوحنا ١٧: ١٧ ”قَدِّسْهُمْ فِي حَقِّكَ. كَلَامُكَ هُوَ حَقٌّ.“

منذ أن ابتدأت أتعرف على الإيمان بشكل أعمق وابتدأت أغوص واستمتع بخبايا وأسرار وكنوز الوحي المقدس ابتدأت أبتعد بشكل تلقائي عن جميع تلك الخرافات الطفولية منها والعجائزية.

بعد أن تابعت مقطعاً مسجلاً للمبشر جاستن بيترز لم أجد مفراً من وجوب الجلوس والتفكير العميق بشخصية سانتا ومقارنتها بالوحي المقدس. لقد اعتمدت على دراسته التي قام بتقديمها منذ بضعة أسابيع لكي أقوم بتقديم هذه النسخة المُعربة.

لم يكن الأمر على قائمة اهتماماتي من قبل، ولكن يوجد بعض المستجدات التي شاهدت آثارها منتشرة على وسائل التواصل الإجتماعي التي باتت تشكل وسيلة لنقل صورة واقعية عن الواقع المرير التي لم يكن من الممكن لنا أن نصل إليها فيما سبق. لذلك فإننا سوف نقوم في هذه الدراسة بتفحص تاريخ سانتا أولاً ومن ثمَّ نبحث في شخصيته وصفاته الشخصية وفي النهاية سوف نقوم بالخلوص إلى استنتاجات مبنية على الكتاب المقدس بخصوص هذا الرمز المشهور من رموز الميلاد وكيفية وجوب تعاملنا معه.

مقدمة الكاتب

أخوتي وأخواتي الأعزاء،

أتلقى بين الفينة والأُخرى رسائل إلكترونية أُسأل فيها عن المقال الذي كتبته حول سانتا (بابا نويل). كُنت قد فكرت بأنني سوف أقوم بإعادة نشر المقال الذي كنت قد كتبته منذ ما يقرب من ثمانية سنوات مضت، إلا أنني قررت أن أقوم بوضع بعض الإضافات عليه عوضاً عن إعادة كتابته من جديد،سوف لن أقوم بتغيير أي شيء كان قد كُتب سالفاً.

فلنبدأ بالنظر إلى تاريخ سانتا كلوز.

في الحقيقة إن تاريخ سانتا كلوز ليس موثقاً بما فيه الكفاية كما يعتقد الكثير من الأشخاص، إن الرؤية الأكثر شيوعاً تقول بأنَّ أسطورة سانتا قد ابتدأت مع القديس نيقلاوس الذي يرجع إلى القرن الرابع وكان أسقف ميراليكيا التي تقع في تركيا الحالية. يوجد الكثير من الأساطير التي نسجت حول حياة هذا الأسقف وقد انطلقت حركة دينية متعلقة به، في الفترة التي سبقت بدء الإصلاح أصبحت هذه الحركة واحدةً من أكثر الحركات الدينية انتشاراً ونجد في بعض المراجع التأريخية مثل The Christmas Almanac لجيرارد وباتريسيا ديل ري معلومات تقول : ”في أوج العصور الوسطى، ربما كان القديس نيقولاوس من أكثر الأشخاص الذين يتم [التماس وساطتهم] استدعاؤهم في الصلاة أكثر من أي شخصية أُخرى فيما عدا العذراء مريم والمسيح.“

نُسِبَ له الكثير من الأعمال الخيرية والمعجزات بما في ذلك توزيع العطايا والهدايا للفقراء، وإنقاذ مدينة بأسرها من موجة الجوع، حتى أنَّه نُسِبَ له تخليص ثلاثة شبان قد تمت الوشاية بهم ليقتلوا ظلماً. وبعد وفاته يقال أن نيقولاوس قد ظهر في مرات عديدة لأشخاص مختلفين وقد أمن لهم التعزية وفي أحيان أخرى أنقذ من الإعدام أولئك الذين كانوا قد اتهموا ظلماً. حقيقة الأمر هي أن توثيق حياة نيقلاوس ليس دقيقاً كما يعتقد البعض، والمعلومات الموثوقة التي نعرفها عنه إنما هي قليلة للغاية. حتى أن البعض من الأشخاص يتشككون بكونه شخصاً حقيقياً. إلا أنَّ الأمر الأكيد هو أنَّ الأساطير التي نُسِجَت عنه قد نمت وتضخمت في الحركة الدينية المتعلقة به.

على الرغم من أن التقدم الإسلامي الذي انتشر عبر جنوب تركيا في بدايات القرن الثامن، وفي وقت لاحق الإصلاح البروتستانتي الذي اجتاح شمال أوروبا في القرنين السادس عشر والسابع عشر قد أسهما في الحد من انتشار جماعة نيقولاوس الدينية التي اتخذت عباءة الكاثوليكية الرومية، فإن الأساطير قد انتشرت وامتدت خارج حدود الكنيسة ونجت عبر الزمن. البعض من الأشخاص يعتقدون بأن الأسطورة قد وصلت إلى أمريكا من خلال الهولندي سينتر كلاس ( ) إن هذه الأسطورة بالإضافة إلى الجماعة الدينية لم تكن نشطة في الثقافة الأمريكية حتى أواخر القرن الثامن عشر في مانهاتن.

إن سينتر كلاس أصبح معروفاً بإسم سانتا كلوس وبشكل تدريجي أصبح اسمه مترافقاً مع تقديم الهدايا. إن المؤلف واشنطن إيرڤنغ (Washington Irving) في عمله الذي أصدره في العام ١٨٠٩ والذي يحمل عنوان تاريخ نيويورك لنيكربوكر (Knickerbocker’s The History of New york) يقوم بوصف القديس نيقلاوس على أنه رجل عجوز يرتدي رداءً داكناً ويتجول على حصان طائر حاملاً الهدايا للأطفال. وفي نص شعري يحمل عنوان صديق الأطفال والذي نُشر في ١٨٢١ حصل سانتا على الغزلان الطائرة التي تجر عربته وقدرته على استخدام مداخن المدافئ، ومن ثمَّ بعد ذلك بعام واحد قام الدكتور كليمنت مور وهو أستاذ اللاهوت في في معهد union للاهوت قام معتمداً على الإلهام المبني على عمل إيرڤنغ وشعر صديق الأطفال قام بكتابة شعره الخاص به والذي يحمل عنوان”زيارة من القديس نيقولاوس“ من خلال هذا الشعر قام بتقديم عدد الغزلان التي تقوم بجر عربة سانتا وهو ثمانية، ومنح اسم رودولف لرأسهم وقدم أيضاً أسماء الغزلان الباقية، وكذلك تحدث عن جولات سانتا عبر مداخن المدافئ في المنازل تاركاً وراءه هدايا للفتيات والفتية. قام صانع الرسوم المتحركة السياسي توماس ناس بتطوير شخصية سانتا من خلال إعطاءه منزلاً في القطب الشمالي وورشة عمل مليئة بالأقزام.

لا يتفق جميع الأشخاص على هذا التاريخ، فالبعض يشير إلى وجود نسخة أكثر ظلامية من سانتا. فالبعض من الباحثين قد تتبعوا الأسطورة رجوعاً إلى أودين وهو الإله الذي يرتبط بالدول الإسكندناڤية الشمالية. وكان هذا الإله بحسب الاسطورة يتجول عبر السماء ممتطياً حصاناً أبيضاً ذو ثمانية أرجل. وكان منزله في الدول الشمالية مثل سانتا، وقد امتلك لحية طويلة بيضاء اللون وكان يُحلّق خلال فترة الشتاء الممتدة بين ٢١ - ٢٥ ديسمبر / كانون الأول ليتمم مهمة مكافأة الأولاد الصالحين ومعاقبة أولئك غير المطيعين أو الذين يتسببون بالمشاكل. يوجد البعض الآخر من الدارسين ممن قد تتبعوا الأسطورة وربطوها بإله الشمال ثور الذي يتم تقديمه عادةً على أنَّه رجل ذو ملامح لطيفة ومتقدم في العمر ويمتلك لحية كبيرة بيضاء، ويتم ربطه عادة بوجود النار ويتم تصويره على أنه يرتدي وشاح أحمر اللون. وكان يستخدم في ترحاله عربة يجرها زوج من الماعز البيضاء اللون يحملان اسمان وهما: كراكر وناشر، هو أيضاً قد عاش في الأراضي الشمالية، وامتلك أيضاً أقزام للمساعدة على الصناعات الحرفية اليدوية، ويُقال أنَّه كان يستخدم فوهات المداخن للدخول وتنفيذ أعمال خيرية لصالح البشر.

  • وفقاً للأساطير الاسكندنافية فإنه كان يتم النظر إلى ثور: ”على أنَّه الخصم الرئيسي للمسيح“

  • وفقاً للعديد من التقاليد المنتشرة في هولندا وألمانيا والبوسنة فإن سِنتر كلوس لم يكن يتجول وحيداً إنما كان يرافقه كائن شيطاني شرير مسؤوليته الرئيسية أن يقوم بمعاقبة الأطفال، حتى أنَّه يقوم بأخذهم إلى الجحيم.

الهولنديين الذي يقطنون في ولاية بنسلڤانيا الأمريكية يمتلكون نسختهم الخاصة عن المرافق الظلامي لسِنتر كلاوس يعرف بإسم بيل سنيكل Bell Snickel furry Nicholas. إن هذا المساعد الظلامي الشرير لم يكن مجرد شرير بحسب طبيعته إنما أيضاً لأنّه كان مُغطى بالأوساخ السوداء الناجمة عن تجواله وتنقله صعوداً ونزولاً عبر مداخن المدافئ.

على الرغم من أنه ينسب بشكل سليم إلى فنان الرسوم المتحركة توماس ناست الفضل في وضع الصورة المعاصرة لسانتا، يجادل البعض بأن الإلهام في بناءه لهذه الشخصية لم يكن مبنياً على شخصية القديس نيقولاوس على الإطلاق، إنما كان مبنياً على شخصية المساعد الشرير.

إن الصور التي يتم تقديمها للقديس نيقولاوس تصوره على أنه رجل نحيل يظهر بمظهر أسقف من الكنائس التقليدية الطقسية ويرتدي لباساً أسوداً. وهو لا يشبه في مظهره سانتا بأي شكل من الأشكال.

من جانب آخر إن الرسومات تُظهر المساعد الظلامي كما لو أنَّه رجل له قرون يرتدي الفرو ويحمل كيساً على ظهره. وهو في الحقيقة يحمل الكثير من المعالم التي تتشابه مع سانتا المعاصر. وهو ما دفع بعدد من الباحثين المعاصرين إلى أن يشيروا إلى أن هذا المساعد الشرير وليس القديس نيقولاوس هو من يمتلك الفضل في ظهور الصورة النمطية المعاصرة لسانتا كلوس.

يقول فيليس سيفكير في بحثه عن أصل وتطور أسطورة سانتا كلوس أن ”البلاك بيت“ المساعد الشرير الذي سبق وذكرنا هو من يقف وراء الصورة المعاصرة لسانتا وليس القديس نيقلاوس الذي تقدم الرسومات التي له صورة بعيدة كل البعد عن الصورة المعاصرة. وكذلك فإنه من المستبعد أن تكون هذه الصورة هي نتاج أفكار واشنطن إيرڤنغ، ولكننا إن نظرنا إلى أعماق هذه الصورة فإننا سوف نجد أن ذلك المساعد الشرير ”بلاك بيت“ يمتلك من التشابه ما يكفي ليمنحنا ثقة في أنَّه هو من يقف وراء هذه الصورة وليس نيقلاوس.

إنه من الصعب الوصول إلى التاريخ الحقيقي الكامل لسانتا إلا أنه يوجد من الأدلة ما يكفي للإعتقاد بأن أصل هذه الأسطورة ليس لطيفاً كما هو مُتخيل في الأوساط الشعبية. فالغالبية من الأشخاص يتجاوزون التاريخ الذي يقف وراء ظهور هذه الشخصية وينظرون إليها على أساس أنها تُمثل ذلك الرجل اللطيف الضاحك الذي يمثل صورةً عن الجد الذي يُقدم الهدايا للأطفال مرة في كل عام. فيتساءلون عن الضرر الذي يمكن لهذه الشخصية أن تتسبب به؟

سوف نتوقف عن تناول المقبلات وننتقل الآن إلى الوجبة الرئيسية لنتحدث عن الخصائص والصفات التي يتمتع بها سانتا.

يتوجب علينا هنا أن نسعى بقدر استطاعتنا إلى أن نقوم بوضع تقاليدنا وعواطفنا والآراء السائدة جانباً وأن نحاول ونضغط على أنفسنا لكي ننظر إلى المعلومات التالية من منظور الكتاب المقدس.

سوف نقوم باختبار خصائص شخصية سانتا والصفات التي تنسب له في المقارنة مع خصائص وصفات الله.

  1. الأزلية: إن سانتا هو أزلي، وعلى الرغم من أنه يتم تأطير سانتا وتقديمه في بعض الأحيان على أساس أنه يمتلك زوجة، إلا أنَّه لا يتم تقديمه على أساس أنه يمتلك أب أو أم! ويبدو كما لو أنَّه لا يمتلك نقطة بداية زمنية وبكل تأكيد لا يمتلك نقطة نهاية. فهو لطالما كان موجوداً وسيبقى في الأرجاء كذلك لفترة طويلة جداً على مايبدو، وذلك لعدم وجود أي مبرر يرتبط بشخصيته ويشير إلى امكانية فناءه.
    إن الأزلية هي من السمات الإلهية التي لا يمكن أن تتم محاكاتها، فالأزلية هي صفة خاصة به وحده ولا يمكن لأي كيان آخر أن يمتلكها. هو يهوه الذي كان والذي سيبقى إلى الأبد.

    الخروج ٣: ١٥ ”وَقَالَ اللهُ أَيْضًا لِمُوسَى: «هكَذَا تَقُولُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: يَهْوَهْ إِلهُ آبَائِكُمْ، إِلهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ وَإِلهُ يَعْقُوبَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ. هذَا اسْمِي إِلَى الأَبَدِ وَهذَا ذِكْرِي إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ.“

    اشعياء ٤١: ٤ ”مَنْ فَعَلَ وَصَنَعَ دَاعِيًا الأَجْيَالَ مِنَ الْبَدْءِ؟ أَنَا الرَّبُّ الأَوَّلُ، وَمَعَ الآخِرِينَ أَنَا هُوَ».“

    اشعياء ٤٣: ١٣ ”أَيْضًا مِنَ الْيَوْمِ أَنَا هُوَ، وَلاَ مُنْقِذَ مِنْ يَدِي. أَفْعَلُ، وَمَنْ يَرُدُّ؟».“

    المزمور ٩٠: ١-٢ ”يَا رَبُّ، مَلْجَأً كُنْتَ لَنَا فِي دَوْرٍ فَدَوْرٍ. مِنْ قَبْلِ أَنْ تُولَدَ الْجِبَالُ، أَوْ أَبْدَأْتَ الأَرْضَ وَالْمَسْكُونَةَ، مُنْذُ الأَزَلِ إِلَى الأَبَدِ أَنْتَ اللهُ.“

    كولوسي ١: ١٦-١٧ ”فَإِنَّهُ فِيهِ خُلِقَ الْكُلُّ: مَا في السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ، مَا يُرَى وَمَا لاَ يُرَى، سَوَاءٌ كَانَ عُرُوشًا أَمْ سِيَادَاتٍ أَمْ رِيَاسَاتٍ أَمْ سَلاَطِينَ. الْكُلُّ بِهِ وَلَهُ قَدْ خُلِقَ. الَّذِي هُوَ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، وَفِيهِ يَقُومُ الْكُلُّ“

    الرؤيا ١: ٨ ”«أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ» يَقُولُ الرَّبُّ الْكَائِنُ وَالَّذِي كَانَ وَالَّذِي يَأْتِي، الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ.“

  2. الثبات وعدم التغيير على ما يبدو إن سانتا هو ثابت، أي أنَّه لا يطرأ عليه أي تغييرات. حيث أنَّه سنة بعد سنة وعام بعد عام في أمسية الرابع والعشرين من كانون الأول ديسمبر، ينهض بالنشاط عينه والقوة عينها ليقوم برحلاته عينها، على مايبدو أن الزمن لا يمتلك أي تأثير عليه، كما لو أنه خارج حدود الزمن. سانتا وبشكل مخالف لجميع المخلوقات الأُخرى التي تعاني من نتائج اللعنة التي دخلت إلى العالم بعد الخطيئة، لا يمرض ولايصاب بالتعب أو الإرهاق ولا يتقدم بالعمر أو يشيخ. أي أنَّه لا يتغير وهذه السمة هي من السمات الإلهية التي لا يمكن أن تتم محاكاتها.

    ملاخي ٣: ٦ ”لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ لاَ أَتَغَيَّرُ فَأَنْتُمْ يَا بَنِي يَعْقُوبَ لَمْ تَفْنُوا.“

    العبرانيين ٦: ١٧ ”فَلِذلِكَ إِذْ أَرَادَ اللهُ أَنْ يُظْهِرَ أَكْثَرَ كَثِيرًا لِوَرَثَةِ الْمَوْعِدِ عَدَمَ تَغَيُّرِ قَضَائِهِ، تَوَسَّطَ بِقَسَمٍ،“

    العبرانيين ١٣: ٨ ”يَسُوعُ الْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْسًا وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ.“

    يعقوب ١: ١٧ ”كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ هِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ، الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ.“

  3. كليّ الحضور
    إن سانتا هو كلي الحضور وهذه السمة هي الأخرى من السمات الإلهية التي لا يمكن أن تتم محاكاتها. إن سانتا هو موجود في كل مكان في الوقت عينه. وعلى الرغم من أن الأسطورة المحاكة تقول بأنَّه ينتقل من بيت إلى بيت آخر بشكل متتالي إلا أنَّه يزور منازل جميع الأطفال في العالم بأسره في ليلة واحدة. وبناءً على دراسة احصائية رياضية يمكننا أن نصل إلى أرقام مثيرة للإهتمام فيما يختص بهذا الأمر.

    على افتراض أن سانتا لا يقوم بزيارة منازل الأطفال البوذيين أو الهندوس أو المسلمين فإنه سيقوم بزيارة ما يقرب من ٩١،٨ مليون منزل في ليلة واحدة، وقد قام الدارس الذي وضع هذه الإحصائية بتقديم يوم كامل من ٢٤ ساعة مع ٦ ساعات إضافية ناجمة عن دوران الأرض واختلاف المناطق الزمنية وذلك على افتراض أنه يقوم برحلاته من الشرق إلى الغرب. وفقاً لهذه الإحصائية فإنه يجب على سانتا أن يقوم بزيارة ٨٢٢،٦ منزلاً في الثانية. يمكننا أن نقول أن سانتا وفق هذه البيانات هو كليّ الحضور حقاً. ولكن الوجود الكلي هو من السمات الخاصة بالرب الإله التي لا يمكن أن تتم محاكاتها من أي مخلوق من المخلوقات. فالله غير محدود بالمكان أو الزمان وهو حاضر في كل وقت في كل مكان.

    التثنية ٤: ٣٩ ”فَاعْلَمِ الْيَوْمَ وَرَدِّدْ فِي قَلْبِكَ أَنَّ الرَّبَّ هُوَ الإِلهُ فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَعَلَى الأَرْضِ مِنْ أَسْفَلُ. لَيْسَ سِوَاهُ.“

    الملوك الأول ٨: ٢٧ ”لأَنَّهُ هَلْ يَسْكُنُ اللهُ حَقًّا عَلَى الأَرْضِ؟ هُوَذَا السَّمَاوَاتُ وَسَمَاءُ السَّمَاوَاتِ لاَ تَسَعُكَ، فَكَمْ بِالأَقَلِّ هذَا الْبَيْتُ الَّذِي بَنَيْتُ؟“

    المزمور ١٣٩: ٨ ”إِنْ صَعِدْتُ إِلَى السَّمَاوَاتِ فَأَنْتَ هُنَاكَ، وَإِنْ فَرَشْتُ فِي الْهَاوِيَةِ فَهَا أَنْتَ.“

    ارمياء ٢٣: ٢٣-٢٤ ”أَلَعَلِّي إِلهٌ مِنْ قَرِيبٍ، يَقُولُ الرَّبُّ، وَلَسْتُ إِلهًا مِنْ بَعِيدٍ. إِذَا اخْتَبَأَ إِنْسَانٌ فِي أَمَاكِنَ مُسْتَتِرَةٍ أَفَمَا أَرَاهُ أَنَا، يَقُولُ الرَّبُّ؟ أَمَا أَمْلأُ أَنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، يَقُولُ الرَّبُّ؟“

    أفسس ١: ٢٢-٢٣ ”وَأَخْضَعَ كُلَّ شَيْءٍ تَحْتَ قَدَمَيْهِ، وَإِيَّاهُ جَعَلَ رَأْسًا فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ لِلْكَنِيسَةِ، الَّتِي هِيَ جَسَدُهُ، مِلْءُ الَّذِي يَمْلأُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ.“

  4. المعرفة الكلية
    إن سانتا يعرف كل شيء، وهذه السمة هي من السمات المريبة التي يتم ربطها بسانتا، فهو على مايبدو يعرف كل شيء. تأمل في كلمات إحدى الأغاني الإنكليزية التي تحمل عنوان سانتا قادم إلى المدينة لجون كووتس والتي تقول: إنه يعرف متى كنت نائماً، ويعرف ما إذا كنت قد بقيت مستيقظاً. إنه يعرف ما إذا كنت صالحاً أو سيئا، لذلك كن صالحاً لأجل الصلاح.
    إن سانتا يمتلك القدرة أثناء جلوسه في منزله المفترض في القطب الشمالي على معرفة مواعيد نوم واستيقاظ كل طفل أو بالغ في كل مكان وهو يعرف ما إذا كانوا صالحين أم لا.
    إن قمنا بمقارنة هذه المقدرات مع مايقوله سفر الأمثال ١٥: ٣ ”عينا الرب في كل مكان، تراقبان الأشرار والأخيار“ (الترجمة المشتركة). فإن سانتا وعلى ما يبدو يمتلك ذات المقدرة ليعرف تصرفاتنا ويحكم عليها ليحدد مدى صلاحها. فهو يرى كل شيء ويدرك كلّ شيء! لكن المعرفة الكلية هي واحدة من الصفات الإلهية التي لا يمكن أن تتم محاكاتها من أي كيان.

    أيوب ٢١: ٢٢ ”«أَاللهُ يُعَلَّمُ مَعْرِفَةً، وَهُوَ يَقْضِي عَلَى الْعَالِينَ؟“

    المزمور ٣٣: ١٣-١٥ ”مِنَ السَّمَاوَاتِ نَظَرَ الرَّبُّ. رَأَى جَمِيعَ بَنِي الْبَشَرِ. مِنْ مَكَانِ سُكْنَاهُ تَطَلَّعَ إِلَى جَمِيعِ سُكَّانِ الأَرْضِ. الْمُصَوِّرُ قُلُوبَهُمْ جَمِيعًا، الْمُنْتَبِهُ إِلَى كُلِّ أَعْمَالِهِمْ.“

    المزمور ١٣٩: ١-٤ ”يَا رَبُّ، قَدِ اخْتَبَرْتَنِي وَعَرَفْتَنِي. أَنْتَ عَرَفْتَ جُلُوسِي وَقِيَامِي. فَهِمْتَ فِكْرِي مِنْ بَعِيدٍ. مَسْلَكِي وَمَرْبَضِي ذَرَّيْتَ، وَكُلَّ طُرُقِي عَرَفْتَ. لأَنَّهُ لَيْسَ كَلِمَةٌ فِي لِسَانِي، إِلاَّ وَأَنْتَ يَا رَبُّ عَرَفْتَهَا كُلَّهَا.“

    متى ٦: ٤ ”لِكَيْ تَكُونَ صَدَقَتُكَ فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ هُوَ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً.“

  5. الصلاح إن سانتا هو صالح أيضاً، حيث يتم تقديمه على أساس أنه لطيف ووديع وصالح وذلك من خلال مقدرته على تحديد أي من الأطفال كان يتصرف بطريقة سيئة أو جيدة.

    إن كلمة جيد أو صالح تستخدم لوصف جميع الأشياء سواء كانت تشير إلى البشر أم إلى الحيوانات أم إلى الأطعمة فجميع هذه الاشياء يمكن أن نقول عنها أنها جيدة أو صالحة. لكن المشكلة في وصف سانتا بأنه جيد أو صالح تظهر بشكل أوضح عندما يتم وضعها مع بقية السمات الأُخرى التي يتم وصفه بها.

    إن معيار الله لما هو جيد يعتمد على الكمال الأخلاقي من خلال الطاعة الكاملة للوصايا الإلهية، ولا يوجد أي شخص منا يستطيع أن يقول عن نفسه أنه جيد أو صالح وفق المعايير الإلهية. فالجميع قد أخطأوا رومية ٣: ٢٣ ”إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ،“؛ وارمياء ١٧: ٩ ”«اَلْقَلْبُ أَخْدَعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ نَجِيسٌ، مَنْ يَعْرِفُهُ؟“. ويقول بولس الرسول أنَّه لا يوجد شيء صالح فينا من أنفسنا رومية ٧: ١٨ ”فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ سَاكِنٌ فِيَّ، أَيْ فِي جَسَدِي، شَيْءٌ صَالِحٌ. لأَنَّ الإِرَادَةَ حَاضِرَةٌ عِنْدِي، وَأَمَّا أَنْ أَفْعَلَ الْحُسْنَى فَلَسْتُ أَجِدُ.“ ؛٣: ١٠-١١ ”كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ:«أَنَّهُ لَيْسَ بَارٌّ وَلاَ وَاحِدٌ. لَيْسَ مَنْ يَفْهَمُ. لَيْسَ مَنْ يَطْلُبُ اللهَ.“. لكن على ما يبدو أن سانتا هو استثناء من هذه القاعدة… إن سانتا هو صالح وجيد بحسب طبيعته، وهذا الأمر يشكل انتهاكاً صريحاً للتعليم الكتابي المباشر للكتاب المقدس. ونجد أن يسوع حين تكلم مع الشاب الغني أعلن له بشكل واضح أنَّه لايوجد أي شخص صالح فيما عدا الله وحده مرقس ١٠: ١٨ ”فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ:«لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ.“. إن صلاح الله هو أمر ذاتي منه وهو أمر لا يمكن لأي مخلوق من المخلوقات الساقطة الخاطئة أن تمتلكه بذاتها بما في ذلك سانتا، وهذا الصلاح الذي يُنسب إلى سانتا يفصله عن الخليقة بأسرها ويضعه في رتبه الله.

    المزمور ٥٢: ١ ”لِمَاذَا تَفْتَخِرُ بِالشَّرِّ أَيُّهَا الْجَبَّارُ؟ رَحْمَةُ اللهِ هِيَ كُلَّ يَوْمٍ!“

    المزمور ١٠٧: ٨ ”فَلْيَحْمَدُوا الرَّبَّ عَلَى رَحْمَتِهِ وَعَجَائِبِهِ لِبَنِي آدَمَ.“

    المزمور ١١٩: ٦٨ ”صَالِحٌ أَنْتَ وَمُحْسِنٌ. عَلِّمْنِي فَرَائِضَكَ.“

    يوحنا الأولى ١: ٥ ”وَهذَا هُوَ الْخَبَرُ الَّذِي سَمِعْنَاهُ مِنْهُ وَنُخْبِرُكُمْ بِهِ: إِنَّ اللهَ نُورٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمَةٌ الْبَتَّةَ.“

  6. مانح الهبات إن سانتا يقوم بتقديم الهبات والهدايا للأطفال الصالحين في حين أنَّه يقوم بترك كتلة من الفحم لأولئك السيّئين. وهذا الأمر مرتبط بشكل مباشر بالصلاح المنسوب له. حيث أنَّ الشخص الصالح وحده يمتلك القدرة على القيام بتقييم سليم للتصرفات والسلوك ليحكم عليها ما إذا كانت جيدة أم سيئة وبالتالي فإنه يقوم بمجازاتها بالعطايا أو العقوبات المناسبة. إن ملائكة الرب الإله الذين يوصفون بأنهم أرواح خادمة يتشابهون إلى حد كبير مع أقزام سانتا الذين يعملون معه طوال العام لتحضير الهدايا والهبات لأطفال العالم دون أن يكونوا منتظرين منهم أي مقابل، أي أن سانتا هو معطي الهبات التي لا ينتظر منها مقابلاً، وهو الأمر الذي يتشابه إلى حد كبير مع صفات الرب الإله. فالله هو معطي العطايا الصالحة الوحيد الذي يمكن أن يُقال عنه واهب الهبات الحقيقيّ، لأنّه يهب مواهبه بدوافع نقية. فهو يعطي النور ويعطي الإنسان ثمر تعبه، ويعطي المقدرات الشخصية الفردية الخاصة لكل شخص. يهب أيضاً الحب والمواهب الروحية والإيمان والتوبة. والأهم يهب الخلاص وقد قدّم ابنه الوحيد يسوع المسيح. ليس أن الله هو معطي العطايا المطلق فحسب، بل هو أيضاً معطي العطايا الحقيقيّ الوحيد حيث أن كل عطيّة صالحة وكل موهبة كاملة هي من فوق من عند أبي الأنوار.

    التكوين ١: ٣ ”وَقَالَ اللهُ: «لِيَكُنْ نُورٌ»، فَكَانَ نُورٌ.“

    الجامعة ٣: ١٣ ”وَأَيْضًا أَنْ يَأْكُلَ كُلُّ إِنْسَانٍ وَيَشْرَبَ وَيَرَى خَيْرًا مِنْ كُلِّ تَعَبِهِ، فَهُوَ عَطِيَّةُ اللهِ.“

    يوحنا ٣: ١٦ ”لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.“

    ٢ تيموثاوس ١: ٦-٧ ”فَلِهذَا السَّبَبِ أُذَكِّرُكَ أَنْ تُضْرِمَ أَيْضًا مَوْهِبَةَ اللهِ الَّتِي فِيكَ بِوَضْعِ يَدَيَّ، لأَنَّ اللهَ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ الْفَشَلِ، بَلْ رُوحَ الْقُوَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالنُّصْحِ.“

    رومية ١١: ٢٩ ”لأَنَّ هِبَاتِ اللهِ وَدَعْوَتَهُ هِيَ بِلاَ نَدَامَةٍ.“

    العبرانيين ١٢: ٢ ”نَاظِرِينَ إِلَى رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوعَ، الَّذِي مِنْ أَجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ، احْتَمَلَ الصَّلِيبَ مُسْتَهِينًا بِالْخِزْيِ، فَجَلَسَ فِي يَمِينِ عَرْشِ اللهِ.“

    أعمال الرسل ٥: ٣٠-٣١ ”إِلهُ آبَائِنَا أَقَامَ يَسُوعَ الَّذِي أَنْتُمْ قَتَلْتُمُوهُ مُعَلِّقِينَ إِيَّاهُ عَلَى خَشَبَةٍ. هذَا رَفَّعَهُ اللهُ بِيَمِينِهِ رَئِيسًا وَمُخَلِّصًا، لِيُعْطِيَ إِسْرَائِيلَ التَّوْبَةَ وَغُفْرَانَ الْخَطَايَا.“

    أعمال الرسل ١١: ١٧ ”فَإِنْ كَانَ اللهُ قَدْ أَعْطَاهُمُ الْمَوْهِبَةَ كَمَا لَنَا أَيْضًا بِالسَّوِيَّةِ مُؤْمِنِينَ بِالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، فَمَنْ أَنَا؟ أَقَادِرٌ أَنْ أَمْنَعَ اللهَ؟».“

    ٢ تيموثاوس ٢: ٢٤-٢٦ ”وَعَبْدُ الرَّبِّ لاَ يَجِبُ أَنْ يُخَاصِمَ، بَلْ يَكُونُ مُتَرَفِّقًا بِالْجَمِيعِ، صَالِحًا لِلتَّعْلِيمِ، صَبُورًا عَلَى الْمَشَقَّاتِ، مُؤَدِّبًا بِالْوَدَاعَةِ الْمُقَاوِمِينَ، عَسَى أَنْ يُعْطِيَهُمُ اللهُ تَوْبَةً لِمَعْرِفَةِ الْحَقِّ، فَيَسْتَفِيقُوا مِنْ فَخِّ إِبْلِيسَ إِذْ قَدِ اقْتَنَصَهُمْ لإِرَادَتِهِ.“

    يعقوب ١: ١٧ ”كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ هِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ، الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ.“

إن الحقيقة هي أن سانتا يشارك الله في الكثير من صفاته. ولا بد أن يدرك جميع الأشخاص الذين يسمون باسم المسيح أن سانتا يسرق المجد الذي يجب أن يكون لله وحده. وذلك يحدث حين يتم نسب عدد من الصفات الإلهية التي لا يكمن لأي مخلوق أن يمتلكها بشكل كامل ووضعها وربطها بتلك الشخصية التي نطلق عليها إسم سانتا. إن قمنا بالنظر بتدقيق إلى مجموعة الصفات التي قمنا بمناقشتها سابقاً فإننا سوف نجد أن سانتا هذا هو عبارة عن صورة بشرية تعكس المجد الإلهيّ.

مع هذه الكلمات سوف يقوم الكثيرون بالإعتراض قائلين بعدم وجود أي شخص يفكر وفق هذه الطريقة. لا يوجد أي طفل سيقوم بالتفكير وفق هذه الطريقة! سيقولون إن هذا الأمر لا يتم تعليمه أبداً فنحن لا نقول أن سانتا هو إله.

هذه هي النقطة من كلّ ما سبق!

إن معظم الأشخاص بيننا لا يفكرون بسانتا وفق هذه الطريقة لكن جهلنا هذا لن يكون مبرراً لنا في تجاهل الحقيقة في أن السمات التي يتم نسبها له سوف تجعله إلهاً.

من المؤكد أن أي شخص يعلن بأنَّه مؤمن بالمسيح لن يقوم بشكل واعٍ بنسب أي من صفات الرب الإله إلى سانتا. فالمشكلة ليست في أننا كمسيحيّين لن نقوم بهذا الأمر. إنما هي أنَّ هذا الأمر قد جرى بالفعل. فسواء كنا نعتقد أم لا بأن سانتا هو تجسيد لسمات خاصة بالرب الإله فإن هذا الأمر لن يغير الحقيقة في أنَّه بالفعل يشكل تجسيداً لهذه السمات الإلهية التي لا يمكن أن تتم محاكاتها.

من بين سمات الرب الإله هي الغيرة. قد يبدو الأمر بالنسبة للكثيرين أن هذا يشكل تناقضاً. فكيف يمكن للإله الكلي الوجود أن يشعر بالغيرة من أي شيء أقل منه. وكيف يمكن لله أن يشعر بالغيرة ويحافظ على صلاحه؟

إن الغيرة بالنسبة لنا كبشر وعلى الرغم من أنها تحمل عادةً معاني سلبية إلا أنها يمكن أن تكون أمراً جيداً وصالحاً.

إن أي زوج لائق ومحتشم سوف يشعر بالغيرة فيما لو وجد أن رجلاً آخر يحاول أن يقوم بالتودد إلى زوجته. إن الغيرة التي تختلف عن الحسد الذي هو أمر سيء بشكل دائم، هي بشكل عامّ جيدة. لكن غيرة الله هي صالحة بشكل دائم. لكن على ماذا ومن أجل ماذا يشعر الرب بالغيرة؟ إن الله يغار من أجل نفسه! إن صفاته الخاصة تُظهر قداسته ومجده، وقد يعتقد البعض أن هذا نوع من الكبرياء والأنانية الإلهية! لكن هذا الأمر غير صحيح بالمطلق.

إن الكبرياء هو أمر خاطئ بالنسبة للبشر وذلك لأننا نحاول الحصول على تقدير واحترام لا نستحقه. لكن الله يستحق الإكرام والتقدير. فهو الذي خلق جميع الأشياء وهو سيدافع عن كرامته ومجده ولن يسمح لأحد بأن ينتهك ويسلب ما يخصّه. إن الله مكتف بنفسه ويريد منا أن نكون مكتفين به أيضاً. إن الله يغار لأجلنا نحن المؤمنين وذلك لأن ملكيتنا تعود إليه، فنحن ملكٌ للرب الإله. والرب الإله يغار غيرة لحماية ما هو خاص به: شعبه، خاصته، اسمه، كلمته، كرامته، ومجده.

يقول الرب في:

الخروج ٢٠: ٥ انا الرب الهك اله غيور وكذلك: الخروج ٣٤: ١٤ لان الرب اسمهُ غيور. الهٌ غيور هو.

ولئلا نبتعد بأفكارنا عن النقطة من هذه الآيات: إن الله يحذر اسرائيل من اتباع آلهة أُخرى. وهذا ما يرد في التثنية ٦: ١٥ ”لان الرب الهكم الهٌ غيور في وسطكم لئَلا يحمى غضب الرب الهكم عليكم فيبيدكم عن وجه الارض.“

من المؤكد أن الأشخاص الذين يحتفلون مقلّدين ومرتدين أزياء سانتا لا يسعون بشكل واع إلى الذهاب وراء آلهة أُخرى، من المؤكد أنهم لا يفعلون ذلك بكامل وعيهم وإرادتهم. لكن الحقيقة التي تكمن وراء هذه الممارسة تبقى ثابته بأن الله وصف نفسه بأنَّه إله غيور وهو ما أشار إليه في اشعياء ٤٢: ٨ ”انا الرب هذا اسمي ومجدي لا اعطيهِ لآخر ولا تسبيحي للمنحوتات.“

يجب علينا ألا نتجاوز هذه الكلمات دون التنبه للحقائق في أنَّ الله لن يشارك مجده مع آخر، وإن معظم الأشخاص لن يفكروا في موضوع سانتا على أنه مشاركة أو سرقة الكرامة من الرب الإله ومنحها لسانتا، ولكن هذا لن يغير من حقيقة الأمر في أن ما يتم نسبه لسانتا هو عملية سرقة مباشرة من الصفات الخاصة بالرب الإله والتي لايمكن لأي شخص أن يشاركه بها ونسبها إلى تلك الشخصية التي تحمل اسم سانتا. سواء كنا نريد أو نمتلك النية بأن ننسب إلى سانتا هذه الصفات أم لا فإن هذا الأمر لن يغير من حقيقة أن هذا ما يتم.

بالمطلق، ليس من المهم مالذي نعتقده أنا وأنت حيال قضية سانتا وشخصيته، إن ما يهم هو ما يعتقده الرب الإله حياله.

إن الله لا يعطي اسمه أو مجده لآخر، وبحسب التعريف والصفات التي تنسب إلى سانتا فإنه يشكل صورةً منحوتةً تقوم بسلب المجد من الله!

إن كنا قادرين على محاورة الله وسؤاله عما إذا كان موافقاً على وجود شخصية مثل شخصية سانتا. كيف تعتقدون أنه سوف يجيب؟

أنا لا أستطيع أن أتخيل أن الرب سيقول وفق أي ظرف من الظروف أنَّ موافق على ذلك.

في الحقيقة إن الرب الإله قد أعلمنا بطريقة أكثر من وافية عن حقيقة أنَّه ليس موافقاً على وجود سانتا أو أية صورة منحوتة أُخرى. فلنتأمل في الوصية الثانية من الوصايا العشر: ”لا تصنع لك تمثالًا منحوتاً ولا صورةً ما مما في السماءِ من فوق وما في الارض من تحت وما في الماءِ من تحت الارض. لا تسجد لهنَّ ولا تعبدهنَّ. لاني انا الرب الهك اله غيور …“ الخروج ٢٠: ٤-٥.

قد يعترض البعض قائلين: نحن لا نقوم بعبادة سانتا لأنه ليس حقيقيّاً. لكن المنحوتات التي تُعبد هي الأُخرى ليست آلهة حقيقيّة ولكنها حقيقيّة وفق ذات الطريقة التي يكون سانتا وفقها حقيقيّا. فعلى الرغم من أن المنحوتات التي من حجر وخشب لا تمثل آلهة حقيقيّة لها وجود فنحن نستطيع أن نراها بذات الطريقة التي نرى فيها سانتا في المتاجر والصور وأوراق التغليف والمجسمات والتلفاز وسوى ذلك.

ستقولون: نحن لا نعبد سانتا ولا نسجد له.

ربما لا تقومون بذلك بشكل مباشر، لكن نسب الصفات الخاصة بالرب الإله التي لا يمكن لأي كيان أن يشاركه بها إنما هو نسب أحقية العبادة والسجود لسانتا. هو عمل من أعمال العبادة من خلال وضعه في مستوى الرب الإله. إن هذه النقطة هي نقطة محورية لا يجب أن نفوتها. يجب علينا أن نكون واعين ومدركين لها بشكل كامل. إن نسب أي صفة من صفات الله لأي شخص أو كيان هي عملية زنى روحي إذ أنَّ هذه الصفات خاصة بالرب الإله ونحن نقوم بإعطاءها لآخر. وأي شخص يمتلك هذه الصفات الخاصة فإنه سيكون الله ويستحق العبادة. سواء كنا نشاء أن نكون وثنيّين أم لا هو أمر ثانوي حين نكون ممارسين لتصرفات وثنية، فالحقيقة هي حقيقية سواء كنا نصدقها أم لا.

نحن نعبد الرب الإله ليس نتيجةً لما قام بتقديمه أو فعله إنما نحن نعبده لذاته لصفاته التي تجعل منه متميزاً فريداً وغير محدود ويستحق العبادة لقداسته وصلاحه وبره وقدرته ومعرفته. وهذه الصفات قد سبق وتمَّ منحها لشخصية ذلك الرجل السمين الذي يحمل اسم سانتا ويرتدي اللباس الأحمر.

في كورنثوس الأولى ١٠: ١٤-٢٢ نجد أن بولس الرسول يتعامل مع قضية كانت تؤرق كنيسة كورنثوس التي كان بولس قد بشر بإنجيل الخلاص فيها وقد خلّص الرب الإله مختاريه من تلك المدينة ونشأت تلك الكنيسة. وبعد أن قضى معهم فترة قد امتدت لثمانية عشر شهراً يتلمذهم غادر تلك الكنيسة الفتية وارتحل إلى منطقة أُخرى. ظهرت عدة مشكلات في تلك الكنيسة ولكن من بين تلك المشكلات يوجد مشكلة تتعلق بقضيتنا، وهي قضية أكل اللحوم التي سبق وتمَّ تقديمها للأوثان. فالبعض من أولئك المؤمنين الجدد كانوا يعودون إلى الهياكل الوثنية ليشاركوا في البعض من الطقوس التي قد لا تكون محصورة بتناول الأطعمة التي تمَّ تقديمها كذبائح للأوثان. إن هؤلاء الكورنثيّين لم يكونوا يحضرون تلك الطقوس بقصد مباشر ونيّة للمشاركة في عبادة الآلهة الوثنية، لقد كانوا يريدون الحفاظ على العلاقات والصداقات التي كانوا قد امتلكوها سابقاً مع الوثنيّين. لذلك فإنهم كانوا يذهبون إلى تلك الإحتفالات ليجلسوا على الموائد ويتناولوا بعض اللحوم التي سبق وتم تقديم الحيوانات التي أُخذِت منها كذبائح للأوثان. ونجد أن بولس يوجه إليهم تحذيراً صريحاً ومباشراً في كورنثوس الأولى ١٠: ١٤-٢٢

إن بولس يقوم بتحذيرهم من أنهم بمجرد حضورهم وتأييدهم من خلال الصمت وعدم الإعتراض على العبادة الوثنية ومن خلال المشاركة في تناول اللحوم التي تم تقديمها كذبائح للأوثان، فإنهم وعلى الرغم من عدم نيتهم، يقومون بمشاركة الشياطين. لا يوجد آلهة حقيقية تقف خلف الأوثان وهو الأمر الذي أعلن عنه بولس الرسول بشكل واضح في الآيتين ١٩-٢٠، ولكن في الوقت عينه أعلن أنه يوجد قوى روحية فاعلة وهي الشياطين. وقد حذّر بولس بأنَّ الأشياء التي تم تقديمها كذبائح فإنه قد تمَّ تقديمها للشياطين وليس لله. إن هذه الممارسة لم تكن تعتبر حيادية بالنسبة للكورنثيّين كما سبق واعتقدوا بسذاجتهم إنما هي شيطانية. لأنه خلف كل ديانة باطلة وبغض النظر عن مستوى تخلفها بالنسبة لنا في يومنا الراهن يوجد شياطين فاعلة تعمل وتضل الناس وتحاول أن تنسب المجد لذاتها وتسلبه من الرب الإله.

إن الشرير وملائكته الساقطين يقفون خلف كل ديانة باطلة قد سبق ووجدت أو ستوجد على الأرض.

إن الشرير (لوسيفر، زهرة بنت الصبح) كان من ملائكة الله وكان رئيس أجناد الرب وقائد التسبيح إلا أنَّه أراد أن يرفع كرسيه فوق كرسي الله ليحاول أن يأخذ التسبيح لنفسه. لذلك فإنه قد طُرِدَ من حضرة العلي وسقط معه ثلث نجوم السماء (أي الملائكة).

اشعياء ١٤: ١٢-١٤ ”كَيْفَ سَقَطْتِ مِنَ السَّمَاءِ يَا زُهَرَةُ، بِنْتَ الصُّبْحِ؟ كَيْفَ قُطِعْتَ إِلَى الأَرْضِ يَا قَاهِرَ الأُمَمِ؟ وَأَنْتَ قُلْتَ فِي قَلْبِكَ: أَصْعَدُ إِلَى السَّمَاوَاتِ. أَرْفَعُ كُرْسِيِّي فَوْقَ كَوَاكِبِ اللهِ، وَأَجْلِسُ عَلَى جَبَلِ الاجْتِمَاعِ فِي أَقَاصِي الشَّمَالِ. أَصْعَدُ فَوْقَ مُرْتَفَعَاتِ السَّحَابِ. أَصِيرُ مِثْلَ الْعَلِيِّ.“؛

حزقيال ٢٨: ١٢-١٩ ”«يَا ابْنَ آدَمَ، ارْفَعْ مَرْثَاةً عَلَى مَلِكِ صُورَ وَقُلْ لَهُ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: أَنْتَ خَاتِمُ الْكَمَالِ، مَلآنٌ حِكْمَةً وَكَامِلُ الْجَمَالِ. كُنْتَ فِي عَدْنٍ جَنَّةِ اللهِ. كُلُّ حَجَرٍ كَرِيمٍ سِتَارَتُكَ، عَقِيقٌ أَحْمَرُ وَيَاقُوتٌ أَصْفَرُ وَعَقِيقٌ أَبْيَضُ وَزَبَرْجَدٌ وَجَزْعٌ وَيَشْبٌ وَيَاقُوتٌ أَزْرَقُ وَبَهْرَمَانُ وَزُمُرُّدٌ وَذَهَبٌ. أَنْشَأُوا فِيكَ صَنْعَةَ صِيغَةِ الفُصُوصِ وَتَرْصِيعِهَا يَوْمَ خُلِقْتَ. أَنْتَ الْكَرُوبُ الْمُنْبَسِطُ الْمُظَلِّلُ، وَأَقَمْتُكَ. عَلَى جَبَلِ اللهِ الْمُقَدَّسِ كُنْتَ. بَيْنَ حِجَارَةِ النَّارِ تَمَشَّيْتَ. أَنْتَ كَامِلٌ فِي طُرُقِكَ مِنْ يَوْمَ خُلِقْتَ حَتَّى وُجِدَ فِيكَ إِثْمٌ. بِكَثْرَةِ تِجَارَتِكَ مَلأُوا جَوْفَكَ ظُلْمًا فَأَخْطَأْتَ. فَأَطْرَحُكَ مِنْ جَبَلِ اللهِ وَأُبِيدُكَ أَيُّهَا الْكَرُوبُ الْمُظَلِّلُ مِنْ بَيْنِ حِجَارَةِ النَّارِ. قَدِ ارْتَفَعَ قَلْبُكَ لِبَهْجَتِكَ. أَفْسَدْتَ حِكْمَتَكَ لأَجْلِ بَهَائِكَ. سَأَطْرَحُكَ إِلَى الأَرْضِ، وَأَجْعَلُكَ أَمَامَ الْمُلُوكِ لِيَنْظُرُوا إِلَيْكَ. قَدْ نَجَّسْتَ مَقَادِسَكَ بِكَثْرَةِ آثَامِكَ بِظُلْمِ تِجَارَتِكَ، فَأُخْرِجُ نَارًا مِنْ وَسْطِكَ فَتَأْكُلُكَ، وَأُصَيِّرُكَ رَمَادًا عَلَى الأَرْضِ أَمَامَ عَيْنَيْ كُلِّ مَنْ يَرَاكَ. فَيَتَحَيَّرُ مِنْكَ جَمِيعُ الَّذِينَ يَعْرِفُونَكَ بَيْنَ الشُّعُوبِ، وَتَكُونُ أَهْوَالاً وَلاَ تُوجَدُ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ».“

إن الشيطان يسعى ويحلم بأن ينال التمجيد والعبادة بأية طريقة ممكنة. إنه ينال التمجيد والعبادة من غير المسيحيّين من خلال انتاج آلهة غريبة لهم وديانات باطلة نراها من حولنا. لكن أقصى طموحاته وأحلامه هي أن تتم عبادته وإكرامه من أولئك الذين يدّعون أنهم يتبعون الإله الحقيقي الوحيد. إن هذا الأمر يشكل أقصى طموحاته.

بالنسبة لأولئك الذين يعرفون الإله الحقيقي، سيكون مبدعاً بطريقة أكبر وذلك لأنه يعرف بأنّه سيفشل فيما لو قام بتقديم آلهة مصنوعة من خشب أو حجارة منحوتة لذلك فإنه يعمل على تقديم شيء يبدو كما لو أنه يشبه الإله الحقيقيّ. في الحقيقة إنه يقوم بتقديم نفسه كما لو أنه ملاك نور كما تقول رسالة كورنثوس الثانية ١١: ١٤ ”وَلاَ عَجَبَ. لأَنَّ الشَّيْطَانَ نَفْسَهُ يُغَيِّرُ شَكْلَهُ إِلَى شِبْهِ مَلاَكِ نُورٍ!“

نجد أنه يقوم بتقديم إنجيل يبدو إلى درجة كبيرة مشابهاً لإنجيل الخلاص بالإيمان بالمسيح يسوع وحده مع إضافة أمور وثنية إليه ليكون قادراً من خلال ذلك على تضليل المسيحيّين. فالشيطان لا يقوم بتقديم نفسه للمسيحين على أساس أنَّه ذلك المخلوق المريب المغطى بالجلد الأحمر والذي يحمل شوكة الموت بيده، إنه يتمتع بالخبث والذكاء لذلك فإنه يقوم بتقديم نفسه على صورة كيان لطيف آخذاً صورة ملاك نور أو شكل شخصية لطيفة ترتدي زياً أحمر مثل سانتا.

قد يشعر البعض من المسيحيّين بأن هذه الكلمات هي بمثابة توجيه تهمة إليهم بأنهم يقومون بعبادة وثنية أو عبادة للشيطان في حال كانوا يقومون بإقامة هذه الطقوس المختصة بسانتا كلور في الميلاد.

البتة، أبداً، إن ما أريد أن أقوم بتقديمه هو رسالة تنبيه بكل محبة، كما كانت رسالة بولس إلى الكورنثيين، فهو لم يكن يتهمهم بالعبادة الوثنية، إنما كان يحذرهم، ولم يكن تحذيره لهم نابعاً من شعور بالتفوق والصلاح والبر الذاتي أو من الكبرياء، إذ أنه لم يكن يعتبر نفسه أنه أفضل من أي شخص منهم. في الحقيقة إن بولس يقول عن نفسه أنه ”أول الخطاة“ تيموثاوس الأولى ١: ١٥. لقد كان بولس يحذر أهل كنيسة كورنثوس من قلبه الذي يفيض بالمحبة والتعاطف معهم. لقد كان يعلمهم ويوبخهم بمحبة قائلاً لهم أنهم إن كانوا يشاركون بمثل تلك الممارسات، وعلى الرغم من عدم وجود نيّة رديئة لديهم في المشاركة بعبادات وثنية، وعلى الرغم من أنهم يقومون بها ببراءة ونيّة صافية. إلا أنها تقوم بتعريضهم إلى التعامل مع الشياطين.

وبوصفهم مؤمنين فإنهم لم يكونوا في خطر خسارة خلاصهم، إلا أنهم كانوا يقومون بتعريض أنفسهم لتأثير الشياطين وهذا الأمر سيحمل عواقب روحية.

لئلا تعتبر نفسك محصّنا من تأثير الشيطان وملائكته الساقطة، يجب عليك أن تفكر بشكل دائم أن الشيطان قد استهدف ربنا ومخلصنا يسوع المسيح بذاته.

لقد أخذه إلى البرية وأراه ممالك الأرض ومن ثمَّ رافقه إلى جناح الهيكل مجرّباً إياه وطالباً الأمر الذي لايزال يطالب به في يومنا الراهن.

ألا وهو العبادة والتمجيد والسجود. فإن كان قد حاول أن يجرب ابن الله الوحيد الرب والخالق والمخلص يسوع المسيح الذي خلق الشيطان نفسه، فإنه لن يتردد في محاولة تجربتك وتجربي.

فلنتأمل بالأمر!

هل سانتا حقيقيّ؟

لا!

لكن الشيطان هو حقيقي، وهو يسعى بشكل دائم إلى جعل نفسه يبدو مشابها لله إلى أكبر درجة ممكنة. وسيفعل كل ما باستطاعته ليسلبه مجده من خلال نسب صفات الله إلى نفسه ليكون محط اعجاب ومشاعر الكثيرين. ونجد أن الأطفال يمتلكون مشاعر جياشة تختص به فهم يثقون به ويحترمونه ويخشون عصيانه أو اثاره حنقه.

وبالنسبة لأولئك الذين يعتقدون أنهم يستطيعون أن يحتفلو بسانتا في الوقت عينه يقومون بتعليم أطفالهم عن يسوع المسيح وأنَّه هو السبب وراء احتفال عيد الميلاد، دعوني أقوم بطرح السؤال التالي: من هو الشخص الذي ينتظر الأطفال حضوره في عيد الميلاد بشكل حارّ؟ هل هو يسوع أم سانتا؟

هل يجلس الأطفال في أسرتهم في أمسية الميلاد متأملين في قدوم ابن الله المتجسد أم أنهم ينتظرون قدوم سانتا؟ إنه الأمر المتوقع منهم لأنهم أطفال. لجميعنا اختبارات مشابهة وعلى الرغم من معرفتنا بأنَّ سانتا لم يكن حقيقيّاً في مرحلة من المراحل. إلا أنَّه حافظ على رونقه وجاذبيته بالنسبة لنا حين كنا أطفالاً.

إن أيّ شيء يقوم بتشتيت الإنتباه عن المسيح لن يكون مقبولاً من المسيح.

إنها ليست مصادفة في أنَّ أهم يومين في العالم المسيحيّ أي الميلاد والفصح، يترافقان مع شخصيتين أيقونيّتين مثيرتين للريبة تمتلكان صفات لاهوتية في محاولة لسرقته انتباهنا واهتمامنا.

إن الغالبية العظمى من الأشخاص قد تقول بأن هذه الكلمات مبنية على نظرية المؤامرة أو أنها عبارة عن رد فعل مبالغ به أو أنها تعتمد على الاسلوب التشريعي أو أنها تحاول أن تقوم بتوجيه الإتهامات إلى الآخرين.

إن الغاية ليست من ضمن كل ما سبق وهذه الكلمات لا تهدف إلى اتهام الأشخاص الذين يقومون بهذه الطقوس بأنهم ليسوا مُخلّصين أو أي شيء من هذا القبيل. كلا البتة.

إن الغاية من هذه الكلمات والدراسة هي أن نتنبه كمسيحيّين إلى عدد من الأمور التي قد نكون غافلين عنها نتيجة للجهل أو عدم الإنتباه.

من بين هذه النقاط نجد نقطة مهمة ألا وهي الكذب. إن مجرد استخدام شخصية سانتا هو تسويق لكذبة وشخصية أسطورية وبذلك نخالف الوصية التاسعة التي هي لا تكذب. وأيا تكن المبررات التي يتم تقديمها في أن هذا الأمر هو بغية الترفيه عن الأطفال في يوم من أيام السنة أو سوى ذلك فإنها لن تغير من حقيقة أننا نكذب حين نقوم بتعليم أطفالنا عن تلك الشخصية حتى وإن قلنا لهم أنها ليست حقيقيّة في وقت من الأوقات. وجميعنا متورطون في هذه الكذبة الكبيرة.

أليس من المشين أننا في اليوم الذي نحتفل فيه بتجسد الأقنوم الثاني الذي أتى ليخلص شعبه نقوم في ذات ذلك اليوم وبشكل متعمد ومقصود وبكامل إرادتنا بارتكاب خطيئة ضد أولادنا وضد الله من خلال الكذب عليهم وتقديم شخصية سانتا ونسب صفات له لا يمتلكها.

يوجد جانب آخر بخصوص سانتا ألا وهو أنه يشكل حافزاً خاطئاً للأطفال لكي يطيعوا والديهم، حيث أننا نجد الأطفال يسلكون بطريقة مثالية إلى أقصى استطاعتهم في فترة الميلاد وذلك لأن سانتا يقوم بالمراقبة وهو يعلم ما إذا كانوا أولاداً مطيعين أم لا. لذلك فإن هذا الأمر يقوم بتعليم الأولاد أنه يجب عليهم أن يتصرفوا بشكل لائق ويطيعوا والديهم، وليس لأن هذه وصية من الرب الإله بل لأن سانتا قد لا يحضر لهم هدايا. وهذا قد ينتج دوافع غير كتابية للطاعة حيث أن الأطفال يحاولون أن يقوموا بإرضاء سانتا للحصول على ما يريدونه عوضاً عن طاعة والديهم أرضاءً لله الذي قدّم وصية بذلك. إن هذا الأمر هو عملية تقديم دوافع غير سليمة للقيام بتصرف سليم.

فلنقم الآن بمقارنة سانتا مع يسوع، هل لاحظتم كيف أن سانتا يظهر غالباً محاطاً بهالة من القداسة. وكذلك في الكثير من الصور يوضع حول رأسه اكليلٌ من الأوراق والأشواك وهو الإكليل الذي يُعرف في أوروبا الوسطى بإسم إكليل المسيح. إن المسيح قد وضع إكليل الشوك وعلى ما يبدو أن سانتا يضع واحداً مشابها. إن أي محاولة لجذب الإنتباه وتشتيته عن المسيح هو نوع من الوثنية وهو الأمر الذي أشار إليه بولس في رسالة كورنثوس حيث أنَّه وعلى الرغم من عدم وجود آلهة وثنية حقيقية إلا أن التصرفات والحضور والمشاركة في تلك الجلسات كانت أمراً خطراً والتحذير الذي أعطاه في الآية الرابعة عشر هو أنَّه يجب الهرب من الزنى.

الخلاصة:

فلنتخيل أن يسوع كان حاضراً بشكل جسدي معنا اليوم وجالساً على كرسي مقابل لنا وإن امتلكنا المقدرة على توجيه سؤال له قائلين: يسوع، هل أنت راضٍ عن تقديمنا لهذه الشخصية التي تسمى سانتا كلوس؟ هذا الشخص الذي هو أزلي مثلك، وهو لا يتغير وهو صالح بحسب طبيعته وكلي الحضور وكلي المعرفة ويقوم بتقديم دوافع لأطفالنا للتصرف بطريقة صالحة. فهل أنت راضٍ عنا إن كنا نقوم بالتعليم عن هذا السانتا وبأنَّه حقيقيّ أو يمثل شخصاً حقيقيّاً؟

لا يوجد أي طريقة يمكننا أن نتخيل فيها أن يسوع سيكون راضياً عن منحنا الصفات اللاهوتية لأي كيان أو شخص عدا عن الرب الإله. وخاصة أنَّ ظهور هذا الشخص يترافق مع اليوم الذي قمنا بتقديسه وتخصيصه للإحتفال بذكرى تجسد الرب الإله الذي ارتضى أن يأخذ طبيعتنا البشرية ليحمل عار خطايانا على خشبة الصليب ويموت عنا ليقوم في اليوم الثالث ويمنحنا الرجاء والحياة الأبدية. فكروا في جميع هذه الصفات التي نقوم بطريقة أو بأُخرى بإعطاءها إلى سانتا، سواء كنا نقوم بشكل متعمد بإنشاء ذلك الوثن أو أن الأمر قد تمَّ بجهالة فإن الحقيقة لن تتغير في أنَّه وثن وبأنّه يتوجب علينا أن نتصرف حيال هذا الأمر.

يجب علينا أن نقوم بإعطاء إجازة طويلة الأمد لسانتا ونبتدئ بالتعليم والتركيز على السبب الحقيقي للإحتفال بالميلاد وهو عمل التجسد العجيب الذي قام به مخلصنا يسوع المسيح.

فلنعط المجد لمن له المجد والكرامة لمن له الكرامة.


مواضيع أخرى