مذبح، מִזְבֵּחַ [مِذْبِيْاخْ]

مذبح، מִזְבֵּחַ [مِذْبِيْاخْ]

Cover Image for: altar

إن كلمة مذبح هي من الكلمات التي ترتبط وبشكل وثيق بالعبادة والتقديس، وخاصّة في ثنايا العهد القديم. ونقرأ أن نوح بعد أن ترجَّل من الفُلك قد بنى مذبحاً للرب وقدَّم العبادة والتسبيح إضافةً إلى الذبائح (تكوين ٨: ٢٠). ومن بعد نوح نجد أيضاً أن رؤساء الآباء قد بنو مذابح (التكوين ٢٥: ٢٦؛ ٢٠: ٣٣). ابراهيم وهو أبو الآباء قد بنى مذبحاً في مورة لأن الربَّ ظهر له هناك (التكوين ١٢: ٧) وكذلك بنى مذبحاً ليقدم عليه ابنه وحيده الذي يحبّه اسحق، إلا أنَّ الله قد أعطاه كبشاً ليقدمه (التكوين ٢٢: ٩-١٣). ومن ثمَّ نقرأ أن الله قد أعطى موسى واسرائيل أمراً أن يبنوا مذابح ليستخدموها في عبادته وتكون من تراب وحجارة (الخروج ٢٠: ٢٤-٢٥)، وأيضاً أمر ببناء مذبح من خشب السنط (الأكاسيا) المطلي بالذهب ليتم تقريب البخور العطر عليه. وهذا المذبح قد وُضع قُدَّام الحجاب الذي أمام قدس الأقداس (الخروج ٣٠: ١-٦).

إن الكلمة العبرية التي تتم ترجمتها باستخدام اللفظ العربي ”مذبح“ والإنجليزي ”Altar“ هي كلمة ”מִזְבֵּחַ“ وتُقرأ بشكل مُشابه للفظ العربي مذبح مع تعديل بسيط لتكون [مِذْبِيْاخْ] وتشير إلى ”المكان الذي يتم تقريب القرابين والأضاحي“. وهي مشتقه من الفعل  ”זְבֵּחַ“ [ذَبَخ] والذي يعني ”ذبح الأضحية“. إلا أنَّ المذبح قد احتل مكانة في العبادة الدينية لاسرائيل أكبر مما يعبر عنه هذا المعنى. فكما سبق وأشرنا فإن المذبح هو مكان للصلاة، والدعاء لطلب الرب الإله. والمذابح قد بُنِيَت حيث ظهر الرب، أو في الأماكن التي سبق وتراءى فيها (القضاة ١٣: ٢٠).
كان مذبح المُحرقة هو أول الأشياء التي تمَّت إعادة بناءها عند عودة اسرائيل من السبي وذلك لكي يُصار إلى تقديم المحرقة اليوميّة عليه (عزرا ٣: ١-٣)، وقد أعاد هذا العمل جماعة اسرائيل إلى كونهم شعب يعبد الرب الإله.

إن كلمة مذبح ترد في ستة وعشرين آية من آيات سفر العدد وذلك لتصف أهمية ومركزية المذبح في العبادة. وقد تلقَّت المذابح عناية فائقة واهتماماً كبيراً (العدد ٣: ٢٦؛ ٤: ١١- ٢٦؛ ١٨: ٥). وقد كانت المذابح هي المكان الذي يتم تطبيق العدالة وكشف الحقائق فيه (العدد ٥: ٢٥-٢٦). كما تمَّ مسح وتخصيص وتكريس المذابح لتستخدم في عبادة الرب الإله (العدد ٧: ١، ٨٤)، وكذلك المكان الذي يتم تقريب ذبيحة التدشين للاحتفال باكتمال خيمة الشهادة (العدد ٧: ١٠).
بالرغم من وجود المذابح في جميع الأمم التي أحاطت بأمة اسرائيل (العدد ٢٣: ٢، ١٤)، إن المذابح التي بُنيت في اسرائيل كانت مخصَّصة لعبادة الرب الإله وحده (التثنية ١٢؛ ١٦: ٢١).

أما في العهد الجديد فإننا نجد إشارة إلى أنه سوف يتواجد مذبح للرب الإله (سفر الرؤيا ١١: ١) وهيكل سماويّ (الرؤيا ٦: ٩؛ ٨: ٥؛ ٩: ١٣). وفقاً للرؤيا التي رآها يوحنا فإن نفوس الشهداء الذين قتلوا من أجل حفظهم كلمة الله كانت تحت المذبح الذي في الهيكل السماوي. أما ذروة استخدام المذبح في العهد الجديد فهي في الرسالة إلى العبرانيّين  ١٣: ١٠-١٢ فنحن كمسيحيّين لدينا صليب ربنا ومخلصنا يسوع المسيح الذي كان كمذبح سُفك عليه دمه البريء الطاهر ليُكَمِّل المؤمنين المختارين قبل تأسيس العالم، ولا يحق الذين لا يعرفون الله أن يشاركوا فيه. 
إن ربنا ومخلصنا يسوع المسيح هو الحمل الذي بلا عيب، الذي تجسد طوعاً حمل خطايانا وكان قريب دمٍ لنا وأعتقنا من عبودية الخطيئة والموت المستحق علينا، فلنحن ركبتينا أمام ملك الملوك ورب الأرباب ونقدم له الشكر الواجب بقلب طاهر وذهن صاح في كل حين.


الآيات المفتاحية:

التكوين ٨: ٢٠ ”وَبَنَى نُوحٌ مَذْبَحًا لِلرَّبِّ. وَأَخَذَ مِنْ كُلِّ الْبَهَائِمِ الطَّاهِرَةِ وَمِنْ كُلِّ الطُّيُورِ الطَّاهِرَةِ وَأَصْعَدَ مُحْرَقَاتٍ عَلَى الْمَذْبَحِ،“

الخروج ٢٠: ٢٤-٢٥ ”مَذْبَحًا مِنْ تُرَابٍ تَصْنَعُ لِي وَتَذْبَحُ عَلَيْهِ مُحْرَقَاتِكَ وَذَبَائِحَ سَلاَمَتِكَ، غَنَمَكَ وَبَقَرَكَ. فِي كُلِّ الأَمَاكِنِ الَّتِي فِيهَا أَصْنَعُ لاسْمِي ذِكْرًا آتِي إِلَيْكَ وَأُبَارِكُكَ. وَإِنْ صَنَعْتَ لِي مَذْبَحًا مِنْ حِجَارَةٍ فَلاَ تَبْنِهِ مِنْهَا مَنْحُوتَةً. إِذَا رَفَعْتَ عَلَيْهَا إِزْمِيلَكَ تُدَنِّسُهَا.“

العدد ٥: ٢٥-٢٦ ”وَيَأْخُذُ الْكَاهِنُ مِنْ يَدِ الْمَرْأَةِ تَقْدِمَةَ الْغَيْرَةِ، وَيُرَدِّدُ التَّقْدِمَةَ أَمَامَ الرَّبِّ وَيُقَدِّمُهَا إِلَى الْمَذْبَحِ. وَيَقْبِضُ الْكَاهِنُ مِنَ التَّقْدِمَةِ تَذْكَارَهَا وَيُوقِدُهُ عَلَى الْمَذْبَحِ، وَبَعْدَ ذلِكَ يَسْقِي الْمَرْأَةَ الْمَاءَ.“

التثنية ٢٦: ٤ ”فَيَأْخُذُ الْكَاهِنُ السَّلَّةَ مِنْ يَدِكَ وَيَضَعُهَا أَمَامَ مَذْبَحِ الرَّبِّ إِلهِكَ.“


مراجع