بَعل، בַּעַל

بَعل، בַּעַל

Cover Image for: baal

١- اسم البعل ومعناه
٢- سمات البعل
٣- عبادة البعل
٤- المعابد وماشابهها
٥- أشكال البعل
٦- البعل خارج الكتاب المقدس

أولاً- اسم بعل:

كان هذا الإسم ينطبق بشكل خاص على مرودخ البابلي، وقد تمَّ استخدامه لفترة من الزمن كبديل لأسمه الفعلي. وبما أنَّ اللفظ العبري يعني ”المالك أي صاحب المُلكية“ فمن المفترض أن استخدامه ضمن الإطار الديني سيشير بشكل أساسي إلى إله قطعة جغرافية معينة أو أرضٍ ما. وبالرغم من غياب الدليل المباشر على هذا الأمر، فإن معنى ”المُستَحوِذْ أو صاحب الملكية“ يرتبط بشكل أو بآخر بمعنى آخر وهو ”سَيّد، نَبيل أو أمير“. وكان (بيل-مرودخ) البابلي إله الشمس وكذلك (بعل-كان) الذي كان لقبه الكامل (بعل شِمايم) الذي يعني ”إله السماء“. ويقول الكاتب الفينيقي Sanchuniathon في (Philo Byblius, Fragmenta II) أن أطفال الجيل الأول من البشرية ”في وقت الجفاف قد مدوا أيديهم إلى السماء باتجاه الشمس؛ لأنهم قد اعتبروه ربَّ السماء الوحيد، وأطلقوا عليه اسم ”بعل-ساميم“، والتي تعني باللغة الفينيقية ”إله السماء“ وهذا ما يوفق زيوس عند الإغريق“. كان لبعل شِمايم معبداً في أم العواميد الواقعة بين عكا وصور، كما أنِّ اسمه موجود في نقوش من المستعمرات الفينيقية في سردينيا وقرطاج. وبصفته إله العواصف ومُحدِث الأمطار، فقد عُرف بعل بأنَّه الإله الذي يُحافِظُ على خصوبة المحاصيل والحيوانات والناس. وغالباً ما اعتقد أتباعه أن الممارسات الجنسية التي تتم في معبده ستساعد على تعزيز ودفع القدرات الجنسية الفائقة له وهو نوع من المساهمة في عمله في زيادة الخصوبة.

ثانياً- سمات البعل:

بوصفه إله الشمس عُبِدَ البعل وفق جانبين أحدهما مفيد والآخر مُدَمِّر. فمن جانب أول كان يقوم يمنح النور والدفء للذين يعبدونه؛ ومن جانب آخر كانت حرارة الشمس مُدَمِّرَةً للنباتات التي قام بإيجادها بنفسه. وقد تمَ تقديم الأضاحي البشرية له من أجل تهدئة غضبه في أزمنة الأوبئة وا لكوارث، وعادةً ما تكون الضحية المولود الأول للذي يُقدِّمُها حيث يتمّ حرقه وهو على قيد الحياة. ونجد أن هذا التعبير يرد في العهد القديم باستخدام كلمات مخفّفة وهي ”العبور من خلال النار“ (الملوك الثاني ١٦: ٣؛ ٢١: ٦).
تمت عبادة البعل بصور متعدِّدة وذلك كان نتيجة حتمية لتعدد الجماعات والمجتمعات التي عبدته. حيث كان لكل منطقة البعل الخاص بها أو ”الآلهة“ الخاصة بها، وعادةً ما يتخذ البعل اسمه من المدينة أو المكان الذي ينتمي إليه. وبالتالي فإننا نجد ”بعل - صور“ الذي عُبدَ في صور،  و”بعل - حرمون“ الذي عُبدَ في حرمون (القضاة ٣: ٣)؛ وكذلك ”بعل لبنان“ و”بعل طرسوس“. وفي بعض الأحيان ارتبط اسم البعل باسم الشخص الذي يعبده كما في حالة ”بعل مرودخ “في بابل، وبعل ”ملكارت“ في صور و”بعل جاد“ (يشوع ١١: ١٧) في شمال فلسطين. في بعض الأحيان كان العنصر الثاني هو إسم كما في حالة ”بعل شِمايم“ ”إله السماء“، و”بعل زبوب“ (الملوك الثاني ١: ٢) ”إله الذباب“، ”بعل هامان“ الذي يتم تفسيره عادة على أنَّه ”إله الحرارة“ ولكن الإحتمال الأرجح أنه ”إله أشعة الشمس“، وهو إله الحماية لقرطاج.
جميع هذه الأشكال المختلفة من إله الشمس كانت تعرف مجتمعةً باسم البعليم الذين أخذوا مكانهم بجانب الأنثى عشتاروت أو عشيريم. وفي قرطاج أُطلِقَ على القرين الأنثوي للبعل مصطلح ”بيني-بعل“ أي ”وجه البعل“ أو ”انعكاس البعل“.

ثالثاً- عبادة البعل:

في الأيام القديمة من التاريخ العبري كان اللقب بعل أو ”رب“ قد أُطلِقَ على الإله القومي لإسرائيل، وقد تمَّ استخدامه في الأيام المعاصرة من خلال الترجمة الإنجليزية (Authorized Version من عام ١٦١١). ونجد أن كل من يوناثان وداود قد امتلكا ابناً يدعى مريبعل (أخبار الأيام الأول ٨: ٣٤؛ ٩:٤٠) وبعلياداع (أخبار الأيام الأول ١٤: ٧). أما بعد أيام آخاب، فقد أصبح الإسم مرتبطاً بعبادة وطقوس الإله الفينيقي الذي قدَّمته إيزابيل إلى السامرة، وقد تسبب ارتباطه بالوثنية بتدهور سمعته بشكل كبير. يُعلن هوشع النبي في ٢: ١٦ أنَّه من الآن فصاعداً ينبغي ألا يُطلَق على إله اسرائيل اسم ”بعلي“، ونجد أن الأسماء الشخصية مثل إشبعل (أخبار الأيام الأول ٨: ٣٣؛ ٩: ٣٩) وبعلياداع قد طرأ عليها تغيرات شكلية، وذلك نتيجة لارتباط الإسم ”بعل“ بالخزي والعار، فنجد على سبيل المثال أن بعلياداع أصبح يُدعى بلياداع. ونجد في صموئيل الثاني أن اللفظ بعل قد تمَّ استبداله بلفظة ”بوشث בֹּשֶׁת التي تعني الخزي“ لذلك نجد أسماء مثل إشبوشث (صموئيل الثاني ٢: ٨) ومفيبوشث (صموئيل الثاني ٤: ٤). من المحتمل أن هذا الإستبدال يرجع إلى تدخل تحريري وذلك لأنه تم النظر إلى أن مصطلح ”بعل“ ليس مصطلحاً محايداً لذلك تمّت إزالة اسم الإله المكروه (هوشع ٢: ١٧). إلا أنَّه من غير المعروف تاريخ ومكان هذا التغيير.

رابعاً- المعابد:

إن معابد البعل التي أُنشئت في السامرة وأورشليم مذكورة في الملوك الأول ١٦: ٣٢؛ الملوك الثاني ١١: ١٨؛ حيث تم إنشاؤها في ذلك الوقت عندما سعت سلالة آخاب إلى جمع الإسرائيليّين واليهود والفينقيّين في شعب واحد وعبادة للإله الفينفي الوطني. وقد أُقيمت مذابح لتقديم البخور في جميع شوارع أورشليم وذلك وفقاً لما يسجله ارمياء في (١١: ١٣)، وكذلك على أسطح البيوت المستوية (ارمياء ٣٢: ٢٩)؛ وقد احتوى معبد البعل عادةً على تصوير للإله بشكل عمود في بيت إيل (الملوك الثاني ١٠: ٢٦-٢٨).
كان عدد كهنة البعل في أيام آخاب يصل إلى أربعمئة وخمسين كاهناً (الملوك الأول ١٩: ١٨)، وكان له أيضاً أنبياء (الملوك الثاني ١٠: ١٩)، وكان يوجد ملابس خاصة للطقوس المتبعة أثناء عبادته وكان يرتديها عُبّادُه (الملوك الثاني ١٠: ٢٢). القرابين الإعتيادية كانت تتألف من البخور (ارمياء ٧: ٩) والمُحرقات؛ أما في المناسبات الخاصة فإنَّه كان يتم تقديم ذبائح بشرية (ارمياء ١٩: ٥). وفي بعض الأحيان كان الكهنة يسعون للدخول في حالة من النشوة والرقص  حول المذبح وتقطيع أنفسهم بالسكاكين (الملوك الأول ١٨: ٢٦، ٢٨) وهو ما نشاهده عند بعض الدراويش الصوفيّين في الإسلام المعاصر.

خامساً- أشكال مختلفة لعبادة ”بعل“:

أ- بعل بيريث (בַּעַל בְּרִית، Βααλβερίθ): تمت عبادته في شكّيم بعد موت جدعون (القضاة ٨: ٣٣؛ ٩: ٤). وقد تمَّ استبدال الإسم في القضاة ٩: ٤٦ ليصبح إيل بيريث، ”إله العهد“. كان العهد هو الذي قطعه ذلك الإله مع عباده، إلا أنّه يوجد احتمال ضئيل بأن يكون العهد المقصود هو العهد بين الإسرائيليّين والكنعانيّين الأصليّين.
ب- بعل جاد (בַּעַל גָּד، Βαλαγάδα): هو إله الحظ الجيد (حيث أن اسم جاد يعني السعد) وقد تمت عبادته في مدينة حملت اسمه في شمال فلسطين، والتي غالباً ما يتم الإشارة إليها على أنها بعلبك اللبنانية. يتم الإشارة إلى هذا الإله في اشعياء ٦٥: ١١.
ج- بعل هامون (בַּעַל הָמוֹן، Βεελαμών) يُعرف هذا البعل فقط من خلال حقيقة أن سليمان قد امتلك حديقة تحمل هذا الإسم (نشيد الأنشاد ٨: ١١). عادة يتم تفسير الإسم بمعنى ”بعل الجموع أو الجماهير“،  إلا أن الألواح المسمارية التي عُثِرَ عليها في تلّ العمارنة في فلسطين أظهرت أن الإله المصري أمون كان قد عُبِدَ في كنعان مع البعل المحلي. لذلك فإنَّه من المُبَرَّر إن كنا سنستنتج بأنَّ بعل هامون إنما هو الإسم المحلي لأمون حيث يمكن أن يُقرأ الإسم بشكل بعل-آمون وذلك بعد موازاة الإسم مع بعل مروداخ البابليّ. وتجدر الملاحظة هنا إلى أنَّه يختلف عن الإله القرطاجيّ بعل-هامان.
د- بعل حرمون (בַּעַל חֶרְמוֹן، Βαλαερμών): يمكن العثور عليه باسم ”جبل بعل حرمون“ (القضاة ٣: ٣؛ قارن أخبار الأيام الأول ٥: ٢٣) ويُعرف أيضاً باسمي ”سريون“ و”سنير“ حيث أن الفينقيّين (الصيدونيّين) لقبوه سريون والأموريّين لقبوه سنير، واللفظ السرياني يأتي ”سانيرو“ (دانيال ٣: ٩). إن بعل حرمون يشكل نسخة مشابهة أو صورة أُخرى لبعل لبنان الذي عُثر عليه في نقش من قبرص. ويقول الكاتب الفينيقي Sanchuniathon في (Philo Byblius, Fragmenta II) أن الجيل الثالث من الرجال ”وَلدوا أبناء ذوي بنية وقامة مدهشين، وقد أُطلِقَت أسماؤهم على الجبال التي تملَّكوها“.
ه- بعل فغور (בַּעַל פְּעוֹר، Βεελφεγώρ): هو إله الجبال للموآبيّين، والذي أخذ اسمه من جبل فغور (العدد ٢٣: ٢٨)، ويقول جيروم في تعليقه على اشعياء ١٥ أن فغور ربما كان شكلاً من أشكال كموش. وتشير الطقوس التي كانت تتم أثناء عبادته إلى وجود علاقة مع البعل الفينقيّ.
و- بعل زبوب (בַּעַל זְבוּב، Βααλμυία Θεός): يعني اسمه ”بعل إله الذباب“ وقد تمَّت عبادته في عقرون حيث كان لديه عرافة (كهانة) مشهورة (الملوك الثاني ١: ٢، ٣، ١٦). يتم ترجمة الإسم بشكل عام بلفظ ”إله الذباب“، وهو يرتبط عادةً بإله الشمس وذلك لانتشار أسراب الذباب خلال أشهر الصيف في منطقة فلسطين. كما تتم الإشارة إليه في العهد الجديد باسم بعلزبول (متى ١٠: ٢٥؛ مرقس ٣: ٢٢؛ لوقا ١١: ١٥).

سادساً- ”بعل“ خارج الكتاب المقدس:

أ- ”بعل“ في أوغاريت: تُظهر الألواح الحجرية في أوغاريت وجود تفاعل بين البعل والآلهة الأُخرى، وبشكل خاص بهدف إظهار تفوّقه. وقد اعتمد الكنعانيّون بشكل عامّ على اقتصاد زراعي اعتمد على الخيرات الطبيعية من خصوبة الحقول وثمار الحيوانات التي تستخدم في انتاج المحاصيل أيضاً. وكانوا يعيشون في أرض يُشكل الجفاف تهديداً أكبر مما تشكله الأمطار الفيضانيّة. ولهذا نجد أن عباداتهم قد ارتكزت على الأمطار والطبيعة والخصوبة - وهو ما يتطلب تركيزاً إضافياً وخاصاً على النشاط الجنسي. غالباً ما نجد أن البعل في النصوص الأوغاريتية  يُحاط بمجموعة من الآلهة، وفي الغالب يتم تصويرهم في حالة من الجماع الجنسي الجماعي. وقد كانت الدعارة (من الجنسين ذكور وإناث) جزءاً من عبادتهم.

**الآلهة التي تمَّ إدراجها هي:
*** إِل: وهو أبو الآلهة. وهو الإسم الموافق ل”إله“ أو ”معبود“ في اللغات الساميّة بشكل عام. ويرد في البابلية بلفظ ”إيلو“. ونجد في الأساطير البابلية أن قوة ونفوذ ”إِل“ قد تضائلا بشكل كبير حيث عزله بعل وحلَّ مكانه في نهاية المطاف (Archer, Old Testament Introduction, 150n2).
* أشيرا (عشيره): وهي زوجة الإله ”إِل“ التي منها أنجب ٧٠ إلهاً. وكانت تُعرف أيضاً على أنها ” عشيره، إلهة البحر“، إلا أنَّ الولاء لها لم يقتصر فقط على المناطق الساحلية. فقد عبدها الناس في ”سواري عشيرة“ التي كانت تُبنى غالباً من الأخشاب وهو ما قد يُفسّر عدم وجود بقايا لها. كانت عشيره تُمثِّل الجنس والخصوبة.
* عشتوريث: واحدة من وزجات بعل وهي آلهة الحب، الجمال والجنس. وغالباً ما يتم الإشارة إليها بصيغة الجمع ”عشتاروث“. تُعرف باللغة الأكادية بإسم ”عِشتار“ وفي بابل عُرِفَت بإسم ”عَشتار“. كما كان يتم الإشارة إلى عشتوريث باسم إيلاث ”الإلهة“ حيث يظهر في بداية اسمها ”إِل“ في إشارة إلى أنها نظيرة للإله ”إِل“ وذلك على الرغم من ارتباطها بشكل عام بالإله بعل. يتم تصويرها بشكل عام مع قرنين على رأسها.
*عناة: الزوجة الثانية لبعل وهي آلهة الحرب والخصوبة المتعطشة للدماء. يطلق عليها لقب ”عذراء“ إلا أنه يوجد قصة واحدة على الأقل تُشكِّك في صحة هذا اللقب (Ancient Near Eastern Text pp.116-118)
* داجون: وهو اسم يُطلق في الأقراص الحجرية التي وُجِدَت في راس شمرا على إله النباتات والخصوبة. لكن في القصص الأسطورية نجد بشكل متكرّر أن بعل يحمل اسم ”ابن داجون“ أو ”ابن إِل“.
يوجد عدد من الأساطير التي تتحدث عن بعل وقد وُجِدَت في أقراص حجرية من أوغاريت وإليكم ملخص عنها (النص الكامل موجود في كتاب: نصوص الشرق الأدنى القديم ص: ٩٢-١١٦؛ ANET):
I- أعطى ”إِل“ توجيهات ل”كوثار“ إله الصناعات والحِرَف ببناء قصر لإله البحر ”يام“ الذي كان يُدعى الإبن المُفضَّل ل”إِل“. قام ”يام“ باستغلال هذه الواقعة وطلب أن يأخذ ”بعل“ كسجين فوافق ”إِل“ بشكل مباشر. فأعطى ”كوثار“ ل”بعل“ هراوتين تجعلان منه منيعاً لا يُقهر. إلا أنَّ ”بعل“ قد استخدم الهراوتين ضد ”يام“ وكان من الممكن أن يُدمِّرَه لولا تَدَخُّل ”عشتوريث“.
II- أخبر بعل عشيره عن رغبته ببناء قصر. فقامت ”عشيره“ و”عناة“ بتقديم الموضع ل”إِل“ الذي أوعز ل”كوثار“ بأن يقوم ببناء هذا الهيكل الرائع. عند انتاء البناء عُقِدَت مأدبة حضرها جميع الآلهة ما عدا ”يام“.
III- على الرغم من أن بعل استطاع أن يقاوم جميع الآلهة تقريباً، إلا أنَّه لم يستطع مقاومة ”موت“ إله الموت. أدرك ”بعل“ هذه الحقيقة ووقع تحت قبضة ”موت“ ومات. على إثر موت ”بعل“ حزنت الآلهة الأُخرى وفزعت. وبما أنَّ بعل كان إله العواصف، توقف المطر. وكلما طالت مُدَّة وفاته كلما زاد الجفاف. لم يقبل ”موت“ تضرعات أي  شخص لتحقيق الطلبات المستحيلة. أُعطيت للإله الصغير ”عثتار“ فرصة في أن يحلَّ محلَّ ”بعل“ كملك للآلهة، إلا أنَّه رفض هذه الفرصة وذلك بعد أن اكتشف أن العرش مرتفع جداً لدرجة أن قدمية لا تطآا الأرض. فقام ”عناة“ بزيارة ”موت“، وقطَّعه إلى أجزاء صغيرة وقام بتوزيعها وزراعتها في جميع أنحاء الريف. ومع ظهور حياة جديدة يتم إحياء ”بعل“. ويتكرَّر هذا السينارو بشكل سنوي مع تناوب المواسم.

ب- ”بعل“ في إيبلا: تحتوي الألواح التي تمَّ العثور عليها في إيبلا على تسجيلات تختص بمجموعة من الآلهة الكنعانية، إلا أن بعض الأسماء والعلاقات التي تجمعها تختلف عن تلك المذكورة في أوغاريت. فيما يتعلق بالإله ”بعل“ إما أنَّه كان يوجد إلهان للعواصف أو أنَّه إله واحد يحمل إسمان هما ”بعل“ و”حداد“, ومع انتشار الحضارة الأوغاريتية أصبح ”حداد“ اسماً آخر ل”بعل“ ونجد أن بعض الثقافات مثل الآراميّين قد عبدو ”بعل“ تحت مُسمّى ”حداد“. ومن الممكن أن يتم تفسير الإشارة إلى ”بعل“ على أنَّه ”ابن داجون“ من خلال ظهور داجون على أنَّه الإله الأعظم أو رئيس الآلهة في إيبلا. إن دور ”داجون“ هو ثانوي وفق الأساطير الأوغاريتية التي تتحدث عن ”بعل“.

إن الإسم العبري بعل (בַּעַל وتُقرأ بَعَل) هو اسم مُشتق من الفعل (בַּעַל الذي يمتلك ذات اللفظ) ويحمل معاني متعدّدة مثل: يتزوَّج أو يُصبِح زوجاً، أو يمتلك سُلطان أو حُكم. وقد يشير الإسم إلى ”البعليم“ بمعنى الآلهة الوثنية التي عبدها وثنيو بني كنعان.
ونجد أن إيليا قد دُعيَ من قِبَل الربّ إلى محاربة الإله الرئيسي لكنعان. وعلى جبل الكرمل دعاه الرب ليثبت أن الله هو الرب وليس البعل! إن إيليا كان قد أوعز إلى شعب اسرائيل بأن يذهب ويعبد البعل إن كان هو الله. وإلا فإنهم يجب أن يتبعوا الرب الإله (يهوه) (الملوك الأول ١٨: ٢١. وقد أظهر إيليا أن البعل لم يستطع ولن يستطيع أن يستجيب لصراخ أتباعه حتى أنَّه هزء بهم وبآلهتهم (الملوك الأول ١٨: ٢٦).
إن مصطلح ”البعليم“ العام يعتبر من المصطلحات الهامة، وذلك لأنه قد تواجد العديد من البعليم في أرض كنعان وقد كانت تمثل جميع أنواع ”الآلهة والمعبودات“ وحتى ”قوى الطبيعة“. ونقرأ أن بلعام قد استدرج شعب اسرائيل حين كانوا في البرية إلى عبادة بعل فغور. أما في عالمنا المعاصر فإنه يمكن لمصطلح ”البعليم” أن يمثل أيّ واحدة من الآلهة المعاصرة، سواء كانت الثروة أم الشهوة أم النجاح أم الأشياء والأغراض الدينية. جميع هذه الأشياء هي ”بعليم“ وذلك لأنها تُبعدنا عن عبادة الله وتجتذبنا إلى العبادة الوثنية سواء كان ذلك من خلال عبادة الذات أو عبادة الأشياء أو عبادة الأماكن أو الأفكار بالطريقة عينها التي فعلتها أوثان أرض كنعان مع شعب إسرائيل. لكن نحن نمتلك كلمة الله النبوية في العهد القديم وفي العهد الجديد التي تُظهر لنا الإله الحقيقي لكي نتَّبعه.
إن بولس الرسول قد لاحظ أن الله قد حَفِظَ بقيّةً باقية من اليهود مُختارةٌ بالنعمة ولم تحني ركبة لبعل (رومية ١١: ٤؛ الملوك الأول ١٩: ١٨). لكن النعمة الإلهية لم تحفظ اليهود المختارين فحسب، بل هي حافظة لكل المؤمنين (أفسس ٢: ٨). يجب علينا كمؤمنين أن نتأكد من عدم اتِّباعنا أو عبادتنا لأي شيء آخر غير الرب الإله الحقيقي. كما أنَّه من الواجب علينا أن نقوم بتعليم أبناءنا وجميع معارفنا أنَّه لا يوجد سوى ربُّ حقيقيٌّ واحد وهو إله ابراهيم واسحق ويعقوب الذي أعلن عن ذاته في الكلمة المقدسة باسم يهوه إله اسرائيل. ومن ثمَّ في نهاية الأزمنة، تجسَّد من امرأة واتَّخذ منها طبيعتنا ليقدِّمَ نفسه كَفَّارةً لأجل خطايانا ويعلّقها على خشبة الصليب. ومن ثمَّ يهزم الموت الذي هو آخر عدوٍّ لنا ليكسر سلطانه وشوكته ويحرِّرنا من عبودية الخطيئة لنصبح أبناء الله بالتبني بالإيمان بيسوع المسيح.


الآيات المفتاحية:

العدد ٢٥: ٥ ”فَقَالَ مُوسَى لِقُضَاةِ إِسْرَائِيلَ: «اقْتُلُوا كُلُّ وَاحِدٍ قَوْمَهُ الْمُتَعَلِّقِينَ بِبَعْلِ فَغُورَ».“

الملوك الأول ١٦: ٣١ ”وَكَأَنَّهُ كَانَ أَمْرًا زَهِيدًا سُلُوكُهُ فِي خَطَايَا يَرُبْعَامَ بْنِ نَبَاطَ، حَتَّى اتَّخَذَ إِيزَابَلَ ابْنَةَ أَثْبَعَلَ مَلِكِ الصِّيدُونِيِّينَ امْرَأَةً، وَعَبَدَ الْبَعْلَ وَسَجَدَ لَهُ.“

الملوك الأول ١٩: ١٨ ”وَقَدْ أَبْقَيْتُ فِي إِسْرَائِيلَ سَبْعَةَ آلاَفٍ، كُلَّ الرُّكَبِ الَّتِي لَمْ تَجْثُ لِلْبَعْلِ وَكُلَّ فَمٍ لَمْ يُقَبِّلْهُ».“

المزمور ١٠٦: ٢٨ ”وَتَعَلَّقُوا بِبَعْلِ فَغُورَ، وَأَكَلُوا ذَبَائِحَ الْمَوْتَى.“.


مراجع:

  • Carpenter, E. E., & Comfort, P. W. (2000). In Holman treasury of key Bible words: 200 Greek and 200 Hebrew words defined and explained (p. 14). Nashville, TN: Broadman & Holman Publishers.
  • Strong, J. (2009). A Concise Dictionary of the Words in the Greek Testament and The Hebrew Bible%2c+be+husband%2c+marry+(-ried%2c+%C3%97+wife).~) (Vol. 2, p. 22). Bellingham, WA: Logos Bible Software.
  • Corduan, W. (2016). Baal. In J. D. Barry, D. Bomar, D. R. Brown, R. Klippenstein, D. Mangum, C. Sinclair Wolcott, … W. Widder (Eds.), The Lexham Bible Dictionary. Bellingham, WA: Lexham Press.
  • Balogh, A. L., & Mangum, D. (2016). Baal Cycle. In J. D. Barry, D. Bomar, D. R. Brown, R. Klippenstein, D. Mangum, C. Sinclair Wolcott, … W. Widder (Eds.), The Lexham Bible Dictionary. Bellingham, WA: Lexham Press.
  • Brueggemann, D. A. (2016). Baal, Critical Issues. In J. D. Barry, D. Bomar, D. R. Brown, R. Klippenstein, D. Mangum, C. Sinclair Wolcott, … W. Widder (Eds.), The Lexham Bible Dictionary. Bellingham, WA: Lexham Press.
  • Vos, H. F. (1988). Baal. In Baker encyclopedia of the Bible (Vol. 1, p. 239). Grand Rapids, MI: Baker Book House.
  • Shepherd, T. J. (1880). In The Westminster Bible Dictionary (pp. 68–70). Philadelphia: Presbyterian Board of Publication.
  • Newell, J. (2003). Ball. In C. Brand, C. Draper, A. England, S. Bond, E. R. Clendenen, & T. C. Butler (Eds.), Holman Illustrated Bible Dictionary (p. 152). Nashville, TN: Holman Bible Publishers. (الصورة)
  • Orr, J., Nuelsen, J. L., Mullins, E. Y., & Evans, M. O. (Eds.). (1915). Baal. In The International Standard Bible Encyclopaedia (Vol. 1–5, pp. 345–348). Chicago: The Howard-Severance Company.