غصن- צֶמַח [تسيماخ]

غصن- צֶמַח [تسيماخ]

Cover Image for: branch

مع مضيّ فصل الشتاء وابتداء فصل الربيع نجد حدثاً متوقعاً وهو نموّ الأغصان الجديدة والفروع والبراعم من النباتات والأشجار. وعلى المستوى البشري فإن ولادة طفل جديدٍ للعائلة يُفهم أيضاً على أنَّه نوعٌ من النمو ويُعتبر ذلك الطفل ”فرعاً“ جديداً لها - على الرَّغم من أننا قد انتقلنا من الثقافة الزراعية عموماً إلى الثقافة المعاصرة التي تتميز بالحداثة. ونجد أن هذين المفهومين ينطبقان على شجرة العائلة ليسّى في العهد القديم وذلك في اشعياء ١١: ١ ”وَيَخْرُجُ قَضِيبٌ مِنْ جِذْعِ يَسَّى، وَيَنْبُتُ غُصْنٌ مِنْ أُصُولِهِ،“. إن نموّ قضيب أو غصن من نبتة ما هو أمر متوقع ولن يكون مفاجئاً حين ينتج عن نبتة حيّة. إلا أنَّ حدوثه من نبتة ميتة أو جذع ميّت يابس سيدفع أيَّ شخص للتوقف والتساؤل. وهكذا كان حال العبرانيين في أيام زكريا. ذلك لأن شجرة عائلة يسّى - وهي سلالة داود الملكية - كانت مجرّد قصاصة غصن مقطوعة بعد السبي البابلي. لم تكن تلك العائلة مزدهرة وكثيرة العدد وذات صيت. وعلى الرغم من ذلك فإننا نجد أن الله قد وعد بأن يُخرج من ذلك الجذع غصناً ينمو في أحد الأيام ليصبح شجرة ملوكيّة. وهذا الغصن سيبدأ بزربابل (زكريا ٣: ٨؛ ٦:١٢).

ترد كلمة غصن اثنتي عشر مرّة فقط في العهد القديم وتشير بشكل حرفيّ إلى البرعم أو فرع من نبات أو شجرة. كما يمكن أن يتم استخدام هذه الكلمة بالمعنى العام الذي يشير إلى ”النموّ“ أو ”التبرعم“ (كما في التكوين ١٩: ٢٥ ”وَقَلَبَ تِلْكَ الْمُدُنَ، وَكُلَّ الدَّائِرَةِ، وَجَمِيعَ سُكَّانِ الْمُدُنِ، وَنَبَاتَ الأَرْضِ.“؛ إشعياء ٦١: ١١ ”لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الأَرْضَ تُخْرِجُ نَبَاتَهَا، وَكَمَا أَنَّ الْجَنَّةَ تُنْبِتُ مَزْرُوعَاتِهَا، هكَذَا السَّيِّدُ الرَّبُّ يُنْبِتُ بِرًّا وَتَسْبِيحًا أَمَامَ كُلِّ الأُمَمِ.“). أو أن يتم استخدامها بمعنى نبات واحدٍ أو فرع منفرد كما في هوشع ٨: ٧ ”«إِنَّهُمْ يَزْرَعُونَ الرِّيحَ وَيَحْصُدُونَ الزَّوْبَعَةَ. زَرْعٌ لَيْسَ لَهُ غَلَّةٌ لاَ يَصْنَعُ دَقِيقًا. وَإِنْ صَنَعَ، فَالْغُرَبَاءُ تَبْتَلِعُهُ“.

الأمر الآخر هو المعنى المجازي لكلمة ”غصن“ حيث أنها تشير إلى أرض اسرائيل كما في إشعياء ٤: ٢ ”فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ غُصْنُ الرَّبِّ بَهَاءً وَمَجْدًا، وَثَمَرُ الأَرْضِ فَخْرًا وَزِينَةً لِلنَّاجِينَ مِنْ إِسْرَائِيلَ.“ وكلقب للمسيح الملك في نبوءات العهد القديم كما في ارمياء ٢٣: ٥ ”«هَا أَيَّامٌ تَأْتِي، يَقُولُ الرَّبُّ، وَأُقِيمُ لِدَاوُدَ غُصْنَ بِرّ، فَيَمْلِكُ مَلِكٌ وَيَنْجَحُ، وَيُجْرِي حَقًّا وَعَدْلاً فِي الأَرْضِ.“ وارمياء ٣٣: ١٥ ”فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَفِي ذلِكَ الزَّمَانِ أُنْبِتُ لِدَاوُدَ غُصْنَ الْبِرِّ، فَيُجْرِي عَدْلاً وَبِرًّا فِي الأَرْضِ“. إن ارمياء يقدّم نبوءة عن اليوم الذي ينبت فيه فرع أو غصن من بيت داود ليملك ويستعيد اسرائيل ويهوذا كما هو وارد في ارمياء ٢٣: ٥. ”غصن البر“ هذا يمتلك لقباً آخر وهو ”الرَّبُّ بِرُّنَا“ وهو مذكور ارمياء ٢٣: ٦. أما ارمياء ٣٣: ١٥ فهي تصف لنا العدل والبرّ الذان يرافقان حُكمَ المَلِك هذا حيث تتم المقارنة مع حكم الملك الشرير صدقيا.

في سفر زكريا نجد أن مصطلح ”غصن“ يترافق مع كلمة ”عبدي“ وذلك في زكريا ٣: ٨ ”فَاسْمَعْ يَا يَهُوشَعُ الْكَاهِنُ الْعَظِيمُ أَنْتَ وَرُفَقَاؤُكَ الْجَالِسُونَ أَمَامَكَ، لأَنَّهُمْ رِجَالُ آيَةٍ، لأَنِّي هأَنَذَا آتِي بِعَبْدِي «الْغُصْنِ».“ وهو لقب مسياني آخر يرد عدة مرات في العهد القديم (كما في اشعياء ٥٢: ١٣؛ ٥٣: ١١). على ما يبدو أن النبي اشعياء قد فهم أن حكم زربابل الذي تلى السبي كان إتماماً جزئياً لنبوءة ارمياء. ويقدّم النبي زكريا الكاهن العظيم يهوشع على أنَّه رمز ”للعبد الغصن“ المُستقبليّ الذي سيأتي من قِبَل الربّ. إن الغضن سيقوم بوظيفة كهنوتية لاستعادة العبادة السليمة والصالحة إلى الأرض. وسيتم من خلاله أيضاً استعادة السلالة الملوكية وإقامة أمجاد السلالة الكهنوتية.

تجدر الملاحظة إلى أنَّ ”الغُصن“ لم يُطلق على يسوع المسيح بشكل مباشر في العهد الجديد، إنما نجد إشارات وتلميحات تتصل بهذا المصطلح كما في مثل الكرمة والأغصان (يوحنا ١٥: ١-٨)، وفي استخدام أغصان النخيل في الإستقبال الملوكي ليسوع في مدينة أورشليم (يوحنا ١٢: ١٣؛ مرقس ١١: ٨). يوجد البعض من الدارسين ممن اتخذوا الإشارة غير الواضحة من خلال دعوة المسيح بأنَّه ”ناصريّ“ وذلك كإشارة إلى ”الغصن“ وذلك لأنه في اشعياء ١١: ١ نجد استخداماً للكلمة العبرية ناتزير נֵ֖צֶר التي تتشابه في اللفظ مع الكلمة اليونانية المستخدمة في وصف يسوع الناصري في متى ٢: ٢٣ Ναζωραῖος نازاريوس.

إن يسوع هو المسيح الذي أُنبئ عن قدومه بطرق مباشرة وغير مباشرة وفي مواضع وآيات وأحداث عديدة عبر صفحات الوحي المقدس، وهو الإله الذي اتخذ طبيعتنا البشرية ليحمل عار خطايانا ويُعلِّقها على خشبة الصليب ويُحسب لعنةً من أجلنا، وبموته الكفاري مسح الصكَّ القديم الذي علينا ليمنحنا حياةً أبدية ويَحسبَ لنا البرَّ الذي عاشه كما حُسِبَت له الخطايا التي ارتكبناها. جميع هذه البركات تُمنَح مجّاناً للمؤمنين من خلال النعمة الإلهية في الإيمان بإسم يسوع المسيح الفادي والمخلص الوحيد.


الآيات المفتاحية:

ارمياء ٢٣: ٥ ”«هَا أَيَّامٌ تَأْتِي، يَقُولُ الرَّبُّ، وَأُقِيمُ لِدَاوُدَ غُصْنَ بِرّ، فَيَمْلِكُ مَلِكٌ وَيَنْجَحُ، وَيُجْرِي حَقًّا وَعَدْلاً فِي الأَرْضِ.“

ارمياء ٣٣: ١٥ ”فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَفِي ذلِكَ الزَّمَانِ أُنْبِتُ لِدَاوُدَ غُصْنَ الْبِرِّ، فَيُجْرِي عَدْلاً وَبِرًّا فِي الأَرْضِ“

زكريا ٣: ٨ ”فَاسْمَعْ يَا يَهُوشَعُ الْكَاهِنُ الْعَظِيمُ أَنْتَ وَرُفَقَاؤُكَ الْجَالِسُونَ أَمَامَكَ، لأَنَّهُمْ رِجَالُ آيَةٍ، لأَنِّي هأَنَذَا آتِي بِعَبْدِي «الْغُصْنِ».“

زكريا ٦: ١٢ ”وَكَلِّمْهُ قَائِلاً: هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ قَائِلاً: هُوَذَا الرَّجُلُ «الْغُصْنُ» اسْمُهُ. وَمِنْ مَكَانِهِ يَنْبُتُ وَيَبْنِي هَيْكَلَ الرَّبِّ.“


مراجع

  • Baldwin, Joyce G. Haggai, Zechariah and Malachi: An Introduction and Commentary. Vol. 28. Tyndale Old Testament Commentaries. Downers Grove, IL: InterVarsity Press, 1972.

  • Bracke, John M. “Branch.” Edited by David Noel Freedman. The Anchor Yale Bible Dictionary. New York: Doubleday, 1992.

  • Brown, Francis, Samuel Rolles Driver, and Charles Augustus Briggs. Enhanced Brown-Driver-Briggs Hebrew and English Lexicon. Oxford: Clarendon Press, 1977.

  • Carpenter, Eugene E., and Philip W. Comfort. Holman Treasury of Key Bible Words: 200 Greek and 200 Hebrew Words Defined and Explained. Nashville, TN: Broadman & Holman Publishers, 2000.

  • Hill, Andrew E. Haggai, Zechariah and Malachi: An Introduction and Commentary. Edited by David G. Firth. Vol. 28. Tyndale Old Testament Commentaries. Nottingham, England: Inter-Varsity Press, 2012.

  • Landes, George M. Building Your Biblical Hebrew Vocabulary: Learning Words by Frequency and Cognate. Vol. 41. Resources for Biblical Study. Atlanta, GA: Society of Biblical Literature, 2001.

  • Mangum, Douglas, Derek R. Brown, Rachel Klippenstein, and Rebekah Hurst, eds. Lexham Theological Wordbook. Lexham Bible Reference Series. Bellingham, WA: Lexham Press, 2014.

  • Masterman, E. W. G. “Branch Bough.” Edited by James Orr, John L. Nuelsen, Edgar Y. Mullins, and Morris O. Evans. The International Standard Bible Encyclopaedia. Chicago: The Howard-Severance Company, 1915.

  • Osborne, Grant R. “Branch.” Baker Encyclopedia of the Bible. Grand Rapids, MI: Baker Book House, 1988.

  • Van Pelt, Miles V. Biblical Hebrew: A Compact Guide. Grand Rapids, MI: Zondervan, 2012.

  • Phillips, Richard D. Zechariah. Edited by Richard D. Phillips, Philip Graham Ryken, and Iain M. Duguid. Reformed Expository Commentary. Phillipsburg, NJ: P&R Publishing, 2007.

  • Swanson, James. Dictionary of Biblical Languages with Semantic Domains : Hebrew (Old Testament). Oak Harbor: Logos Research Systems, Inc., 1997.

  • Thayer, Joseph Henry. A Greek-English Lexicon of the New Testament: Being Grimm’s Wilke's Clavis Novi Testamenti. New York: Harper & Brothers., 1889.

  • Whitaker, Richard, Francis Brown, S.R. (Samuel Rolles) Driver, and Charles A. (Charles Augustus) Briggs. The Abridged Brown-Driver-Briggs Hebrew-English Lexicon of the Old Testament: From A Hebrew and English Lexicon of the Old Testament by Francis Brown, S.R. Driver and Charles Briggs, Based on the Lexicon of Wilhelm Gesenius. Boston; New York: Houghton, Mifflin and Company, 1906.

الوسوم

عبريغصن